رغم أنّه من السابق لأوانه الحديث عن تكتّلات ومواجهات قبل شهر ونصف من موعد عقد مؤتمر أكبر منظمة وطنية في تونس ومن السابق لأوانه كذلك إبراز القضايا والطروحات التي يقدمها كل مترشّح لضمان مكان في صلب المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل إلاّ أنّه يمكن القول أنّ كل الحديث يلامس دائرة أوسع تهم كل المهتمّين بالشأن النقابي الداخلي غير أنّ الحدّة لتي برزت في خطاب بعضهم تؤكّد أنّ مواجهات ساخنة تنتظر بروزها على سطح الأحداث قريبا وهي التي ستطول مختلف التيّارات بما أنّها ليست آتية من فراغ ولا هي طارئة بل تعود جذورها إلى مؤتمر جربة الإستثنائي وتمتد عميقا في جزء منها في تاريخ العلاقة بين مراجع التقليد في المكتب التنفيذي وبعض الوجوه الأخرى الفاعلة في مشهد المكاتب التنفيذية الجهوية. وإذا كانت هذه الحدّة لم تخرج الى السطح بهذا الشكل فلأنها كانت تجري إمّا خلف الأبواب المغلقة للهيئات الإدارية المتتالية وإمّا تحت غطاء التنافس بين بعض المتقرّبين من أعضاء المكتب التنفيذي ولالتقاط كل ما يجري من تحرّكات تبدو العودة الى حيثيات بداية اتصالات بعض الوجوه الفاعلة بنيّة إدخال نفس جديد على تركيبة المكتب التنفيذي وهو أمرجعل السيد عبد السلام جراد يتبعه في مختلف الاتجاهات بحثا عن حلول ما سمّي بتمرّد نقابة التعليم الثانوي عن المكتب التنفيذي بعضهم أكّد أيّامها أنّها بداية المواجهة المباشرة وليس بداية ظهور نقاش فكري بما أنّه كان انطلق قبل بداية الحملة الانتخابية وقد تجلّى هذا الاختلاف خاصّة مع تملّص السيد عبيد البريكي بما أنّ كان ترأس الهيئة الإدارية لنقابة التعليم الثانوي من إمضاء اللائحة المهنية وهي التي كانت أقرّت مبدأ الاضراب رغم أنّ غالبية أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد رافضون لهذا القرار. رسالة مضمونة الوصول وبدلا من إبقاء الأمور في نصابها، فإنّ هجوم بعض أعضاء نقابة التعليم الثانوي على بعض القياديين في المركزية النقابية جعل الأمر يوكن بمثابة المعركة المفتوحة ليتبادلوا التهم والحال أنّ بعض المسائل العالقة كان يمكن إيجاد صيغ حلول لها من خلال الجلوس على طاولة الحوار، لكن ذلك لم يحصل إلاّ بعد تدخّل بعض الوجوه والتي حاولت في مرحلة أولى تهدئة الأمور، لتدعو بعد ذلك إلى عقد هيئة إدارية ثانية كان ترأسها من جديد عبيد البريكي... ومن نتائجها أن تضمن مشروع محضر اتّفاق فيه جملة من النقاط من ذلك أنّ الوزارة التزمت بإدماج كل الأساتذة المتعاونين والذين يقدّر عددهم ب 3500 متعاونا. كما عبّرت وزارة التربية والتكوين عن استعدادها لزيادة الأساتذة في منحة سمّوها منحة التكاليف البيداغوجية.. ليتمتّع الأساتذة بهذا المطلب بداية من سنة 2007 هذه المكاسب الجديدة لقطاع التعليم الثانوي قد تكون ساهمت بشكل أو بآخر في ذوبان جليد العلاقات الباردة بين السيد عبيد البريكي وبعض الوجوه الفاعلة في صلب نقابة التعليم الثانوي وقد يكون أوّلهم السيد الشاذلي اري.. المدّ والجزر ولئن تبدو الأمور هدأت بين عبيد البريكي وأعضاء نقابة الثانوي فإنّ بعض المقرّبين من دوائر القرار في صلب المركزية النقابية يرون أنّ تواجد عبيد البريكي ضمن القائمة الأساسية لما سمي بقائمة الأمين العام سيمنحه شرعية التواجد في صلب المكتب التنفيذي الجديد رغم أنّه من السابق لأوانه الحديث عن أمور محسومة لأنّ للانتخابات مفاجآت. نظريات الوفاق ليست المرّة الأولى التي يصدر فيها عن السيد عبد السلام جراد كلام صريح، منسجم مع توجّهات المكتب التنفيذي من دون التخلي عن التزام فكري واضح بما أنّ السيد عبد السلام جراد يمكن اعتباره «ضمير» المكتب التنفيذي منذ أن قبل ترأس هذا المكتب على اختلاف توجّهاته، ممّا جعل مواقفه تطبع بشكل من «الصدقية» لا أحد يستطيع نفيها عنه، والى جانب ذلك فهو عندما يتكلم فمن منطلق واضح وهو أنّه «مهندس» كل نظريات الوفاق، ممّا جعله محل ثقة كل الاتجاهات السياسية لذلك فإنّ بعض الوجوه اليسارية التقدمية المنتمية أساسا الى قطاعات فاعلة في مشهد الانتخابات والتحالفات تطالبه بترأس قائمتها رغم أنّ السيد عبد السلام جراد وفي باب التضامن مع زملائه الحاليين من المكتب التنفيذي سيكون حتما على رأس قائمة ما يسمّى «بقائمة الأمين