أين نحن من هذه المفارقات العجيبة التي تتأتّى من شريحة الى حدّ الآن نكنّ لهم كلّ التبجيل والإحترام لما يتميزون به من علم وخبرة متأصلة في مجال اختصاص مشفوع له بديمومته ونجاعته على صحّة الانسان الذي يتشوق الى بارقة الحياة على يد طبيب مختص. كنا نعتقد ولا زلنا ولا جدال في ذلك ان ملائكة الرحمة كما يلقبونهم عالميا سيتفاعلون مع ملف التأمين على المرض لما له من انعكاسات ايجابية على كل فئات المجتمع وان يكونوا سباقين لانجاح هذا الاصلاح لتيسير مرور المرضى الى المداواة في القطاع الخاص لمعاضدة القطاع العام. وكانت دور سلطة الاشراف متسما بمراقبة الحوار وتقريب وجهات النظر دون اي ضغط على اي طرف كان، ولم تتخذ اجراءات قسرية كما في عدة بلدان لارغام هذا الهيكل «طب الاختصاص» على القبول باقتراحاته حسب قوانين وأوامر مضبوطة ظنّا منها ان هذه الفئة لما لها من دور اجتماعي وانساني ان تساير هذا الاصلاح بضمير «الكلّ للكلّ» وليس بضمير «الأنا». الاّ ان ما تطالعنا به بعض الصحف من حين الى آخر من تسريبات وتصريحات من اطباء الاختصاص ليجعلنا في حيرة من أمرنا ونراجع كلّ حساباتنا ونبادر بطرح عديد الاسئلة الى من يهمهم الامر عسى ان نتلقى اجوبة عن استفساراتنا تكون مقنعة بعض الشيء حتّى ان بعض الشكوك بدأت تساورنا من ان نقابة اطباء الاختصاص في الممارسة الحرة وكأنها اتخذت المماطلة عنوانا بارزا لاملاء كل شروطها وتعقيداتها للتنصل من اي التزام بملف التأمين على المرض حرصا على ضمان اعلى تعريفة مالية هذا حسب ما يبدو ظاهريا أمّا باطنيا فإن الخوف من الجباية والتقيد بالوصفات الطبية هو الهاجس الذي يثنيهم عن التمشي في هذا الاصلاح. ففي جريدة الصريح ليوم 6/8/2008 تطالعنا الهيئة الادارية بجلّ المكتب التنفيذي لنقابة اطباء الاختصاص في الممارسة الحرة وبعدها وفي نفس الجريدة بتاريخ 9/8/2008 المكتب المنحل متمسك بشرعيته وهذا سؤالي: الخوف من ماذا ولماذا هذه المماطلة؟ اذ اعتقد ان الملف طرح منذ بداية 2007 على كلّ الاطراف للمفاوضات وكل مرة يقع التنصل بتعلة لم يقع التوصل الى اي نتيجة وفي الاخر بروز عدة نقابات واستقالات من المكتب التنفيذي وتجديد مكتب تنفيذي آخر والكلّ يدعو من جديد سواء القديم او الجديد بالرجوع الى طاولة المفاوضات. كلّ هذه المماطلة لها أسبابها يعرفها القاصي والدّاني مع العلم ان التعريفة لاطباء الاختصاص في الممارسة الحرة حددت بداية من 2007 بخمسة وعشرون دينارا على ان تقع مراجعتها بداية سنة 2009، الا أن المفاوضات مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض افضت الى الزيادة في التعريفة فأصبحت بين 30و35 ينار هذا كله على حساب المواطن، فإلى متى ستبقى سلطة الاشراف على مشارف هذا الخلاف النقابي المفتعل والمقصود وفي اي اتجاه ستتحرك لتحمي حق المرضى والفئات الاجتماعية الاخرى ام ستراوح مكانها وتراقب خلافاتهم دون اتخاذ اي قرار أو طرح معايير قانونية مضبوطة تلزم كل طرف حدود ما يمليه عليه ضمان العقد الاجتماعي والبعد الانساني؟