إغتيال الوزير اللبناني «بيار جميل» لم يكن مصادفة أو اعتباطا وإنّما جاء قصدا ومنظّما ومرتّبا له ترتيبا مسبقا وتفاصيل العملية هي من اختصاص السّلطة الأمنية وبشكل أدق هي من اختصاص المستفيدين من الجريمة. فالخلفية طبيعتها سياسية والأهداف استراتيجيّة أوّلها استهداف الأمن وتهديد السّلم الأهلي في لبنان وآخرها «استئصال» لبنان من عروبته و»لتحويط» الجريمة في حق الوزير اللبناني وحصرها في أضيق الدّوائر لابدّ من الوقوف على جملة من المؤشّرات أهمّها: 1 دخول الحوار اللبناني اللّبناني حالة الإحتقان. 2 فقدان حكومة «السّنيورة» مصداقيتها الوطنيّة. 3 تدويل قضيّة اغتيال «الحريري» واستغلال فضاء مجلس الأمن الدّولي في اتجاه انشاء محكمة دولية وتوظيف كل ذلك توظيفا سياسيا خبيثا ومسموما يتعارض مع مصالح لبنان الوطنية 4 تدخّل السفارات الأجنبية العاملة في لبنان في الشأن اللبناني الدّاخلي ودفعه في اتجاه المأزق ثمّ الكارثة. 5 انتصار المقاومة اللبنانية على العدو الصّهيوني في المواجهة الأخيرة وتحقيقها مكاسب وانجازات عسكرية وسياسية أربكت العدو وأدخلته في دوّامة الذّهول والهذيان. 6 دعم سورية للمقاومة اللّبنانية دعما لا مشروطا ولا محدودا. أمّا أهداف الجريمة التي يريدها المستفيدون فهي لا على سبيل الحصر: 1 تجريد حزب اللّه من سلاحه (استجابة للقرارين 1559 و701). 2 تضييق الخناق على سورية وتوجيه أصابع الاتهامات إليها عند حدوث أيّ تداعيات خطيرة في لبنان. 3 الإبقاء على حكومة «السّنيورة» بكل شروطها الرّاهنة. 4 تعزيز مواقع مجموعة « آذار» (= شباط) وترميم تصدّعمها الدّاخلي. 5 تعزيز الدّعوة الى إنشاء محكمة دولية عن طريق مجلس الأمن الدولي وانجاحها للنظر في قضيّة اغتيال «الحريري». 6 تعزيز الإلتزام بتلقّي التعليمات من السّفارات الأجنبية في لبنان حتى يبقى ساحة مفتوحة لكلّ الخيارات المفتوحة التي تتعارض مع ثوابت ومصالح لبنان الوطنية فما يمكن استنتاجه من تلك المؤشرات والأهداف هل يضعنا أمام القول بأنّ: من اغتال «بيار جميل» هو الذي اغتال «رفيق الحريري» وما المحكمة الدولية التي تمّ التصريح بإنشائها سوى تغطية مكشوفة ومفضوحة وعارية للهروب إلى الأمام وتوجيه الرأي العام في اتجاه أهداف وهميّة. بقي أن نقول كلمة أخيرة: إذا كان لابدّ من الحديث عن ما تبقّى من شيء من النّزاهة والموضوعية في هذا العالم فهل يستطيع التحقيق القانوني والقضائي في جريمة اغتيال «بيار جميل» أن يتوقف؟: عند «سمير جعجع» الذي نوّه ولمّح وصرّح بإمتلاكه معطيات الجريمة قبل وقوعها. عند سعد الحريري الذي لم يتأخر عن توجيه الإتّهام الى سورية مباشرة ودون تردّد والذي يملك الحكم المسبق لما وقع ولما سيقع لاحقا (فهل يمكن القول أنّ مجموعة «14 آذار» كانت على علم بوقوع الجريمة ما عدا «بيار جميل». وبالتالي هل أصبح لبنان ساحة مفتوحة لإستباحة مفتوحة؟