العام» ومن خلال دعوة جماعة اليسار للسيد عبد السلام جراد لترأّس قائمتهم رسالة لكي يقبل ربّما بضم بعض الوجوه التي قد تترشّح لمؤتمر المنستير أيّام 14 و 15 و 16 ديسمبر 2006 وبالتالي يكون هؤلاء قد ضمنوا أماكنهم صلب المكتب التنفيذي الجديد خاصّة وأنّ هناك حديث عن إمكانية مغادرة ناجي مسعود وعبد النور المداحي لهذا المكتب التنفيذي والذي قد يدخله من جماعة اليسار إمّا المولدي الجندوبي (الكاتب العام للاتحاد الجهوي بجندوبة) بما أنّ هيئته الإدارية الجهوية كانت رشّحته للانتخابات في مؤتمر المنستير، كما أنّ من المنتظر أن يتقدّم بترشّحه عبد الستار منصور (لمن لا يعرفه فهو الكاتب العام الحالي للاتحاد الجهوي بالمهدية) زائد حسين العباسي (الكاتب العام للاتحاد الجهوي بالقيروان) من الوجوه الأخرى والتي قد تعلن نيّة الترشّح نجد بالقاسم العياري الكاتب العام الحالي للاتحاد الجهوي ببن عروس كما ينتظر كذلك تقديم قاسم عيفية (الكاتب العام لجامعة الصحّة) ترشّحه. في ترشّح هؤلاء رسالة مفتوحة للمؤتمرين لاختيار أحدهم ليكون صلب المكتب التنفيذي الجديد ولو أنّ العياري ومنصور والجندوبي وعيفية سبق لهم أن ترشّحوا لانتخابات مؤتمر جربة الاستثنائي وهو الذي كان تاريخيا بكل المقاييس. ضمانات من نوع خاص ويذهب جماعة الترشيحات بعيدا إلى حدّ تأكيد بقاء رضا بوزريبة والمنصف اليعقوبي (يمثل قطاع البريد) بما أنّ من أهم مطالب محمد الشابي (الكاتب العام للاتحاد الجهوي بأريانة) ومصطفى المديني (الكاتب العام للاتحاد الجهوي بمنوبة) وابراهيم القاسمي (الكاتب العام للاتحاد الجهوي بالكاف) والمولدي السياري (الكاتب العام للاتحاد الجهوي بسليانة) توفير ضمانات تجديد الثقة في بوزريبة واليعقوبي وبالتالي توفير آليات الدفاع عن أحقية وجودهما في المكتب الجديد وبالتالي تأكيد تواجدهما في قائمة ما يسمّى بالأمين العام بما أنّ اجتماع ليلة الانتخابات هو الذي سيكون حتما حاسما، لذلك فإنّ هؤلاء يعتبرون وجود بوزريبة واليعقوبي من ضمن المرجعيات الأساسية والتي على القيادة عدم المساس بهما. البداية في بنزرت وإذا استعرضنا ما قاله السيد عبد السلام جراد في بنزرت فإنّ حديث المصارحة والمكاشفة وضع الحروف في شأن الاصطفافات الجديدة وبالتالي فإنّ أسئلة ما قبل مؤتمر المنستير تذهب بصياغاتها المتعدّدة الى البنيان السياسي والفكري والاجتماعي لمن سيكونون في المكتب التنفيذي الجديد وفي هذا الإطار يتحدّث بعضهم عن تراجع شعبية السيد علي رمضان مقارنة بالدعم الكبير الذي كان وجده قبل وأثناء وبعد مؤتمر جربة الاستثنائي بما أنّ كلّ التيّارات كانت ساهمت في صعوده المكتب التنفيذي الحالي واستكمالا لما يدور في الكواليس من تحرّكات فيها المعلن وفيها الخفي. فإنّ مواجهات عديدة قد تحصل في الأيّام القادمة خاصّة بين بعض الأطراف التي ستسعى لنيل مكان تحت الأضواء وهي التي تؤكّد أحقيتها بذلك والواقع أنّ النقاش الدائر حاليا حول محاور المرحلة القادمة للمكتب التنفيذي الجديد أصبح بمثابة القضية الهامّة بالنسبة للجهاد بما أنّها بدأت في النظر في مشاريع اللوائح التي ستعرض على المؤتمر ويبدو أنّ استحقاق المرحلة القادمة يدفع باتّجاه التوافق على قائمة تبحث في طبيعة المرحلة القادمة ضمن دائرة تحمل ثلاثة عناوين رئيسية وهي أنّ المرجعية لابدّ أن تكون للأعلم والأصلح والأعدل ويعود الالحاح في اختيار ذلك الى إدراك الجميع أنّ منظمة وطنية في حجم الاتحاد العام التونسي للشغل مطالبة بلعب دورها الريادي ضمن المجتمع المدني بعيدا عن كل خلفية سياسية. وفي إطار كل التطوّرات المنتظرة ترتفع بعض الأصوات لتأكيد أحقية المرأة بالتمثيلية صلب المكتب التنفيذي للاتحاد لذلك فإنّ إمكانية الترفيع في عدد أعضاء المكتب التنفيذي الى 15 عضوا يبقى واردا ومن ضمن الأسماء التي قد نجدها في هذه الانتخابات السيدة نعيمة الهمامي وفتحية قصّار في انتظار مزيد توضح الرؤى في قادم الأيّام. وجوه الأمس من الوجوه الأخرى والتي ستحافظ عن أماكنها في مركزية اتحاد الشغل الهادي الغضباني ومحمد شندول ومحمد السحيمي بما أنّه قام بعمل محمود ضمن منظومة قسم الدراسات وقد نجح في تقديم دراسات علمية أمكن له من خلالها ضمان مكان في المجموعة التي لا يمكن المساس بها. الإعلان