إلى غاية 06 جويلية: تجميع 518 ألف قنطار من الحبوب الممتازة    الكرة الطائرة – كأس العالم للسيدات تحت 19 سنة: على أي قناة وفي أي وقت يمكنك مشاهدة مباراة تونس وبورتو ريكو ؟    كأس العالم للأندية : مواجهة نارية اليوم بين تشلسي و فلومينينسي…القناة الناقلة    من دمشق إلى غزة… التراث العربي بين نيران الحروب وصمت العالم!    قصّ عليك الضو؟ تعرّف على أسهل طريقة لتقديم ''ريكلاماصيون'' للستاغ    للتونسيين بالخارج: البريد يُمكّنك من دفتر ادّخار بالدينار القابل للتحويل    مروان بن جمعة : المفاوضات مع واشنطن متواصلة وأجواؤها إيجابية    شنوّة معناها قرار ترامب بفرض 25% معاليم ديوانية على تونس؟    تونس.. ثاني دولة إفريقية تُفرض عليها رسوم جمركية ترامب بعد هذه دولة    للتذكير: البحر ممنوع 3 أيام الجايين.. البحر خطير هالأيام ردوا بالكم على صغاركم    لقاح الكلب يحمي الأرواح.. حالة وفاة وحيدة بداء الكلب في 2025    نتائج الباك المتميّزين اليوم.. وهذه تواريخ تأكيد التوجيه والمنح    ئيس غرفة تجار المصوغ: الذهب عيار 18 قاعد يتباع بأكثر من 300د    فيروس ''روتا'': مرض شائع يسبب التهاب المعدة والأمعاء إليك طرق للوقاية منه    علاش الصيف مهم؟ شنيا فوائد السخانة    رسميا: النادي الإفريقي يكشف عن ثالث تعاقداته في المركاتو    لإرضاء ترامب.. زيلينسكي يتخذ "قرارا هاما"    نتنياهو يعلن عن ترشيحه ترامب لجائزة نوبل للسلام    عاجل/ بعد الاجراءات الاخيرة في "التوينسار": هذا أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزير النقل..    عاجل/ منظمة إرشاد المستهلك تدعو لإيقاف فوري للشنقال والصابو المخالفة للقانون..    رئيس الجمهوريّة يستقبل وزيرة المالية    نادي الدحيل القطري يتعاقد مع الإيطالي فيراتي    النادي الصفاقسي : اليوم انطلاق تربّص عين دراهم    وزير البيئة: الوزارة تعدّ نصا قانونيا لإحداث أول محمية بحرية " وتعمل على وضع رؤية شاملة لمجلة البيئة"    التوقعات الجوية لهذا اليوم ودرجات الحرارة..    رئيس الجمهورية: وضع حد للفساد ودفع الاستثمار على رأس الأولويات..    ترامب: سنرسل المزيد من الأسلحة الدفاعية إلى أوكرانيا    نتنياهو يعلّق على إمكانية قيام دولة فلسطينية.. ويحدد شرطا    طقس الثلاثاء: انخفاض في درجات الحرارة    لماذا ألغيت مباراة تحديد المركز الثالث في كأس العالم للأندية 2025؟    غدا: عملية جراحية بمستشفى سهلول للمرأة التي أفقدها زوجها عينيها    بعد الرسامة الدنماركية.. فنان فرنسي يتهم الإعلامية المصرية مها الصغير بسرقة إحدى لوحاته    جهة وتاريخ: «بئر بروطة» بالقيروان... مَعلم مائي تتعدّد حوله الأساطير    تاريخ الخيانات السياسية (8): الغدر بالحسين بن علي    الجامعة تقرّر .. بطولة الرابطة الأولى تنطلق يوم 9 أوت ومنافسات الرابطة الثانية يوم 20 سبتمبر    الشراردة .. حادث مرور يخلف مقتل فتاتين و4 جرحى    القصرين.. القبض على أحد المعتدين على شخصين بآلة حادة    أولا وأخيرا ... فلفل بر العبيد    مهرجان قرطاج: الكشف