جاءنا من قسم القطاع الخاص التقرير التالي: اكثر من مائتين وخمسين إطارا نقابيا شاركوا في الندوة الدراسية التي نظمها قسم القطاع الخاص بالاتحاد العام التونسي للشغل بمدينة سوسة يومي السبت 18 والاحد 19 نوفمبر 2006 وذلك بمساهمة منظمة فريدريش ايبرت ومركز التضامن العمالي. الندوة افتتح اشغالها الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد وبحضور الاخوة محمد شندول وعلي بن رمضان ومحمد السحيمي وعبيد البريكي الى جانب الاخ عبد النور المداحي مسؤول القسم كما حضرها عدد من الكتاب العامين للاتحادات الجهوية وممثلين عن الجامعات القطاعية. وقد انطلقت الجلسة الافتتاحية بكلمة الاخ محمد الجدّي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة رحّب فيها بالحاضرين وقبل أن يذكّر باستعدادات الجهة لاحياء ذكرى احداث النفيضة ويدعو الحاضرين لتلاوة فاتحة الكتاب ترحما على روح احد المسؤولين النقابيين بالجهة توفي في اليوم السابق لموعد الندوة. واثر ذلك تحدثت ممثلة مركز التضامن العمالي الامريكي فبادرت الى التنديد بسياسة الادارة الامريكية في الوطن العربي القائمة على الاحتلال والابادة وهو موقف نال تقدير الحاضرين الذين تفاعلوا معه برفع الشعارات المؤيدة لقضايا الامة العربية والمنددة بسياسة الولاياتالمتحدة وحلفائها. كما عبّرت الانسة لورين عن اعجابها بالاجواء التي تدور فيها الندوة وبالمحور المطروح للدراسة معتبرة ان العولمة قد ساهمت بقسط كبير في ضرب المكاسب الاجتماعية للعمال في كل انحاء العالم وانها احد اسباب فرض سياسات الخوصصة في الدول النامية التي كانت تعتمد رئيسيا على القطاع العام وقد انهت كلمتها باستنتاج هو أنّه لا يمكن ضمان استقرار المجتمعات الا بنقابات قوية. اما كلمة ممثل منظمة فريدريش ايبرت الالمانية قد ذكّر بقديم العلاقة بين المنظمة والاتحاد التي تعود الى الستينات. وفي علاقة بموضوع الندوة قال ان وجودا نقابيا قويا في القطاع الخاص لا يمكن ان يكون الا دعامة لنمو هذا القطاع وللتنمية في البلاد عموما. واثر ذلك احيلت الكلمة الى الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد الذي اتت كلمته تحليلا منهجيا دقيقا لواقع القطاع الخاص بالبلاد ولاستراتيجية الاتحاد لانقاذ هذا القطاع من ازماته المتراكمة بسبب سوء الاختيارات وسوء التصرف. * محاضرات دسمة اما برنامج الندوة فقد اشتمل مداخلات قدمها الاستاذان عبد الجليل البدوي وحسين الديماسي ومداخلة رابعة حول صندوق التضامن النقابي قدمها الاخ محمد سعد الامين العام المساعد مسؤول الادارة والمالية. ففي مقدّمة مداخلته تساءل الاستاذ عبد الجليل البدوي عن مدى نجاح القطاع الخاص في تحمل مسؤولية القيام بالدور التنموي على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي مركزا خاصة على الجانب الاقتصادي معتمدا في هذه العملية التقييمية على جملة من المؤشرات المعزّزة بمعطيات احصائية. وفي سياق شرحه لهذه المؤشرات ذكر المحاضر انه منذ 1996 تاريخ انطلاق ما سمي بالاصلاح الهيكلي اصبح التمشي القائم على تدعيم القطاع الخاص يحلّ محلّ السياسة الصناعية التي وقع العدول عنها باسم مبدإ الحياد وتعويضها بسياسات وبرامج تهدف فقط الى توسيع رقعة ودور القطاع الخاص دون الاهتمام ببناء نسيج صناعي واقتصادي