بما انه لم تعد الغاية الاساسية من العمل تنحصر في توفير أكبر قدر ممكن من الانتاج، ليكون فرصة للتبادل، اي للموازنة بين العرض والطلب فقط. بل ان القيمة الاقتصادية، بما انها قيمة نفعية أساسا باتت تعطي للعمل مفهوما مغايرا ليكون شرطا لتحقيق الانسجام واللحمة الاجتماعية وليس استجابة للذوق والثروة مما قد يخلق تفاوتا اقتصاديا بين من يملكون فيزدادون ثراء، وبين من لا يملكون فيزدادون فقرا. ولتفادي اختلال التوازن بين فئات المجتمع اصبح العامل (مصدر الانتاج) في تونس يحظى بمكانة كبيرة وفرص حقيقية تضمن له العيش الكريم وخاصة من خلال التعديلات الكثيرة للأجر التي تتم وفقا لمقتضيات العيش ولحركية الاقتصاد اليومية. ويتجسد هذا الاهتمام بالعامل من خلال الامر عدد 2079 لسنة 2007 المؤرخ في 14 أوت 2007 المتعلق بضبط الاجر الادنى المضمون لمختلف المهن في القطاعات غير الفلاحية الخاضعة لمجلة الشغل والذي صدر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في 21 اوت 2007، وقد تضمن ثمانية فصول سنقوم بتحليلها تباعا. ويعد هذا الامر خير ضمان للعمال في القطاعات غير الفلاحية وذلك من خلال ضبط الاجر الادنى في هذه القطاعات، ويقصد بالاجر الادنى ما يستحقه العامل من مؤجره مقابل العمل الذي انجزه ويتضمن الاجر الادنى الاساسي مهما كانت طريقة احتسابه وملحقاته من منح وامتيازات سواء كانت نقدية او عينية مهما كانت طبيعتها قارة او متغيرة وعامة او خصوصية باستثناء المنح التي لها صبغة استرجاع مصاريف». وتولى الفصل الاول من هذا الامر ضبط الاجر الادني المضمون لمختلف المهن في القطاعات غير الفلاحية للعمال من الجنسين البالغين من العمل 18 سنة ب 824،239 و 828،207 دينارا شهريا و ب 1153 مي و 1199 مي في الساعة بالنسبة لنظامي العمل ب 48 و 40 ساعة في الاسبوع والاجر الادنى المضمون هو «الحد الذي لا يمكن النزول تحته لتأجير عامل مكلف بانجاز اعمال لا تتطلب اختصاصا مهنيا». ويحتوي الاجر الادنى المضمون لمختلف المهن بناء على الفصل الثاني من الامر المذكور على نوعين من الاجراء سوى الاجراء الخالصين بالشهر ويختلف بين نظام العمل ب 48 ساعة في الاسبوع التي وقع تحديدها ب 456،209 دنانير بعنوان الاجر الاساسي و 368،30 دينارا بالنسبة للمنحة الاضافية المؤقتة، اما بالنسبة لنظام العمل وفقا ل 40 ساعة في الاسبوع فحددت ب 828،177 دينارا بعنوان الاجر الاساسي و 30 دينارا والتي تمثل مقدار المنحة الاضافية المؤقتة. اما النوع الثاني من الاجراء وهم الخالصون بالساعة فالنسبة لنظام العمل وفقا ل 48 ساعة في الاسبوع فقد حدد ب 1007 مليمات بعنوان الاجر الاساسي و 146 مليما وهو مقدار المنحة الاضافية. وبالنسبة لنظام العمل وفقا ل 40 ساعة في الاسبوع فقد حدد ب 1026 مليما بعنوان الاجر الاساسي وب 137 مليما والتي تمثل مقدار المنحة الاضافية المؤقتة. هذا وقد تضمنت بقية الفصول كمية تحديد الاجر الادنى بالنسبة للعملة الخالصين بالوفقة او القطعة او بالمردود او من يتقاضون مقابل المردود العادي أجرا يساوي الاجر الادنى المضمون لمختلف المهن (الفصل 4) والذين لهم نفس الامتيازات التي تم تضمينها بالفصل الاول سالف الذكر. اما بالنسبة لفئات العملة الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة فاشترط في الاجر الادنى ان لا يقل عن 85 مما يتقاضاه العامل الكهل. هذا وقد تم اقصاء الاجراء الذين يساوي او يفوق مقدار اجرهم الجملي بكل تبعاته مقدار الاجر الجملي للعامل الخالص بالاجر الادنى المضمون لمختلف المهن حسب ما ورد بالفصل الخامس من الامر، هذا ولم يخلو هذا الامر من ادراج عقوبات بالنسبة للمؤجرين المخالفين لمقضياته، وقد وردت هذه العقوبات بالفصل 3 من القانون عدد 27 لسنة 1966 المؤرخ في 30 افريل 1966 المتعلق باصدار مجلة الشغل والذي جاء به انه «يعاقب عن دفع اجر بدون المقدار الادنى لكل منها الواقع ضبطه بالاحكام التشريعية والترتيبية او العقود او الاتفاقات او المقررات التحكيمية التي صار العمل بها وجوبا، بالعقوبات المنصوص عليها بالفصل 234 م ش وكل دفع لأجر غير كاف ينجر عنه علاوة على ذلك بالنسبة للمؤجر دفع مبلغ يساوي ثلاثة اضعاف الجزء المنقوص من الاجر لميزانية الدولة ليتم قبضه بالعنوان الثاني ويصب في حساب صندوق حوادث الشغل: بصرف النظر عن التعويضات التي يمكن ان يطالب به العامل (...) ولا تدخل هذه المبالغ المدفوعة ضمن التكاليف المخصصة للضرائب والاقامات المطالب بها المؤجر حسب أرباحه ويعاقب العائد بخطية تضاعف بغض النظر عن استخلاص الخطايا الاخرى، وقد حدد الفصل 234 من مجلة الشغل مقدار الخطية بين 24 و 60 دينارا، كصنف أول من العقوبات وبين 12 و 30 دينارا كصنف ثان وهو الوارد بالفصل 234 مكرر. اما الفصلان السابع والثامن من الامر فقد جاءا لالغاء العمل ببقية الاحكام المخالفة لهذا الامر وللتنصيص على بداية العمل به اي على دخوله حيز التنفيذ والذي تم تحديده بغرة جويلية 2007.