اتحاد الشغل بجبنيانة والعامرة يهدد بالإضراب العام    وفاة 10 أشخاص بعد سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    سخرية من قوات الاحتلال بعد ظهور "أبو شجاع" حيا في طولكرم    أراوخو يكشف عن آخر تطورات أزمته مع غوندوغان    البطولة الأفريقية للأندية الحائزة على الكأس في كرة اليد.. الترجي يفوز على شبيبة الأبيار الجزائري    الجزائر.. القضاء على إره.ابي واسترجاع سلاح من نوع "كلاشنكوف"    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    هذه أبرز مخرجات الاجتماع التشاوري الأول بين رؤساء تونس والجزائر وليبيا    بيان أشغال الاجتماع التشاوري الأوّل بين تونس والجزائر وليبيا    تغييرات مرتقبة في التركيبة العمرية    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    المنستير.. الاحتفاظ بمدير مدرسة إعدادية وفتح بحث ضده بشبهة التحرش الجنسي    بنزرت: غلق حركة المرور بالجسر المتحرك في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء    الحشاني يشرف على جلسة عمل وزارية بخصوص مشروع بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين    بوعرقوب.. عصابة سرقة الاسلاك النحاسية في قبضة الحرس الوطني    الإعلان عن تأسيس المجمع المهني للصناعة السينمائية لمنظمة الأعراف "كونكت"    بداية من يوم غد: أمطار غزيرة وانخفاض في درجات الحرارة    بوعرقوب: القبض على 4 أشخاص كانوا بصدد سرقة أسلاك نحاسية خاصة بشركة عمومية    مدنين: العثور على 4700 حبّة مخدّرة وسط الكثبان الرملية بالصحراء    استلام مشروع تركيز شبكة السوائل الطبية لوحدة العناية المركزة بقسم الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    قفصة: الإطاحة بشخص محل 10 مناشير تفتيش    الغاء الاضراب في قطاع المحروقات    عطلة طارئة في ليبيا تحسّبا لمنخفض جوي مرتقب    تونس: وفاة 4 أطفال بسبب عدم توفّر الحليب الخاص بهم    بن عروس : 6 تنابيه لمخابز بسبب إخلالات تتعلق بشروط حفظ الصحة    وزير الشؤون الاجتماعية يُعلن عن بعث إقليم طبي بالقصرين ..التفاصيل    اختتام عيد الرعاة في معهد اللغات بالمكنين: الإسبانية فارڨا تقدم "غناية سمامة"    الكاف: تقدم مشروع بناء سد ملاق العلوي بنسبة 84 %    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    تحذير هام/ بيض مهرّب من الجزائر يحمل هذا المرض!!    