متكامل ومندمج يقع تحقيقه على أساس تحديد أولويات ومراحل اهداف وأدوار الاطراف الفاعلة وعلاقتها ببعضها. اما تكاليف هذه الاختيارات فكانت باهضة على المجموعة الوطنية وتحمل انعكاساتها السلبية العمال بشكل اساسي حيث ادى تخلي الدولة عن القطاع العام الى تراجع حدّ الانتفاء تقريبا للدور التعديلي للدولة وضرب استقرار الشغل واستبداله بأشكال التشغيل الهشة فضلا عن النتائج الاقتصادية التي كانت دون المأمول والمتمثلة خاصة في: تدني حجم الاستثمار رغم الدعم والتشجيعات استقرار نسبة النمو في معدل 5 رغم ان الهدف كان بلوغ 7. تراجع التصنيع والتركيز على بعض الانشطة الخدمية الهامشية عدم تدعيم الموقع في السوق المالية وفي خاتمة مداخلته طرح المحاضر جملة من الاقتراحات التي رأها قادرة على الخروج من الحالة السلبية التي وقع فيها الاقتصاد: 1 اعادة ترتيب العلاقة بين الدولة والمجتمع في اتجاه تدعيم الحريات ودولة القانون والمؤسسات بما يضمن للمواطن جملة من الحقوق مثل حق الملكية والمساواة بين المواطنين عوضا عن الولاءات وضمان التطبيق العادل للقانون باقرار استقلالية القضاء. 2 اعادة صياغة العلاقة بين الدولة والاقتصاد باقامة سياسة صناعية ذات استراتيجيات واضحة وجعل هذه العلاقة تعاقدية تقطع مع العلاقات الزبائنية وتقوم على تحديد الحقوق والواجبات بين الاطراف الاجتماعية. 3 اعادة النظر في علاقة الدولة بالمحيط والمجال باقرار اللامركزية الصناعية والاندماج الاقتصادي الافقي تحضيرا للاندماج العمودي. اما الاستاذ حسين الديماسي فقد شارك في الندوة بمداخلتين متكاملتين استعرض في الاولى الانعكاسات الاجتماعية للخصخصة والانفتاح بينما شرحت الثانية انعكاسات هذه السياسة على مستقبل العمل النقابي. اما اهم الانعكاسات الاجتماعية لسياسة الخوصصة فقد لخّصها في : 1 هزالة الاستثمارات المادية للمؤسسات. 2 تقهقر استثمارات الخواص المحليين للصفوف الخلفية في معركة المنافسة. 3 تواكل المستثمرين الخواص على الدولة وعلى البنوك. 4 الاعراض عن انتداب اليد العاملة العالية الكفاءة. 5 تفشي ظاهرة هشاشة التشغيل. 6 انهيار الطاقة الشرائية للعمال. 7 تصاعد اختلال التوازن في الاداء الجبائي. 8 تصاعد اختلال التوازنات المالية لصناديق الضمان الاجتماعي. وقد ادت هذه الانعكاسات حسب المحاضر الى ارتباك كبير في اداء الاتحاد العام التونسي للشغل في دفاعه عن حقوق العمال وذلك لعدة اسباب تناولها في مداخلتها الثانية ومنها بالخصوص: 1 التفتّت المتصاعد لنسيج الانتاج. 2 تضاؤل نخبة التأطير والقيادة في صفوف الشغالين في القطاع الخاص. 3 اعراض عدد وافر ومتزايد من العمال عن الانخراط في صفوف الاتحاد. 4 تراجع الدور التفاوضي للاتحاد. 5 استنباط القيادات النقابية استراتيجية قوامها الدفاع عن حقوق الشغالين ودعمها باستراتيجية قوامها المحافظة على مواطن الشغل ولو كانت رديئة. وبناء على ذلك فقد طرح المحاضر على الاتحاد جملة من المهام العاجلة التي يجب انجازها في المرحلة المقبلة ومنها خاصة التغيير الجذري في هيكلته وطرق نضاله وخطابه الداخلي وتجاه الاخر كما يتوجب عليه استبدال استراتيجية الترقب وباستراتيجية السبق والمبادرة وهي شروط اساسية حتى يسترجع الاتحاد دوره كاملا وخاصة في الملفات الكبرى كالضمان الاجتماعي والتشغيل