لأنّنا كنّا من الذين يباركون بعث محاكم جديدة لتقريب مراكز القضاء من المتقاضين ولتسهيل أعمال هؤلاء والمحامين، حيث تمّ إنشاء 3 محاكم ابتدائية في سرعة كبيرة في تونس وصفاقس وسوسة، وإن كانت أحقها موضوعيا تونس. وفي هذا الاطار طالب مواطنو ومحامو جهات مثل القصرينوسيدي بوزيد بإنشاء محكمة استئناف منذ عشرات السنين رغم توفّر كل الشروط إلاّ أنّ ذلك لم يجد نفعا. ولنضرب لذلك مثلا بالنسبة لمحكمة الاستئناف بالقصرين. حيث تعد القصرين من أكبر ولايات الجمهورية مساحة، كما يوجد بها أكبر عدد من محاكم الناحية وتقع المحكمة الابتدائية بالقصرين التي تموّل محكمة استئناف الكاف بنصيب الأسد من دخلها، على مساحة هي الأبعد عن محكمة استئناف في كامل الجمهورية. حيث تصل المسافة من مقر الولاية إلى حوالي 260 كم ذهابا وإيابا وإلى ما يزيد عن 400 كم من أطراف الولاية من حدود فصة وسيدي بوزيد؟ ولذلك فإنّ المحامي أو المواطن يقضي يوما كاملا سنة (2008) زمن العولمة والمنافسة الاقتصادية التي يلعب الوقت فيها دورا حاسما من أجل ملف، فهذا مواطن يقطن على حدود فصة له ملف استئنافي من أجل جنحة بسيطة (مثلا صك بدون رصيد مبلغه 50 دينارا) فعلى هذا المواطن استعمال وسيلة نقل ريفية للوصول إلى مدينة ماجل بالعباس أو فريانة، ثم امتطاء حافلة فصة إن حالفه الحظ وإن تعذّر ذلك لأي سبب فإنّه قد يجد نفسه مجبرا على استعمال 3 أو 4 وسائل نقل للوصول إلى محكمة استئناف الكاف المنشورة بها القضية الاستئنافية، وقد يحصل بل حصل فعلا أكثر من مرّة، أن لايصل إلاّ بعد أن تكون القضية قد رفضت شكلا مثلا في الاعتراض على حكم غيابي، لأنّ حتى إنابة المحامي وبذل المال لا يغنيه في الأحكام الغيابية لأنّه يجب عليه الحضور شخصيا؟ وأمّا بالنسبة للمحامي فإنّي أعطي مثلا حيا عشته شخصيا يوم الثلاثاء 23 رمضان سبتمبر 2008 حيث غادرت محل سكناي بالصرين في الساعة 30.7 صباحا من أجل ملف وحيد يحمل رقم 52 ولم أعد إلاّ بعد الساعة 5 مساءا لأنّ دور هذا الملف في المناداة كان بعد الساعة الثانية بعد الزوال؟ مع التأكيد على أنّ هذا المثال يحصل يوميا. فإلى متى تبقى هذه الجهة تعاني الأمرين من أجل محكمة استئناف رغم توفّر كل شروطها كما أكدنا ذلك مرارا. لقد طالبت عديد المرّات عبر المقالات التي نشرتها في الصحف التونسية، كما قدمت الهيئات الوطنية للمحامين في ثلاث دورات 3 مطالب رسمية إلى وزارة العدل في خصوص بعث محكمة استئناف بالصرين، كما طالب بذلك عديد المواطنين في أكثر من مناسبة، وأخيرا وليس آخرا رفع مطلب رسمي بمناسبة انعقاد ملتقى للمحامين بالقصرين بتاريخ 30 و31 ماي 2008 للمطالبة ببعث محكمة استئناف بالقصرين، ولقد ساند هذا الطلب المشروع السيدان العميد ورئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس وجمع من المحامين الذين حضروا مشكورين للمشاركة من سيدي بوزيد. إلاّ أنّه وبينما كنّا في انتظار الاستجابة لهذا الطلب المشروع فوجئنا ببعث المحاكم الابتدائية الثلاث المذكورة أعلاه في سرعة قياسية. ولذلك وتطبيقا لمبدأ المساواة في الفرص ولو نسبيا وللاستحقاق الواضح الذي لا غبار عليه، فإنّنا نطالب بإلحاح شديد بتحقيق هذا الحلم لأنّ الأمر لم يعد يتحمّل المزيد من التأخير أمام الصعوبات التي شرحنا. الأستاذ الحنيفي فريضي (المحامي بالقصرين)