عن شعار الدورة ال59 'قرط حدشت'    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    رئيس لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم: تونس تعيش عجزا طاقيا حادّا    التمويل المقدم من البنوك لمرفق النقل في تونس لا يتجاوز 3.1 بالمائة من إجمالي قروضها (بيانات مالية)    كيت ميدلتون: "الأصعب يبدأ بعد العلاج"… الأميرة تتحدث عن تحديات مرحلة التعافي من السرطان    مدنين: الميناء التجاري بجرجيس يستقبل ثاني رحلة عودة لابناء تونس المقيمين بالخارج    المهرجان الجهوي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب بولاية منوبة يومي 8 و9 جويلية    الندوة الصحفية لمهرجان جمال: "مرتضى" في الافتتاح وأمينة فاخت في الإختتام    قبلي: تواصل مراقبة الوضع الصحي للواحات وعدم تسجيل بؤر مقلقة للاصابة بعنكبوت الغبار    بدنك شايح وناقص ''hydratation''؟ راو خطر صامت رد بالك    طوابع بريدية جديدة تُكرّم محميات تونس الطبيعية    عاجل/ نشرة تحذيرية جديدة للحماية المدنية..وهذه التفاصيل..    ليفربول يقرر العودة للتدريبات غدا الثلاثاء بعد تأجيلها بسبب وفاة لاعبه غوتا    بكالوريا: اليوم انطلاق التسجيل في خدمة ال SMSلنتائج دورة المراقبة    ترامب يعلن فرض 10% رسوم إضافية على الدول الداعمة لسياسات "بريكس"    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    الفنان غازي العيادي يعود إلى المهرجانات بسهرة "حبيت زماني" في الدورة 59 لمهرجان الحمّامات الدولي    تاريخ الخيانات السياسية (6) .. أبو لؤلؤة المجوسي يقتل الفاروق    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    









الجامعة التونسية في خمسينيّتها
واقع مرير وآفاق ضبابية: علي بن صالح
نشر في الشعب يوم 20 - 12 - 2008

تمرّ هذه الأيّام خمسون سنة على تأسيس النواة الأولى للجامعة التونسية. وهي مناسبة كان من الممكن أن نتوقف عندها طويلا لتقويم حصاد نصف قرن من التدريس والبحث والانتاج، والاعتزاز بالمكاسب التي تحققت لتثبيتها وتدعيمها بمكاسب جديدة خدمة للبلاد والعباد، وتكريم من أفنوا أعمارهم في بنائها وتطويرها، والنظر في النقائص التي شابت مسيرة الجامعة والتنبيه للثغرات التي عاقت نشاط الأساتذة والمدرسين وعرقلت تطور البحث العلمي. وكان من الممكن أن يحتفي بهذه المناسبة الاتحاد العام التونسي للشغل والحركة الطلابية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وتقام التظاهرات الفكرية والندوات النقابية والأنشطة الثقافية لأنّ الجامعة ملك للجميع. لكن مرّت هذه المناسبة في الخفاء «كأنّ بها حياء». فالجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي اكتفت بتنظيم تظاهرتين حول الحريات الأكاديمية نظرا إلى أهميتها في هذا الظرف الدقيق الذي تمرّ به الجامعة التونسية، ووزارة التعليم العالي نظّمت ندوات وتظاهرات طيلة ثلاثة أيّام في معرض حلق الوادي والكرم بعيدا عن أعين الناس. ونستغلّ نحن هذه المناسبة لمحاولة تشخيص واقع الجامعة اليوم والوقوف على أهم سماته.
