ها قد عدنا مرّة أخرى بعد الفاصل الاعلاني الذي وفّر للجريدة دخلا محترما بالقياس مع ما توفره مقالاتنا. في حوار اعلامي، ذكر المعارض القانوني رقما عن مجال من مجالات التنمية مازال ضعيفا بالنظر إلى ما تحقّق في البلاد في مجالات أخرى. واحد من جماعة «معيز ولو طار» شكّك في الرقم لأنّه بدا له ضعيفا بل هزيلا وألحّ على أنّه قديم وطلب من المعارض أن يراجع معلوماته. منشط الحوار حسم الموقف فبيّن أنّ الرقم المقصود ورد في الميزان الاقتصادي لسنة 2008، الذي قدمته الحكومة للنواب منذ أيّام قليلة فصادقوا عليه بأغلبية ساحقة. **** قد أكون مخطئا، وقد أكون أسأت الفهم ولكن لا أستطيع أن اغفل السؤال، فلماذا تعرض ميزانية الدولة للعام الجديد على أنظار مجلس المستشارين بعد أن صادق عليها مجلس النواب؟ ولماذا يتحدّث الوزير الأول إلى المستشارين بعد أن أسهب في الشرح والتحليل أمام النواب وحصل منهم على الإشادة والتهليل وعلى الموافقة والمصادقة. فماذا سيضيف الحديث إلى المستشارين وتعليق هؤلاء إلى المسألة؟ الحوار من أجل الحوار؟ طيب ولكن... أيّ حوار؟ أعتقد أنّ المنطق يفرض مراجعة المسألة، وذلك بعرض الميزانية تباعا على المجلس الاقتصادي والاجتماعي ثمّ على مجلس المستشارين وأخيرا على مجلس النواب. **** في المطارات، تسمع مذيعين ينبّهون إلى مواعيد اقلاع ووصول الطائرات ويلفتون إلى الحقائب المهملة ومخالفات التدخين وغيرها. أغلب المذيعين، والصواب أن أقول مذيعات لأنّ الأمر يتعلّق في الغالب الأعم بنساء، يتحدثون بنبرات رقيقة جدّا حتى لا تكاد تفهم ومغرقة في المحلّية حتّى لا تكاد تشفّر. وكثيرا ما تأخّر مسافر عن طائرته أوسها عن حقيبته لأنّه لم يتبيّن كلام المذيعة أو المذيع العامل في المطار. فقط في أحد المطارات العربية سمعت أصواتا جهورية، نقية، صافية، قوية، واضحة لرجال ونساء يعلنون مواعيد الطائرات بعدّة لغات. فأعجبت بها بل كدت أطرب لهاطربا. وبما أنّه كان عندي متسّع من الوقت بحثت في الأمر فوجدت أنّ إدارة ذلك المطار تعاونت مع رجال المسرح لتسجيل وإلقاء تلك التعليمات المعروفة بأصوات الممثلين، وهي كما تعلمون، أصوات قوية، نقية، صافية وواضحة وقادرة على التبليغ. **** أقمت أيّاما قليلة في مدينة قصية من مدن أوروبا. ورغم قصر المدّة، هزّني الشوق إلى البلد... فرحت أبحث عبر التلفاز عن واحدة من قنواتنا، أمدّ عبرها جسور الوصل والتواصل مع ضفاف البلد. ورغم التكنولوجيا المتطورة، لم أعثر من قنواتنا الاّ على واحدة رضيت بها، فأقلّها في نظري كافية وزيادة لتحقيق رغبتي. لكن ما ان فتحت، حتى وجدت القناة بصدد بثّ مسلسل عربي تحمّلت على مضض مشاهدته في انتظار ما يليه من برامج تمنيتها تونسية. إلاّ أنّ القناة فاجأتني بعد الفاصل بمسلسل آخر، قادم هذه المرّة من المكسيك. ولأنّني لم أجد تونس التي اشتقت إليها، أقفلت التلفاز وخرجت إلى شوارع تلك المدينة الصاخبة أدفن في ضجيجها صدى أشواقي.