وصول محمد الكوكي الى تونس فهل يكون المدرب الجديد للسي اس اس    تقرير: شروط المؤسسات المالية الدولية تقوض أنظمة الأمان الاجتماعي    بعد ترشّحها لانتخابات جامعة كرة القدم: انهاء مهام رئيسة الرابطة النسائية لكرة اليد    دورة مدريد للتنس : انس جابر تفتتح مشاركتها بملاقاة الامريكية كينين او السلوفاكية سمليدوفا في الدور الثاني    غوارديولا : لاعبو سيتي يعدون أنفسهم للمهام المقبلة    حليب أطفال متّهم بتدمير صحة الأطفال في الدول الفقيرة    تكريم هند صبري في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة    جهود لمجابهته.. كلفة التغير المناخي تصل سنويا الى 5.6 مليارات دينار    بسبب عاصفة مُنتظرة: عطلة بيومين في ليبيا    ائتلاف صمود يدعو الى إطلاق سراح السياسيين المترشحين للرئاسية..    عرض فرجوي بإعدادية القلعة الخصبة دعما للقضية الفلسطينية    عاجل/ سيشمل هذه المناطق: تقلبات منتظرة ومنخفض جوي بداية هذا التاريخ..    رئيس غرفة القصّابين عن أسعار علّوش العيد: ''600 دينار تجيب دندونة مش علّوش''    طبرقة: حجز كمية من مادة المرجان لدى إمرأة    الرابطة الأولى: تعيينات منافسات الجولة الخامسة لمرحلة التتويج    وزارة الدفاع الوطني تشارك في الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    هاليب تنسحب من بطولة مدريد المفتوحة للتنس    حريق بمحل لبيع البنزين المهرب بقفصة..وهذه التفاصيل..    هي الأولى منذ 12 عاما: أردوغان يبدأ زيارة رسمية للعراق    لأقصى استفادة.. أفضل وقت لتناول الفيتامينات خلال اليوم    في سابقة غريبة: رصد حالة إصابة بكورونا استمرت 613 يوماً..!    الكشف عن مستودع عشوائي معد لصنع وتعليب مواد التنظيف بهذه الجهة..    أولا وأخيرا..الكل ضد الكل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقامة لم يكتبها بديع الزّمان الهمذاني
الاهداء: إلى صديقي الراحل «سليم البيداني»
نشر في الشعب يوم 02 - 02 - 2008

كنت تحمل ذاكرتك بين راحتيك.. تتأمّل في سطور البلاد التي خطّتها عذابات عشقك.. توقظ أغنية في البال لترحل بها في أمسيات السّمر السرمدي نحو الافاق البعيدة.. كنت تعدّ خطاك المنهكة من أوجاع الزمن.. إنّها المدينة.. البلاد.. الكون... حيث تدفعنا الرّغبة معك في أن نزور في كلّ وجع مؤجّل أجسادنا.. ففي أجسادنا يقبع حارسو الأحلام.. يعرضون على ناصية الفرح المطارد زفرات الورد المنتظرة.. فمعك.. ومن بعدك.. سنظلّ كما في كلّ السنوات التي تأبى أن تمضي تنحت للورد ابتسامات الرّبيع.. ونردّد مقولة «بابلو نيرودا» التي تعشقها الحسان اللّواتي مررن على غربتنا «الافلاطونية» {يقدرون على قطف ورد كلّ العالم لكن.. لن يقدروا على إيقاف الربيع] كنت تحسّ وتعلن أنّ جسدك المتمرّد يسافر دائما في طفولات أصدقائك ورفاق الأحلام والأوجاع المتوزّعة في فضاءات البلاد الباهتة.. تراقب ذاكرتك وهي تنسل من رأسك المنتشي بضحكاتهم وعربداتهم الأبدية الحالمة.. كنت دائما تراقب المدينة حين تلملم ذاكرتها الثّلجية.. ومن رحيق سيجارة حذرة.. كنت تنادينا {أيّها المعذّبون في ثنايا الأسئلة.. لازمن فوق زمن بروميثيوس..] كنت حاملا أزليّا لنار»أثينا» التي أهديتها أسئلتك».