1 واقع الأساتذة:
لهذا الواقع بعدان: بعد مادي وبعد معنوي. فقد يتصوّر أنّ الأساتذة الجامعيين فئة اجتماعية ميسورة قياسا بغيرهم. ولئن كان هذا الحكم سليما في ظاهره فإنّ الإمعان فيه يدرك محدوديته. فالأساتذة الجامعيون مطالبون بالتدريس والبحث والتأطير. وهذه الأعباء الثلاثة تتطلّب تكاليف مادية باهظة ونفقات اضافية ومقتنيات للمراجع لا تنتهي لمواكبة المستجدّات وتحيين المعلومات. ورغم ذلك فإنّ وزارة الاشراف لم تأخذ بعين الاعتبار هذا الواقع الموضوعي ولم ترصد منحا خصوصية لمجابهة هذه المتطلبات. فآخر زيادة خصوصية تعود إلى الاتفاقية المشؤومة التي أمضيت في 1999/12/14. وهي اتفاقية ربطت الزيادة في المنح بالزيادة في ساعات العمل لإثقال كواهل المدرّسين. وقد مرّ الآن ما يقارب عقدا على امضائها والحكومة لم تقترح الاّ أخيرا 5،0 وهي زيادة هزيلة لا تغني ولا تسمن من جوع. وهكذا فلا الاضرابات المتتالية حرّكت سواكن المسؤولين، ولا التحركات النّوعية دفعت السلطة الحاكمة إلى تحسين مقدرة شرائية مهترئة أصلا. وعندما يتفاعل المادي والمعنوي يزداد الوضع سوءا، ذلك أنّ وزارة الاشراف انفردت بالجامعة وفرضت تصوراتها وأوجدت واقعا جديدا يتشكّل من عدّة عناصر سلبية.
2 واقع الجامعة:
أ الخارطة الجامعية:
فرضت سلطة الاشراف خارطة جامعية ظاهرها اللامركزية والتوزيع العادل للمؤسسات بين الجهات وتقريبها من الطلبة لإعفائهم من مشقة التنقل والسكن ومزيد النفقات، وباطنها تشتيت المؤسسات الجامعية في جهات تفتقر الى السكن الطالبي والمكتبات الثرية ووسائل البحث وظروف التدريس الملائمة، وغايتها اجتناب تمركز الطلبة في مركبات جامعية ضخمة ومدن معيّنة حتى لا تتجاوز ثقافة البعض منهم ما تلقاه في المدرسة الثانوية ولا يحتك بطلبة آخرين ولا يطلع على أفكار جديدة.
ب إصلاح برامج التعليم
دأبت وزارة الاشراف على إجراء اصلاحات متتالية منذ تسعينيات القرن العشرين ، اصلاحات مرتجلة، متسرّعة ومسقطة استجابة لإملاءات صناديق الرأسمال الدولية ورغبة في إرضاء المتدخلين في شؤون التربية والتعليم ببلادنا. وقد باءت جميعها بالفشل والدّليل على ذلك أنّ أيّ اصلاح لم يعمّر طويلا، وأنّ الأهداف التي رُسمت له أعطت نتائج عكسية. فالبطالة تكثفت وتيرتها والمعطّلون عن العمل ازدادت أعدادهم، والراغبون في الهجرة تنوّعت مغامراتهم وهانت أرواحهم، وسعي الجامعة العامة للتعليم العالي إلى المشاركة في الاصلاح لم يجد آذانا مصغية ولو مرّة واحدة. وآخر اصلاح أقدمت عليه وزارة الاشراف هو نظام «إمد» الذي سيغيّر منظومة التعليم العالي ونظام التدريس وطبيعة الشهائد، وسيكون له انعكاس خطير على مستقبل الأجيال القادمة وسيضاعف مستواها الهزيل وسيحدّد مصير البلاد لعقود عدّة. ورغم أهمية هذا الاصلاح فقد رفضت الوزارة اشراك الهياكل النقابية وحتى الاستفادة من ملاحظاتها. وهكذا أقرّ هذا الاصلاح دون معرفة آليات اشتغاله ونتائجه وآفاقه.
