مثلما نشر في العدد 892 من جريدة الشعب المؤرخ في 18 نوفمبر 2006 ، أرسل الاتحاد الجهوي بتونس بطلب من النقابة الاساسية للتعليم الثانوي بالمرسى برقية اضراب كامل يوم السبت 25 نوفمبر 2006 الى المعنين بالأمر. وكان الاضراب المزمع القيام به يخص معهدي مرسى السعادة ومرسى الرياض وإعدادية المهيري . في الحقيقة منذ انتخابها في أفريل 2006 حددت النقابة ضمن أهدافها هدف تحسين ظروف عمل المدرسات والمدرسين وتبعا لذلك عقدت عديد إجتماعات عمل مع مديري المؤسسات الثانوي بالمرسى توجت بمحاضر جلسات. ولئن تحققت من خلال ذلك بعض المكاسب فان بطئ انجاز ما جرى الاتفاق بشأنه وكذلك نشوء مشاكل جديدة مثل عدم احترام الحق النقابي والنقل التعسفية (مرسى الرياض) واستشراء الفوضى وتسامح الادارة (مرسى السعادة) والاكتضاض بإعدادية الطيب المهيري، إضافة الى نقص وأحيانا إنعدام الوسائل البيداغوجية الضرورية لإنجاز الدروس، كل هذا ادفع الاساتذة بعد فشل المساعي مع المديرين والادارة الجهوية الى قرر شنّ إضراب بيوم واحد لم تأخذ الادارة مطالبهم مأخذ الجد. في اعدادية الطيب المهيري لقد شهدت إعدادية الطيب المهيري هذه السنة الدراسية تدهورا لم يسبق له مثيل في ظروف العمل. ويعود ذلك رئيسيا الى احتضان الاعدادية لتلاميذة السنة الأولى من التعليم الثانوي وهو قرار قدم منذ سنوات على أنه مؤقت ولكن المؤقت بات مؤبدا تقريبا. إن ارتفاع عدد الأقسام وكذلك ساعات التدريس (الانقليزية والاعلامية والتقنية) جعل من الوضع غير قابل للتحكم فيه على مستوى جداول الأوقات (ستة ساعات تباعا للأساتذة وللتلاميذة) وعلى مستوى إحترام أوقات الغداء والراحة بين الحصص الصباحية والمسائية . ونجم عن استعمال القاعات بصفة متواصلة من الثامنة صباحا الى السادسة مساءا أمرين إثنين هما إنعدام إمكانية تنظيمها طيلة النهار وانعدام إمكانية تنظيم المذكرة التكميلية التي هي جزء من منظومة النظام التأديبي للتلاميذة الذين لم ينجزوا الأعمال المطالبين بها. وساهم غياب قاعة مراجعة وغياب مكتبة، الى جانب نقص في الانارة أو انعدامها في جناح كامل من الاعدادية، ساهم في تقليص فرص تحصيل التلاميذة للمعرفة على الوجه المطلوب كما ساهمت كثرة ساعات الفراغ في جداول التلامذة في جعلهم يتجمعون أمام الاعدادية لساعات طويلة على نحو ملفت للنظر نتائجه قد تكون وخيمة على أصعدة عدة. وأدى عدم كفاية عدد المأطرين (المعدل العام الحالي قيم لاكثر من ثلاثة مائة تلميذ والمفترض ان يكون قيم لمائة وخمسون تلميذا) الى نوع من الفوضى داخل المؤسسة وزاد الطين بلة غياب الملاعب الرياضية الصالحة لممارسة الرياضة وكذلك غياب حجرات الملابس اللائقة بالتلاميذ والتلميذات كمحور للعملية التربوية كما يقول البعض. مرسي الرياض يمتاز معهد مرسى الرياض بمشاكل منبعها الرئيسي الادارة حيث منذ السنة الماضية حاولت الادارة نقلة زميلة التربية المسرحية بعد ثلاثي من عملها بالمعهد وتم التصدي للمحاولة غير القانونية والتي تبين أن أسبابها مفتعلة وأعيدت الكرة في بداية