على أجيالنا القادمة واللاحقة أن تدرك وتعي وتعلم ولتتذكر وحتى لا تنسى، ماذا حدث في هذا اليوم يوم 5 ديسمبر من عام 1952 ، لقد سقط فيه المئات من الشهداء وفي مقدمتهم الزعيم النقابي الراحل، بطل الثورة الوطنية الشهيد الخالد فرحات حشاد الذي اغتالته المنظمة السرية العسكرية الارهابية الاستعمارية آنذاك، وما أن بلغ خبر اغتياله، حتى هب الشعب التونسي عن بكرة ابيه في المدن والقرى والجبال والأرياف لاعلان الثورة التي اشتعلت نيرانها، ولم تعد تسمح في هذا اليوم إلا أصوات المدافع والرشاشات والقنابل المسيلة للدموع، وقد سالت الدماء التونسية بغزارة في هذه الحرب التي تدور رحاها هنا وهناك وفي كل شبر من تراب تونس ، فقد كانت هذه الدماء قطعا وبدون شك خير دليل واصدق شاهد، على أن هذا الشعب الابي الغيور لن يرضى ولن يقبل بعد اليوم إلا رحيل الاستعمار عن أرض تونس وحمل عصاه على كتفه بدون رجعة . هذا الشعب الذي تحمّل الظلم والاضطهاد حتى أصبحت السماء غطاؤه والأرض فراشه، تفتك به المجاعة والتشرد والأمراض والأوبئة، هذه المأساة التاريخية التي عاشها الشعب التونسي انذاك، وقد زالت وتلاشت، بفضل هذه الدماء وهذه التضحيات، وما بذله القادة والزعماء من مواصلة الصراع الجبار المأمول مع أعظم قوة استعمارية لا تعرف إلا الحديد والنار . وها أننا اليوم قد تنفسنا الصعداء وتحررت بلادنا نهائيا والى الأبد ، فعلى اجيالنا أن تقف اليوم لحظة ترحم اجلالا وخشوعا، لهؤلاء الأبطال الذين سالت دماؤهم كالأنهار فداء وتضحية وحبا واخلاصا لتونس ، لقد جادوا بأثمن وأغلى ما يملكونه، بدمائهم الزكيّة الطاهرة، لمحور وغسل وتنظيف ما لحقنا وقتئذ من ذل وعار وخنوع وضعف ووهن واستسلام . وحتى نتزود من هذه التضحيات وهذه الدماء، باشباع نفوسنا وعقولنا وضمائرنا بروح التفاني والحب والإخلاص لوطننا، وأن نعمل بجد وإخلاص لرفعة شأن بلادنا وشعبنا ، وحتى نكون في مستوى من ضحوا من أجل ان نعيش اليوم احرار، فلنسر اذن بخطوات وئيدة الى الأمام على بركة الله والله معنا.