ج تسيير المؤسسات:
رؤيتان متناقضتان تحكّمتا في النظر إلى تسيير المؤسسات. فبقدر ما نادت الهياكل النقابية بالجامعة بضرورة اعتماد رؤية ديمقراطية، نابعة من القاعدة الأستاذية ومعبرة عن طموحاتها كرّست وزارة الاشراف على أرض الواقع رؤية مسقطة، أحادية ومتجاهلة لأي مقترح يختلف معها مهما كانت درجة الاختلاف. فلما اقترحت الجامعة العامة للتعليم العالي أسلوب التسيير الذاتي الضامن للاستقلالية العلمية والبيداغوجية والادارية والمالية للمؤسسات الجامعية، رفضت وزارة الاشراف هذا الأسلوب. وعندما طالبت الجامعة العامة بضرورة تعميم مبدأ الانتخابات بالنسبة إلى كل الهياكل عيّنت الوزارة رؤساء الجامعات ونوابهم وأعضاء اللجان الوطنية، بل مدّدت في مدّة تعيين رئيس الجامعة من ثلاث إلى أربع سنوات، وكلّما ألحّت الجامعة العامة على إضفاء الصبغة التقريرية على مداولات المجالس العلمية أكّدت الوزارة صبغتها الاستشارية. وهكذا أحكمت الوزارة قبضتها على المؤسسات الجامعية وتحكّمت في تسييرها وأنشطتها فأفقدتها أي هامش من الحرية. إنّ وضعا على هذه الحال ليحتاج، في الحقيقة، إلى هيكل نقابي قويّ لدرء هذه الأخطار المحدقة بالجامعة. فبم يتسم الوضع النقابي؟
3 الوضع النقابي:
يعيش العمل النقابي في الجامعة وضعا استثنائيا منذ عقد تقريبا، وضعا تشابكت فيه مصالح عدّة أطراف من داخل القطاع ومن خارجه لتعميق أزمته وتأبيدها، وضعا منطلقه ومنتهاه هو غياب الممارسة الديمقراطية ورفض استقلالية قرار أي قطاع. لذا وجد القطاع نفسه بين مطرقة البيرقراطية النقابية وسندان وزارة الاشراف. ويعود ذلك الى اتفاقية 14 ديسمبر 1999 التي لم تحدث ردود فعل غاضبة من قبل الأساتذة فحسب (ربط الزيادة في الأجور بالزيادة في ساعات العمل) بل أحدثت شرخا في المكتب التنفيذي للنقابة العامة للتعليم العالي وشلّت نشاطه، وفُسح المجال للاتهامات المتبادلة مدّة طويلة فأضحى الكلام بديلا عن الفعل. وقد كان المكتب التنفيذي للاتحاد العام منحازا إلى الاتفاقية مدعّما الكاتب العام لأنّ قيادة الاتحاد مسؤولة عن إمضاء الاتفاق ومطالبة باحترام التزاماتها تجاه الوزارة والسلطة. لذا ساندت التمشّي الذي أدّى إلى عقد مؤتمر أكتوبر 2001 رغم اعتراض عديد النقابيين ودعوتهم قيادة الاتحاد إلى فضّ جملة من الاشكاليات (التثبت في قوائم المنخرطين، فصل التقنيين عن الأساتذة المنتدبين) حتى ينعقد المؤتمر في ظروف شفافة. الاّ أنّ قيادة الاتحاد أصرّت على عقده في ظروف ملتبسة. فكانت النتيجة انسحاب أغلبية المؤتمرين من ناحية وانتخاب مصطفى التواتي كاتبا عاما من جديد وبداية أزمة عميقة وحادة. وهكذا اتسم الوضع النقابي بالارتباك والتشنج والتوتر والغموض: هيكل جديد مطعون في شرعيته ومعزول عن قواعده لكنّه مدعوم من المركزية النقابية، ومركزية متجاهلة لأوضاع القطاع ومتواطئة مع الوزارة، ووزارة مستفيدة من وضع متفجّر ومجمّدة للتفاوض الجدّي. هذا من جهة، ومن جهة أخرى مقاطعة لهيكل غير شرعي وكتابات تندّد بما وقع، وإصرار على الصمود والتصدي. وهكذا ظلّ الوضع على حاله عدّة أشهر. لكن ما إن أتمّ المؤتمر الاستثنائي للاتحاد العام أشغاله بجربة في فيفري 2002 حتى قرّرت قيادة الاتحاد القديمة / الجديدة حلّ الهيكل المنبثق عن مؤتمر أكتوبر 2001 وتكوين لجنة مؤقتة لتسيير شؤون القطاع وإعداد مؤتمر توحيدي. وقد زاد هذا القرار الوضع تأزيما