من المنتظر ان تشرع مكاتب الاستشارة في التدقيق المالي في تدقيق أوضاع البنوك التونسية العمومية خلال الأيام القادمة. وكانت الحكومة التونسية قد أجرت طلب عرض دولي لإسناد مهمة التدقيق المالي لهذه البنوك وقد أسفر النتائج عن اختيار مجمع التدقيق «بي. دوبل في. سي» لتدقيق حسابات الشركة التونسية للبنك بمبلغ قدره 2.6 مليون دينار. واختيار مجمع «رولون بيرجي» لتدقيق حسابات بنك الإسكان بمبلغ جملي قدره 2.369 مليون دينار في حين لم يقع تعيين مكتب لتدقيق حسابات البنك الوطني الفلاحي. وتجدر الإشارة إلى أن مصير هذه البنوك بعد التدقيق مازال غامضا حيث لا توجد خطة واضحة للتعامل معها. وإذ يبدو من المنطقي أن لا توضع الخطة إلا بعد التدقيق فان التوجه العام لا يحتاج إلى النتائج المحاسباتية لتقرير مصير هذه المؤسسات البنكية العريقة. ويخشى الملاحظون من أن تختار الحكومة الحلول السهلة وان تسارع إلى التفويت في هذه المكاسب الوطنية بحجة جمع الأموال لتغطية العجز. ويقدر الخبراء أن الحكومة أمام ثلاث خيارات وهي الدمج في بنك واحد أو التفويت أو تحسين التصرف عبر تغيير الإدارة. وأمام سعي الحكومة في عدة مناسبات سابقة إلى توفير التمويلات والتفريط في المؤسسات الاقتصادية الأنجع والأبرز وفي حصصها في ما وقع مصادرته من أموال فان خيار التفويت للقطاع الخاص يضل الحل الأبرز الذي تحبذه الحكومة. تداعيات اقتصادية واجتماعية ويعتبر الملاحظون أن نهج التفويت في المؤسسات العمومية أو تلك المملوكة من طرف الدولة قد عكر الوضع الاقتصادي وزاد في حالة التأزم خاصة وان المؤسسات المخوصصة كانت تمثل حلولا تنموية كبيرة. ولذلك يخشى الخبراء من اعتماد نفس النهج والأسلوب مع الشركات البنكية العمومية الثلاث والتفريط فيها من طرف الحكومة رغم وزنها الاقتصادي ويحذرون في المقابل من تأثيرات ذلك على الاقتصاد. وإذ يتفق اغلب الخبراء في ضرورة إصلاح المنظومة البنكية فان الاختلاف حاصل بين أصحاب نزعة البيع والتفويت وأصحاب الطرح لاجتماعي حيث يرى أصحاب الرأي الأول أن الإصلاح يجب أن يهدف إلى جعل البنوك في خدمة الاستثمار وبمعزل عن الدولة في حين يرى أصحاب الرأي الثاني أن الإصلاح يجب أن يهدف إلى جعل البنوك في خدمة الاقتصاد التضامني وفي خدمة الفئات الفقيرة والمتوسطة. وعموما فان تونس قد خاضت تجربة الخوصصة والتفويت في المنشئات العمومية خلال فترة التسعينات. وقد كانت نتيجة عمليات التفويت الوضع الاقتصادي الخانق الذي عرفته تونس خلال السنوات الأخيرة لذلك فانه من العبث في كل الأحوال أن تسعى أي حكومة إلى التفويت في القطاع البنكي العمومي تحت حجة المالي الصعب.