والجباية والتعليم.. اما المداخلة الاخيرة فكانت للاخ محمد سعد الامين العام المساعد المسؤول عن الادارة والمالية الذي لاحظ منذ البداية ان الحوار الاجتماعي يكاد يكون منعدما اذ يقتصر تقريبا على المفاوضات الاجتماعية الدورية وهو وضع زكّى الصراع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وخلق ازمة هي في عمقها اخلاقية. وعن موقع الاتحاد العام التونسي للشغل ومكانته قال الاخ محمد سعد انه المنظمة الاكثر تأصّلا وتجذرا في شعبها ومجتمعها على مستوى الوطن العربي وافريقيا. وقد قسم المحاضر مداخلته الى عنصرين اساسيين هما الانتساب النقابي وصندوق التضامن النقابي. ففي العنصر الاول شرح العراقيل الموضوعية التي تحول دون تكثيف الانخراطات ومنها انعكاسات الهجمة الليبرالية على القوانين الشغلية وتفشي ظاهرة التشغيل الهش. أمّا العوامل الذاتية وهي لا تقل اهمية فتتلخص خاصة في التمثيلية وقدرة النقابات على الدفاع عن حقوق العمال اذ توجد جهات وقطاعات قادرة على حماية نفسها والدفاع عن الاتحاد. وعن زيادة الانخراطات في الاتحاد قال الاخ محمد سعد «سندخل هذا المؤتمر بزيادة حوالي 55 في عدد المنخرطين عما كنا عليه وهي زيادة مهمة تعطي مشهدا نقابيا جديدا كانعكاس للاداء النقابي والحركية النقابية الجديدة التي تلت مؤتمر جربة فالاتحاد اخذ العديد من القرارات النضالية التي دعمت تمثيلية واستقلاليته» وفي إطار الدعوة الى التقييم والنقد الذاتي طرح الاخ محمد سعد جملة من التساؤلات. هل قمنا بما يجب من عمل لتقييم وضع وافاق القطاع الخاص؟ هل نحن واعون بمصلحة المنظمة ام بمصالحنا داخل المنظمة؟ الى متى البحث عن خطة عمل في القطاع الخاص علما ان المسألة تمسّ اداء المنظمة ككل؟! وفي الجزء الثاني من مداخلته اعلن الاخ محمد سعد عن استكمال الاستعدادات لبعث صندوق التضامن النقابي الذي سيعرض رسميا على الهيئة الادارية الوطنية القادمة (25 26 نوفمبر 2006) وهو صندوق يأتي في إطار سعي المنظمة للحفاظ على كرامة النقابيين ودعم صمودهم مذكرا ان هذا المشروع انطلق من جهة سوسة ثم وقع تبنيه وطنيا. استفسارات جميع المداخلات كانت محل نقاش واستفسار من الحاضرين الذين اعتبروا الندوة فرصة مثالية لصياغة جملة من التوصيات للمؤتمر الوطني القادم للاتحاد والتي تمحورت خاصة حول اعادة الاعتبار للعمق النضالي للاتحاد في بعديه النقابي والوطني باعتباره منظمة تتجاوز الابعاد المطلبية الى أبعاد وطنية اكثر اتساعا كالمطالبة بالحريات والديمقراطية وتركيز مفهوم المواطنة باعتباره مفهوما قائما على علاقات الحقوق والواجبات كما توحّد المشاركون حول المطالبة بوضع حدّ للتفويت في القطاع العمومي وخاصة الاستراتيجية فيه اي الذي يمسّ الجميع حاضرا او الاجيال القادمة. نشير في الاخير الى انّ القسم وزّع على المشاركين وثيقتين على قدر كبير من الاهمية وهما كتاب جامع لكل ما يتعلق بالمفاوضات الاجتماعية في دورتها السابقة من استعدادات واتفاقيات قطاعية وتقييم وتوصيات امّا الوثيقة الثانية فهي «الدليل العملي» للمسؤول النقابي في القطاع الخاص وهو عبارة عن جملة من الشروح حول مختلف المشاكل التي تعترض المسؤول النقابي اثناء ادائه لمهامه النقابية وهو دليل تم انجازه بمساهمة وتوجيه من الاستاذ حافظ العموري المختص في قانون الشغل.