ليس أصعب على المرء من مجابهة مكلوم وموجع ومفجوع بأمر ما فما بالك بمجابهة أم مكلومة على وليد تُعلق كل الآمال فيه وتبني كل الاحلام عليه ومن طلعته يشرق الضياء... ذاك هو عنوان الحيرة التي استبدّت بي وأنا أتجه صوب بيت عشش فيه الالم واستبدّ به الحزن... انه منزل السيد علي بن جنات والد الفقيد الشاب أمين الطالب بالمرحلة الأولى اختصاص فني سام للصحة!! هناك استقبلتنا العائلة لتفسح المجال للسيدة والدته لتعبر عن صدمتها وحيرتها مما اصاب ابنها الذي غادر المنزل صباحا من اجل العلم ليعود اليه جثة مضرجة بدم التشريح... ساعتان و6 أيام...! عن الحيثيات أفادتنا الأم بان أمين دعي كغيره من الطلبة الى اجراء التلقيح المسمى «hepatitevaccin contre l» وبعد ساعتين من ذلك وقع مغشيا عليه في الطريق العام لينقل مباشرة الى المستشفى «قسم الانعاش» ليمكث هناك في محاولة لاسعافه وفعلا تحسنت حالة أمين بعد يومين لكن الطاقم الطبي ارتأى ان يبقى الفقيد على ذمة القسم اياما اخرى (4) وهنا تطرح الأم السؤال الاول لماذا هذه الايام الاربعة طالما ان صحته تبدو متحسنة وفي اليوم الرابع فوجئ السيد علي والده بمكالمة يدعى من خلالها الى الحضور الفوري للمستشفي فاتصل المسكين (وقلب المؤمن خبيره) بابنه فلم يتلق الاجابة حينها أوجس خيفة وانطلق مسرعا الى هناك ليصدم بخبر النعي حيث فارق أمين الحياة في الوقت الذي كان يستعد فيه لمغادرة المستشفى بعد ان أذن الاطباء بذلك... حسب ما جاء في عريضة موجهة الى وكالة الجمهورية سلمنا والد الضحية نسخة منها. كما نصت هذه العريضة على أنه في يوم 22/04/2008 وقبل موعد مغادرته بين منتصف النهار والواحدة ظهرا حقن بحقنة لم تحدد العريضة ماهيتها.... وذاك هو السؤال الثاني الذي يتردد بإلحاح عند عائلة الفقيد. التحقيق مستمر... يبدو أن هذه الامور اتخذت ابعادا عديدة خاصة بعد زيارة السيد وزير الصحة لبيت الهالك وكذلك السيد والي المنستير... كما سجل ورود برقية مؤثرة من السيد عبد الوهاب عبد الله وزير الخارجية مما رفع من معنويات العائلة المنكوبة وزادها اصرارا على تتبع كل الاطوار لدحر اشاعات على غرار ان الفقيد مصاب بمرض القلب وهو ما نفته لنا عائلته جملة وتفصيلا مستدلة على ذلك بخلو ملفه الصحي الذي قبل به في مدرسة الصحة من كل شائبة صحيّة والا لما كان قبل بالمدرسة أصلا.