اقتربت من زمنها حتّى تهديك أزمنة أورثتها ايّاها غربتك.. وحين رأت المثمس جائعة في عينيك.. اقتنعت بأنّ الأحلام المؤجلة قد عادت.. أحلاما كتبناها معك على جدران المدينة الواجمة الباحثة فينا عن قصيدتها.. المدينة التي خطّت على دموعك «الإغريقيّة» زهر حنّتك الصّاعد والصّارخ في ثنايا الظلّمات [في جرح ليلك الدّامي حرشوشة عينيك املاح.. نامي يا تونس نامي غدوة السّماء تسماح..] كنت تلمح يا صديقي سليم في «غياهب» عيوننا ليالي الغجر وهي تحاكي النّجوم عن مسيرة العبث الجميل التي لن تنتهي عن أحلام الصّبايا وأغاني العاشقين الثّائرين.. عن حبّ البلاد ووشايات المخبرين. أمّا نحن فكنّا نلمح في «جنون قيثارتك» سطور التاريخ وهي تعيد ترتيب صفحات العشق على غبار ذكرياتنا.. كنّنا نلمح «بروميثيوس» المصلوب على أعلى قمّة جبل «الباند» يفكّ أغلاله «وعلى وقع نقرات أوتار قيثارتك الممزوجة بأحلام «زوربا» تكتمل صورتك فينا.. وتنسل في دلال داخل تفاصيل غربتك لتتذوّق شهد أسئلتك.. فيفيض الكلام وتتهشّم الحركة وإذا بوجهك مرآة تعكس صورة أناملك الطفولية وهي تعبث بعفويّة سيجارة.. تخجل من أن تتحوّل الى امرأة تتقن النظر في عينيك الشقيتين وقد امتلئتا بضحكات الأطفال.. وحين تصمت.. وآه من صمتك يا «أعشيري» ففي صمتك يا سليم تنهيدات أمواج البحر.. هذا البحر المدجّج بحاملات قتلة الضّحكات يتناسى كبرياءه حين يعانق كبرياء نشوتك.. ورمنسيّة «ثمنتك» كنت تجلس في مقهى «الرّكن» وأحيانا توزّع رحلتك عبر أجساد العباد.. حيث لا مواطنون يمرّون في غياب المواطنة.
في مقهى الرّكن تمتزج «جعتك بقطع سكر عشقك» يا نديمي في العذاب ويا رفيق الأحلام» كنت أرقب عقارب ساعتك وهي مندهشة.. هذا الفتى الأزلي ألا يتعب حتّى ينام؟ يفيض الكلام يا صائد الأحلام.. الفتى الأزلي.. تعب.. فنام.. توحّد مع الأرق الموشوم على وجنتيه.. وراح.. ذهب «سليم البيداني» بعد ان تعب لينام.. نعم.. لينام هو الآن مدثّر بالأرض التي عشقناها فإذا هي مقبرة أحلام.. من يريد أن يحلم بعد ان تتعبه الأحلام.. يذهب كما فعل الذين مرّوا.. الناس الذين كانوا والذين ليسوا الآن.. فقد ذهبوا لينامو تحت أرض ذهب إليها «سليم» بعد أن تعب لينام.. لا نبيذ سومريّا بعد أن نام.. نم يا صديقي.. نم.. فيأتيني هاتف من السّماء.. فيلجمني صمتي.. صديقك يا «سليم ساسي».
حين أتى لينام حلم حلمة طفل وقف أمام عرش الخالق وأقسم بعذابات أصدقائه بأنه لن ينام.. لن ندعَ أيّا منكم بعد اليوم أن يأتي حين يتعب لينام.. تريدون أن تحوّلوا الآخرة الى حدائق وهج وأمنيات وشهوات للنّيام؟ على صديقكم الجديد «المتجدّد» القادم إلينا لينام.. أن ينام.. قولوا له بأن لا يحرّض النّيام.. عليه أن ينام.. لا أن يزرع صباحاته زهورا ومساءه سمرا وحديثا سرّيا مع النّيام.. هو يريد أن يمنحه الألم انتصارا آخر ليعود.. يريد أن يهرّب جسده لمن خذلته الأحلام...
ثمّ يردف الصوت السّمائي صارخا «أنتم أصدقاؤه».. أنتم من يحرصه على أن لا ينام... بروميتيوس نائم لدينا منذ آلاف السنين.. سارق نار الألهة «أثينا» بعد أن حلم وتعب جاء إلينا لينام.. فنام.. منذ آلاف السنين وهو مع النّيام...
فمن هنا ال «بروميثيوس الجديد» الرّافض أمام الرب أن ينام.. رفعت رأسي الى السّماء، فلعلّ صاحب الصّوت يرمق دمعة.. دمعة عشق برائحة العذاب ويسترق السّمع لصرخة أضحت أسيرة حزني داخل جسدٍ، جسدي الذي لا ينام...
إذا الأحلام وئدت
وإذا الورد سئل
بأيّ ذنب قطف
علمت بلاد.. ما قتلت...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.