هذه السنة لأسباب واهية من السابقة، كما عمدت الادارة الى نقل زملاء وزميلات نقلا تعسفية بدعاوى إكتشف الجميع تقريبا بطلانها. وهذه التجاوزات أتت كإستمرار لتجاوزات إدارية سالفة في منتهى الخطورة ذلك أن مديرة المعهد ما انفكت منذ سبتمبر الى نهاية السنة الفارطة تتعدى على الحق النقابي المضمون دستوريا مقطعة أوراق النقابة المعلقة بالسابورة النقابية وشأنه حملات ضغط وتشويه ضد النقابيات والنقابيين مسؤولين كانوا او أساتذة قاعديين وصل حد إلغاء «تلقائي» لإجتماع مقرر مع النقابة وأدهى من ذلك الى حد إهانة أعضاء من النقابة الأساسية والجهوية والعامة. ولم تكتف المديرة بالتنكر الى اتفاق مع المدير السابق للمؤسسة حول إجراء القرعة في تحديد وتوجيه الاساتذة المراقبين الى الاعداديات والمعاهد أثناء إمتحانات التاسعة والباكالوريا، بل لم تحترم ما أمضت عليه هي نفسها في محضر جلسة 20 أكتوبر 2005 خلال السنة الدراسية 2005 2006 لا سيما إحترام الحق النقابي وممارسته وتغطية الأسلاك الكهربائية المكشوفة بعدد لا بأس به من الأقسام ولم يشرع في نوفمبر من هذه السنة الدراسية أي بعد أكثر من سنة كاملة في العمل بجدية لتغطية جزء من هذه الأسلاك المكشوفة إلا بعد أن صعق الكهرباء تلميذا صعقة خفيفة كان من الممكن ان لا تكون كذلك قبل عطلة نصف الثلاثي الأول. ومن غرائب الممارسات الفجة للادارة، عدم إحالة تلميذ تطاول على زميلة على مجلس التربية وتجاهل التقرير الذي قدم في الغرض وعدم قبول إرسال مراسلات الاساتذة للمدير الجهوي عن طريق التسلسل الاداري عبر مكتب الضبط وكذلك اللجوء الى عقوبات للتلاميذة ينص عليها نظام التأديب المدرسي. أما عملية مقابلة الأولياء فهي غير منظمة وتتسبب غالبا في مشاكل اذ فجأة يجد المدرس وتجد المدرسة وليا وصل قاعة الأساتذة دون علم الادارة وعموما تجري المقابلة في الساحة مما يعرض الزميلات والزملاء الى ضغوطات وفي حالات الى إهانات. وعلى مستوى البنية التحتية، يفتقد المعهد كسائر المعاهد بالجهة الى مكتبة ومراجع ومعاجم يستفيد منها التلاميذة كما يفتقد الى قاعة مراجعة وفضاء تمريض ، وبعض المواد تفتقر الى الوسائل البيداغوجية اللازمة لإنجاز الدرس على أفضل وجه من ذلك الخرائط المحينة لمادة التاريخ والجغرافيا في حين تحتاج مادة الفيزياء بصورة ملحة الى محضر مخبري. وإذا أضفنا الى ذلك أنه لا وجود لطريق أو ممر معبد يوصل الى المعهد تكتمل الصورة عن الوضع المتردي في معهد مرسى الرياض الذي أضحى ينعته أساتذة المرسى ونقابيو جهة تونس، ضمن نعوتات مختلفة، بالمعهد النموذجي لتجاوز القانون. معهد مرسى السعادة هل أتاك حديث التعاسة في السعادة أو هل قرأت مقامة القرن الواحد والعشرين المعنونة التاسعة في السعادة ؟ هكذا بات الوضع في معهد مرسى السعادة موضوع نكتة لدى المدرسين والتلامذة والأولياء بالدائرة بعد أن بلغ الأمر حده وإنقلب الى ضده . وفعلا معهد السعادة يطفح تعاسة مصادرها متنوعة. المصدر الأول الأهم هو تصرفات المديرة الباعثة على الحيرة حتى لا نقول الريبة على غرار تسليم التلامذة الغائبين ورقة تمضيها يمدونها رأسا للأساتذة فيدخلون الفصل دون إحضار بطاقة دخول كما يقتضي النظام المعمول به في جميع المعاهد الثانوية و عدم إمضاء محاضر جلسات مع النقابة الاساسية دون سبب رغم إدخال التعديلات التي إقترحتها هي نفسها على المحاضر . ووصل الأمر بالمديرة أن تعلن لأعضاء النقابة، ممثلي الأساتذة، أن لا حل لديها لحالة الفوضى المتفشية في المعهد . والجدير بالذكر أيضا هو أنها لم تف بتعهد أمضت عليه في محضر جلسة سابق مفاده الإلتزام بتوزيع متكافئ لعدد التلاميذ بالأقسام وكذلك عدم نقلة التلامذة من قسم الى آخر مع منتصف سبتمبر فجعلت بذلك التلميذ يختار الأساتذة ومن البديهي أن يلحق هذا التصرف ضررا معنويا بالزملاء والزميلات. والمصدر الثاني للتعاسة في السعادة وهو نابع أيضا عن تقسير إداري هو عدم توفر دفاتر المناداة يسجل فيها الاساتذة الغايابات منذ بداية السنة الدراسية مما يفرز أكثر من معضلة من نحو الغياب الجماعي للتلامذة عن بعض المواد لاسيما التي يعدونها غير أساسية بالنسبة للشعبة التي إليها ينتمون. وهو أمر في منتهى الخطورة إذ علاوةعلى حطه من قيمة المعرفة ومن مدى تحصيلها فهو يعرض العاملين بالمؤسسة الى تبعات لجوء الأولياء للقضاء في حال تعرض تلميذ أو تلميذة لم يسجل غيابه أو غيابها الى حادث ما خارج المعهد في حين أنه من المفروض أن يكونا بقاعة الدرس. والمصدر الثالث للتعاسة في السعادة هو تفشي ظاهرة عدم تحكم الادارة على الوجه المطلوب في حركة تنقل التلامذة داخل المؤسسة وفي مداخل المعهد. وجود التلاميذ بأعداد كبيرة في البهو المؤدي لقاعة الاساتذة على مقربة من الادارة يمنع الأساتذة من الالتحاق بقاعتهم بأريحية ودون تحاكك مع التلاميذ . ويحدث أتعس من ذلك عندما يضطر الأساتذة للدخول من نفس الباب مع التلامذة بسبب عدم استعمال أبواب أخرى والأنكى من هذا كله هو أن يتجول غرباء على المعهد داخل المؤسسة معتدين على التلامذة وأحيانا على الاساتذة بما يجعل المدرسين والمدرسات غير آمنين في قاعات التدريس . أما غياب مواد ضرورية لتدريس التقنية والفيزياء وغياب مكتبة وقاعة مراجعة وفضاء تمريض الى جانب الحالة المزرية لمأوى السيارات الذي يتحول الى بركة ماء وطين مع حلول الامطار فيوفرون مصادر إضافية لإلهام المبدعين في السخرية والتهكم المتمحورين حول تعاسة السعادة أو سعادة التعاسة. لئن قيمت النقابة الاساسية للتعليم الثانوي بالمرسى محضر الجلسة على أنه إجمالا ووافقت بالتالي على إلغاء الاضراب على أن تعقد جلسة متابعةمع الادارة الجهوية في نهاية جانفي وإحتفظت بحق اللجوء الى الاضراب في صورة إخلال الطرف الإداري بتعهداته، فإنها تدعو الزميلات والزملاء بالمرسى الى التحلي باليقضة والمحافظة علي مستوى التعبئة للدفاع عن كرامتنا ومكاسبنا وعن حقوقنا ومطالبنا بكافة الطرق والوسائل النقابية المتاحة. ولنتابع عن كثب، نقابة وأساتذة، مدى وفاء الإدارة بالتزاماتها ومع نهاية جانفي سنقيم المسار ونتخذ الإجراءات اللازمة.