وأقحم القضاء في مسألة داخلية استغلتها الوزارة أيّما استغلال ورفضت التعامل مع أي هيكل. وانعقد مؤتمر أميلكار في 14 جوان 2003 دون أن يتوحّد القطاع ودون أن يجد مخرجا لهذه الوضعية المعقدة. ولكن فضل القيادة المنبثقة عن هذا المؤتمر هو تدشين مسار نضالي مورست فيه كل أشكال النضال (تجمعات أمام الوزارة ومقرّات الجامعات، حمل الشارة الحمراء، اضرابات احتجاجية، اضراب اداري...) بغية فتح باب التفاوض الجدي وطرح مطالب القطاع أمام وزارة الاشراف. لن هذه الوزارة ظلّت تناور وتُسوّف وتجتمع بممثلي هياكل صورية دون جدوى. ولما توحّدت الأسلاك الجامعية في هيكل سمّي «الجامعة العامة للتعليم العالي» في أوت 2006 أسّست الوزارة نقابة المدرسين التكنولوجيين وادّعت أنّها تتفاوض مع أربع نقابات دون أن تستجيب لأي مطلب يُقدّم إليها. ولئن اكتسبت الجامعة العامة مصداقية لدى الأساتذة عبر تبنّي مطالبهم قولا وفعلا، وشنّ اضرابات متوالية، وشرعية لدى الهياكل النقابية الدولية وأصبحت المفاوض الأول لوزارة الاشراف والحكومة فإنّها لم تتمكّن، رغم كلّ ذلك، من امضاء أيّ اتفاق خصوصي مع وزارة التعليم العالي ولم تشارك في أي اصلاح يهمّ شؤون الجامعة. وقد ساهم هذا الفشل في مزيد تعقيد الوضع في الجامعة، وإحباط عزائم الأساتذة.
إنّ أوضاعا من هذا القبيل لا تساعد الأساتذة على تأطير الطلبة وتطوير البحث العلمي وخلق حركية ثقافية وفكرية تُسهم في تكريس قيم الحداثة والعقلانية والتقدّم، بل انّ تحكم السلطة الحاكمة في دواليب الجامعة لم يفرز الاّ التطرّف واللامبالاة تجاه الشأن العام والنفور من البلاد بحثا عن ملاذ آمن خارج حدود الوطن. وهذه القيم الجيددة والغريبة من شأنها أن تُضعف الحركة الطلابية.
4 واقع الحركة الطلابية:
يعيش الطالب اليوم وضعا لا يحسد عليه. ولئن كان من العسير تشريح هذا الواقع بدقة، فأهل مكّة أدرى بشعابها، فإنّنا سنكتفي بالاشارة الى مكامن الداء ومواطن الوهن:
أزمة الهيكل المؤطر لتحركات الطلبة وغياب التمثيل الموحد.
مشاكل السكن والأكل والاقامة.
ظروف الدراسة / آفاق التشغيل / بطالة أصحاب الشهائد العليا.
تكريس شعارات حركة فيفري.
وقبل أن نختم نقترح جملة من المحاور للنقاش:
1 لئن كان للجامعة دور كبير في تكوين نخبة تونسية مثقفة عوّضت الاطار الفرنسي وتحملت مسؤولياتها في تسيير شؤون البلاد فهل لا يزال لها دور الآن أمام الأعداد الغفيرة من العاطلين عن العمل الذين يتخرجون فيها سنويا؟
2 أي دور الآن للحركة الطلابية التي تمرّدت على السلطة الحاكمة وكرّست الرأي الآخر وغذت صفوف المعارضة وطرحت شعارات في حركة فيفري 1972 لم تُكرّس إلى اليوم؟
3 كان للأساتذة الجامعيين دور كبير في الدفاع عن الحركة الطلابية والاتحاد العام التونسي للشغل أثناء المحن التي تعرّض لها. فهل حافظوا على هذا الدور؟
وفي الختام نستطيع أن نقول انّ النهوض بالجامعة التونسية مسؤولية الجميع، وكل وطني غيور عليها مطالب بالدفاع عنها وعن قيم الحداثة والتحرّر التي كرّستها، ومطالب أيضا بالنضال لوضع حدّ لسيطرة السلطة الحاكمة عليها لأنّها حولتها إلى أوكار تفرّخ قيم التخلف والماضوية والسلفية من ناحية، والميوعة والانحلال الأخلاقي من ناحية أخرى، إلى حدّ أن الوعي أصبح سُبّة توجه إلى من يحبّ البلاد، وأضحى هذا المحب غريبا بين أبناء بلده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.