على أجيالنا القادمة واللاحقة أن تدرك وتعي ولتتذكّر ولكي لا تنسى أنّه في 5 ديسمبر من عام 1952 امتدت الأيدي الاجرامية الاستعمارية الغادرة بواسطة المنظمة الارهابية السرية اليد الحمراء لتغتال الزعيم النقابي الراحل بطل الثورة الوطنية الشهيد الخالد فرحات حشاد، الذي كان وقتها يقود الثورة الوطنية بمفرده، بعدما شنّت السلط العسكرية والأمنية الاستعمارية المروعة حملاتها التمشيطية التفتيشية لالقاء القبض على كل الزعماء السياسيين وفي مقدمتهم المجاهد الأكبر الحبيب بورڤيبة والزج بهم في السجون والمنافي. وقد كانت البلاد التونسية وقتها تعيش تحت وطأة كابوس الحصار العسكري ومنع الجولان، ففي ذلك الظرف العصيب كانت الثورة التونسية تتصاعد ألسنة نيرانها إلى عنان السماء في المدن والقرى والأرياف وفي الجبال وفي كل شبر من تراب تونس الخضراء. قد كان هناك بحق مشهد من مشاهد البطولة والمقاومة والشجاعة والاستبسال والصمود في وجه الجيوش الفرنسية المدججة بمختلف الأسلحة الخفيفة منها والثقيلة تصدّت حسب زعمها لاخماد نيران هذه الثورة. ولكنّها منيت بالخيبة وبالانهيار، أمام زحف الجماهير الغاضبة والناقمة والقادمة من كل حدب وصوب في مظاهرات واشتباكات للأخذ بثأر الزعيم النقابي الراحل فرحات حشاد. لقد تحدّت في ذلك اليوم المشهود نيران المدافع الرشاشة ومختلف القنابل المسيلة للدموع غير عابئة وغير مبالية بسقوط العديد من الشهداء والجرحى في ساحة البطولة والشرف دفاعا عن تونس وثأرا لحشاد. الذي سقط شهيدا كأول قائد من قادة التاريخ دفاعا عن أرضه ووطنه وشعبه كان حشاد يقاوم ظاهرة النزوح الأجنبي من مختلف الجنسيات الأوروبية القادمين من كل حدب وصوب. وقد ملئت بهم تونس وانتشروا فيها كالجراد في المدن والقرى والأرياف. ولا مجال للتونسي أمام هذا الاكتظاظ الكبير غير الطرد والنقمة والحرمان ولا أدل على ذلك من: حرام على بلا بله الروض حلال على الطير من كل جنس لقد عاشت تونس تحت نفوذ المقيم العام الذي تعينه فرنسا لكي يتصرّف في البلاد والعباد كما شاء وأراد وما عدا ذلك فهي أسماء من غير مسميات: يروح مقيم ويغد ومقيم والشعب يئن ولا من رحيم وقد صار ليس من السهل اقتلاع هذه الجذور الاستعمارية الممتدة في أعماق الأرض فكان ولابد على زعيم الطبقة الشغيلة الكادحة فرحات حشاد أن يواجه اقتلاعها من تاريخ تونس، فكان بحق قائدا وبطلا شجاعا ومناضلا. عندما جاد بروحه الطاهرة ثمنا غاليا لزوال شبح الاستعمار من تونس ولكي تعود لها اليوم السيادة والحرية. رحم الله الزعيم النقابي الراحل بطل الثورة الوطنية الشهيد الخالد فرحات حشاد.