«خطوة القطّ الأسود» هي مجموعة قصصية صدرت مؤخرا عن دار ورقة للنشر لزميلنا ناجي الخشناوي وتحتوي هذه المجموعة الممتدة على 104 صفحات من الحجم الصغير 15 نصا قصصيا لا يكف صاحبها طوال رحلتك بين دفتيها، على مفاجأتك وكأنه الطفل الذي يلفت نظرك الى عالم تتفطن اليه من تفاصيل المدينة التي ألْهاك الروتين عن اعادة اكتشافها.. و»خطوة القط الأسود» مجموعة قصصية تعبق بأجواء المدينة التي وجد ناجي القادم من أعماق الريف ذات يوم من أيام أواخر القرن المنقضي او بدايات القرن الحالي نفسه منحشرا فيها انحشاره في الحافلة «العلبة الحديدية الصفراء العجوز اللعينة»... أجواء الثرثرة التي يتحول فيها هذا الفتى القادم من اللاّهُنا الى «محاضر» متفقّه في «علوم» الاسماك في مأدبة ينتقل فيها المدعوّون كل بما في طبقه ولكنه لا يجرؤ على أكل سمكته التي يكتفي بالتهامها بنظراته حيث تظلّ «الشوكة والسكين نائمتين حذو الطبق لم يلمسه حتى بطرف أصابعه خجلا من مضيفيه كي لا يتفطنوا الى أنه لا يجيد أكل السمك بالشوكة والسكين مثل اغلب الناس البسطاء» (ص 23). المقهى، الحافلة، القطار، رواد المقهى، ركاب الحافلة، ركاب القطار في الدرجة الاولى والثانية، الشوارع والمارة وكذلك الانترنات والبريد الاليكتروني والعالم الافتراضي والفايسبوك وألعاب الكومبيوتر والتلفاز والراديو.... وبكلمة، عالم المدينة حيث يكاد القارئ يلمح الناجي، أو قل انه يراه فعلا، بجسده النحيل يشق الشارع والسيقارة بين اصابعه وهو يدخن بشراهة... تلمس اهتماماته اليومية وقلقه الليلي واصراره على الامساك بخيوط لحظة ابداع هاربة في معركة كتابة قصة قصيرة لا يستطيع فيها التمييز احيانا بين كتابة قصة على الورق أو ان يعيشها «حلما أو كابوسا في انتظار منبّه الساعة الخامسة فجرا...» (ص 12). مجموعة قصصية ولكنها عابقة برائحة الشعر مسكونة بروح الشعر... وبعشق الشعر... نصا والشعر... الأنامل التي تكتبه... والذات الشاعرة أيضا... عشق يعبّر عن نفسه بالإيماء حينا وبالتّصريح الواضح «الفاضح» أحيانا... شكرا للناجي من أجل هذه الرحلة اللطيفة التي نتمنى ان تعقبها رحلات أخرى معه الى آفاق أخرى.