أجمع الكتاب و المؤلفون في الشرق والغرب على أن الخط العربي فن إبداعي لم ينل عند أمة من الأمم أو حضارة من الحضارات ماناله عند العرب والمسلمين من العناية به والتفنن فيه فاتخذوه أولا وسيلة للمعرفة و نقل الأفكار ثم أصبح فنا يزين الكتب و الدواوين وجدران وسقوف المساجد والعمائر الضخمة فكان زخرفة وفنا بذاته عدا ما يحمله من آيات و أشعار وحكم و أفكار و أصبح ما بين البناء التشكيلي و المضمون المعنوي تلاحم عضوي يشبه ما بين اللحن او التجربة وبين اللفظ الشريف. وكان الخط صورة روحها البيان ولكن هذا الجمال الشكلي في الخط لم يكن نتيجة الارتباط بالنسبة الأفضل ويقول إخوان الصفا.« إن أجود الخطوط و أصح الكتابات و أحسن المؤلفات ماكان مقادير حروفها لبعضها من بعض على النسبة الأفضل.كما أن الخط العربي شأنه شأن الفنون التشكيلية الأخرى التي أبدعها العرب و المسلمون يقدم على فلسفة جمالية متميزة عن الجمالية الغربية ومن أهم مميزاتها تلاحم الشكل مع الموضوع وهو موضوع روحي غالبا.» «هو هندسة روحية ظهرت بآلة جسدية «كما يقول أبو حيان ويؤكد علي ابن أبي طالب هذا التلاحم فيقول (الخط الحسن يزيد الحق وضوحا) ويحلل الفلاسفة العلاقة بين العقل و النفس الطبيعية وهي علاقة نسبية يبقى الله عز و جل السبب الأساسي فيها. كما انطلق الفن المعاصر من الوشم والتخطيط ليتخذ الجسد محملا تشكيليا في القبائل الإفريقية و الهندية. فالجسد متحرك بطبيعته مع التأكيد بأنه مادة حية مميزة عن بقية المواد ومرتبطة بشكل وثيق بالروح ودورها في الحفاظ على ميزة هذه المادة ووجودها حيث تبعث فيها الحياة الناتجة عن حركتها.مع العلم أن بتوقف الحركة ينجز انفصال الروح عن الجسد وبالتالي يحل الموت محل الحياة فهو الاشتراك مع بقية المواد و المحامل في جمودها و سكونها. فتتوالد المسائل التي تطرح و الأسئلة التي تدفع إلى البحث في قيمة الجسد في التعبير التشكيلي المعاصر كما تختلف المفاهيم و تتغير المصطلحات فهي الأسس الجمالية التي تتحكم في توظيف بعض الفنانين للجسد بالتالي اعتبارنا الجسد موضوعا للعمل الفني هو اتفاق على انه مركز اهتمام و موضوع إبداع فرغم تعدد المحامل و تنوعها يبقى الجسد عنصرا تشكيليا و واقع و حقيقة في المنظومة التشكيلية فالجسد خاضع إلى كل التطورات الحاصلة فكرية كانت , ثقافية أو تكنولوجية في الفن المعاصر. فكيف للجسد صانع الفن أن يتحول إلى حامل له ؟ و هل أن الجسد رمز من رموز الحداثة في الفن ؟ وما مدى تأثير الجسد في الفن المعاصر ؟ أن اتخاذ الجسد موضوعا للفن التشكيلي و العرض الفرجوي كان منطلقه الوشم الذي تجسم في العلامات و الدلالات الخطية و الرسومات المحفورة على البشرة بما هي ظاهرة موصولة بطقوس و عادات و تقاليد في قبائل افريقية و هندية. كما استفاد الفنان التشكيلي المعاصر من العفوية الفنية ليتحول بذلك من ظاهرة فنية باختلاف ألوانها و أشكالها و أساليب عروضها بما في ذلك من تشخيص و تصوير و تجريد و تطويعه محملا تشكيليا وفق رؤى جديدة ناتجة عن تصورات فلسفية حديثة وظف فيها الجسد بوصفة مادة حية اشتغل عليها الفنان ليخلق أشكالا تتفاعل فيما بينها تزامنا مع حركة الجسد. من خلال التوظيف الحي للجسد هو طرح للتساؤل حول انصهاره في حيز تشكيلي ارحب بتحوله من نموذج محاكي لموضوع مؤثر بالتالي هو القطع مع المحامل التقليدية الثنائية الأبعاد ليصبح عنصرا حيا يحقق وظيفة المحمل التشكيلي للأثر بالتالي هو الجمع بين ثبات العلامة المخطوطية و حركة حاملها كحقيقة ثابتة. كما أن الجسد كان في فترة ما موضوعا مرسوما إلى أن أصبح فضاء للرسم أصبحت فيه العلامات و التكوينات الخطية متأثرة بفضاء متحرك ثلاثي الأبعاد مخفى وراء منظومة حياتية متكاملة ماهر عمارة الماجستير في جماليات وممارسات الفنون المرئية جامعي وباحث دكتوراه في علوم وتقنيات الفنون