مرّة أخرى يتزامن الاحتفال بالعيد المبارك مع يوم صدور أو توزيع الجريدة. وقد اضطرنا هذا العامل الضاغط إلى اختصار المساحة المخصصة للتحرير واختصار وقت الانجاز والطباعة، ورغم أنّ عملية الاختصارات كانت ضرورية حتى يتمكّن العاملون هنا من أخذ قسطهم في الاحتفال بالعيد مع ذويهم وعائلاتهم وخاصة منهم الذين يعودن إلى مسقط الرأس، فإنّنا لم نستطع اختصار المجهود الذي تطلّبه الاختصار، ذلك أنّ الصوم أخذ من الصائمين مأخذه، فتراجعت حركتهم وزاد صمتهم وتشتّتت أفكارهم بين واجب العمل وغيره من الواجبات العائلية ومنها بالذات تدبّر الأموال الكافية لمجابهة مصاريف ملابس العيد والحلويات، وكذلك أيضا بعض من الراحة بعد ارهاق شهر كامل من الصوم. نحمد الله على أنّنا في تونس نعمل ولو بنصف الامكانيات أو بنصف الجهد أو حتى ثلثه في بعض الحالات وذلك خلافا لدول اسلامية كثيرة تكاد تتوقّف فيها حركة الانتاج تماما بمناسبة رمضان مقابل زيادة مفرطة في الاستهلاك البضائعي والمسلسلاتي والحفلاتي. لكن ما الحل؟ هكذا هو أداء الصوم وهكذا هو الاحتفال بالعيد، يفرض مجهودات اضافية في العمل لمن هو مطالب به وتقديم منتوج للناس مثلنا ومثل العاملين في التعليم والصحة والتجارة والتغذية، بل وفي كل القطاعات وفي التنقل بين أطراف البلاد ومجهودات اضافية جدّا في الانفاق بل قل في شر التبذير الذي لا مفرّ منه. ولعلّها مناسبة متجدّدة لندعو أبناء وطننا الأعزّاء حتّى يرفقوا بأحوالهم ويراعوا امكانياتهم ويرشّدوا مصاريفهم ويتذكروا أنّهم عائدون الى العمل منذ صباح الاثنين وان أبناءهم راجعون لمدارسهم منذ نفس الصباح وأنّ ديونا قد تكون كثيرة تتطلّب مجهودا اضافيا لخلاصها قبل ان تتفاقم بما بقي من الشهر وبما يجب من استعدادات للشتاء الذي أصبح على الأبواب وخاصة لاقتصاد بعض المدخرات اللازمة لمجابهة مصاريف عيد الاضحى. هي مناسبة أيضا لندعو أبناء الوطن الكرماء من التجار ومقدّمي الخدمات والناقلين وغيرهم من المتدخلين في ديكور فرحة العيد أن يتقوا الله في بني وطنهم وعمومتهم وأخوالهم وأن يرقّوا لأحوالهم وأن يراعوا ظرفوهم وأن يساعدوهم على أداء واجب الفرحة بما يلزم فقط من التكاليف والمصاريف. وبذلك تتوفّر الفرص أكبر لعدد أوفر من المواطنين فيزورون ذويهم ويقتنون حاجيات محترمة ويفرحون بالعيد فرحا حقيقيا لا يفسده الغلاء ولا ينغّصه الغش. هي مناسبة لندعو أبناء وطننا الأعزّاء من السائقين الى السياقة «بقيافة، ولطافة وظرافة» فيفرحون كما يفرح الجميع بالعيد فرحا حقيقيا لا يدميه الحديد والاسفلت. بكل محبّة وبكل صدق، أقول لكم ولعائلاتكم وذويكم وأقاربكم وأصدقائكم وأهليكم، عيد مبارك، عيد سعيد وعيش رغيد وعمر مديد.