تفتح التلفزيون لمشاهدة برامج الأطفال الغربية منها والعربية في أكثر من قناة فضائية فترى أطفالا في قمة سعادتهم يمرحون ويلعبون وينشدون أحلى وأجمل الأغاني.. ويرسمون أحسن الصور الطبيعية .. ثم تولي وجهتك الى الفضاذيات الاخبارية وغيرها .. فتقف أمام مشاهد أكثر اثارة .. لأطفال فلسطين الجريحة .. في الضفة والقطاع .. في دير ياسين .. ونابلس ، وجينين .. يرجمون العساكر الصهاينة بالحجارة، وما أجمل تلك الحجارة. ألم يقذف بها الله أصحاب الفيل !!؟ أليس الصهاينة ذاتهم من اتباع أبرهة ؟... فتغتالهم الرصاصات الغادرة في الأحياء والبيوت والمساجد.. وحتى في السيارات فتراهم يسقطون شهداء وجرحى وهم يشاهدون أبشع الصور عن العنف الذي يمارس ضد شعبهم الأعزل ... أطفال فلسطين في غزة لا يلعبون كما يلعب أولاد الخليج .. أطفال الضفة الغربية لا يمرحون كما يمرح أبناء الانقليز والأمريكان وأتباع كونداليزا رايس المتصابية ... أطفال القدس الشريف لا ينامون هانئين كما ينام المنتظم الأممي الأعرج .. أطفال الحجارة لا يحلمون كما يحلم بعض حكام العرب وزوجاتهم وأبناؤهم... أطفال اذا غنوا يغنون للانتفاضة .. للأرض .. للوطن والشهادة .. تتملكهم أمراض الخوف والذعر من الغد ... الغد الأظلم القاتم اللعين ... هم يلعبون لعبة العرب مع المجنون أولمرت والجزار شارون وسفاحي بني اسرائيل من باراك الى بيريتس يتنازعون مع من سيكون في المنتخب العربي ويرفضون أن يكونوا في الفريق الاسرائيلي .. وبعد أن يتفقوا يبدؤون بحمل الأسلحة الخشبية التي صنعوها بأيديهم ويختبئون خلف المتاريس في الشارع المظلم المليء بأكوام التربة والحجارة لمنازل هدّمتها قوات الاحتلال ويشعرون باطلاق النار الوهمي !!.. انهم يصنعون بنادق من نوع مختلف تماما .. من البلاستيك والخشب لكنها تخرج حجرا كالرصاصة يرعبون بها الصدور. أسلحة بمثابة طيرابابيل .. حتى الصور التي يرسمونها في كراساتهم، في بيوتهم وعلى الجدران بالشوارع والأزقة الضيقة تختلف عن رسوم بقية الأطفال الذين هم في سنهم بدول الجوار .. تطلب منهم المدرسة رسم صور طبيعية جميلة فيرسمون الأبطال والشهداء والانتفاضة، يرسمون ناجي العلي وغسان كنفاني وأحمد ياسين وعرفات. طفل طلب منه رسم حديقة فصور خريطة البلاد التونسية وحين سألته المعلمة عن محتوى هذه الصورة أجابها بلهجة الواثق من نفسه ... انها صورة البلاد التي أحبت شعب فلسطين وتبنت قضيته العادلة بدءا ببورقيبة وصولا الى زين العرب زين العابدين بن علي .. طفل أخر طلب منه رسم بحيرة صغيرة تقابلها ضيعة فرسم سمكة على شاكلة صاروخ ، ورسم سيارة على زجاجها الأمامي شبكة معدنية على هيئة سيارات الاحتلال ... أطفال الغضب يعانون من أمراض نفسية صعبة للغاية لأنهم ببساطة صور الشهداء وجنازاتهم على شاشات التلفزيون، انهم يسمعون أصوات الطلق الناري والقذائف المدفعية والرشاشات والصواريخ التي تقصف منازلهم ليلا .. أمراض أطفال فلسطين عديدة... وآلام في البطن ووجع كبير في الرأس .. في الليل يصرخون ويتعلقون بأمهاتهم ... انها أمراض الأزمة .. أمراض المتاجرة بقضيتهم .. أمراض الصراع على الكرسي بين فتح وحماس .. انها أمراض أطفال فلسطين فقط .. فقط لا غير... طارق مثلا عمره 12 سنة أصيب بطلق ناري صحبة ثلاثة من أقرانه .. الرصاصة قطعت الأوتار والشرايين ومزقت الأحشاء .. وطارق رغم هذه السن الصغيرة قالها قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في سيارة الاسعاف .. أنا بطل فقد أصبت الجندي الاسرائيلي بالحجارة على عينه .. مريم هي الأخرى ابنة الثماني سنوات .. جميلة تحب والدها الذي يعمل في الجهاز الأمني الفلسطيني .. تقول هذه المناضلة الرقيقة والبريئة ان كل الجميلات يشبهونها يمتن ويستشهدن .. والسبب أن عمتها استشهدت وهي عائدة من السوق.. فيعاملونها كأنها العمة الشهيدة .. والذي يمعن في صورة مريم البنية يلاحظ أن عينيها تدوران في كل اتجاه، تبحثان عن الأمان والأمل المفقودين .. أطفال فلسطين ينتظرون يوما تزلزل فيه الأرض تحت أقدام عدوهم والخونة الذين باعوا شرف شعب بحاله الى موساد «السافرادي» الاسرائيلي .. أطفال فلسطين سوف يرون الضياء يبزغ من جديد في ارضهم المغتصبة وتشرق شمس الحرية على قبور شهدائهم وفي قباب بيت المقدس ..