أمام التوزيع المُخزي للأحداث... تساءلتُ مرّة عن العلاقة التي تربط كلّ كلب بذيله . وكان السؤال كالتالي : هل أنّ الكلب ملتصق بالذيل ؟ أم أنّ الذيل ملتصق بالكلب ؟ هذا الإشكال وضعني أمام مؤاخذة خطيرة، غير مضمونة الجانب . وهذه المؤاخذة هيّ : أيّ قيمة لهذا الإشكال إذا كان الكلب لا ذيل له ؟ إنه إشكال سخيف مخجل، سخافة الإنشاد بالحريات وحقوق الإنسان،وبالنظام العالمي الجديد ... التي لا تتورّع القوى العظمى عن حملها يافطة على كلّ صدور جيوشها وأساطيلها وأقمارها الصناعيّة ... الموجّهة لأصداغنا . ورغم سخافة هذا الإشكال، فإنه لا يخلو من أهمية خاصة على صعيدي علم الحيوان وعلم الإنسان . فعلى مستوى العلم الأول، يتعلّق الأمر بمعركة تاريخية اِستعمل فيها المنافس سلاح المقصّ ( وهي آلة بسيطة حادة من جملة آلاف الآلات المستعملة لهذا الغرض ) وانقضّ على ذيل خصمه أفقده فيها رجولته، في معركة دارت رحاها في أحد المسارح الرومانيّة التي بقيتْ خير شاهد على تلك المجازر الحوانيّة الرهيبة، وواصلْنا نحن العرب تشْييد المسارح اقتداء بالرومان والإغريق . أما على مستوى علم الإنسان، فالمؤاخذة تعود على هذا الأخير. لأنّ الفضل يعود إليه في اختراع آلة المقصّ الفاعلة بامتياز في وسائل الإعلام التي لم تمكّنا إلى الآن من معرفة الفرق بين الكلب وذيله . هذا المقصّ الذي لعب بذيل أول كلب في التاريخ الرومانيّ جعل الكلاب تتوارث « اللاذيل « إلى نهاية التاريخ ( ليس بنفس مفهوم فوكوياما ) . وصارت « اللاذيليّة « اِمتيازا للكلاب الرومانيّة . مثبتين أنّ الكلب هوّ الملتصق بالذيل، لا الذيل ملتصق به . طالما أنّ الأول ( الكلب ) يحتاج لا ريب إلى ذيل يدفع به إلى كلّ معركة يخوضها ضدّ الكلاب الأخرى . غير أنّ المنخرطين في منظومة « الذيليّة « من بقيّة كلاب العالم، أظهروا بعد دراسات وافية وعميقة عكس ما توصّلتْ إليه الكلاب الأخرى . مدّعين أنّ الذيل هوّ الملتصق بالكلب . مبرّرين نظريّتهم تلك، بأنّ موت الكلب يعني موت الذيل . المهم في كليهما عليك فقط أنْ تختار بين أنْ تكون كلبا أو أنْ تكون ذيلا . لكن عفوا لا يمكنك أنْ تكون المقصّ . تعقيب : بعض الأنظمة اِختارت وبعد مشاورات ومداولات في مجالس الشيوخ والنواب أنْ تنتمي لحزب الذيل . وبعض الأنظمة الأخرى اِختارتْ وفقا لمصالحها أيضا أنْ تنضوي تحت لواء حزب « الكلبيّة « . الكتلة الأولى، لا تفرّق أحيانا كثيرة، أو هيّ تدّعي عدم التفريق وهي مجبرة على ذلك بين الكلاب التي ستنتمي إليها، لأنّ منطق القوّة هوّ الذي يحدّد الإنتماء . أما الكتلة الثانية فهي التي ووفقا لمصالحها لا يهمّها الصديق ولا العدوّ، ما هدفها إرضاء بقيّة الأعضاء الذين ينتمون لحزب « الكلبيّة « . مع العلم أنّ بعض الدول القليلة جنّدت كلّ إمكانياتها الماديّة والبشريّة من أجل صنع المقصّ. وتوظف إمكانياتها الرهيبة أيضا من أجل حرمان الأنظمة الأخرى من صناعته. وأنتَ هل تفضّل أنْ تكون كلبا أم ذيلا أم مقصّا ؟