تحت شمس حارقة، دون كرّاس أو أي شيء يصلح للجلوس عدا بعض قطع الآجر.. وأمام أبواب موصدة إلاّ الباب الخارجي منها.. اعتصم عدد كبير من عاملات وبعض عمّال مصنع «ريفامود Reuva mode» للخياطة الكائن بالمنطقة الصناعية بقرنبالية. «السلع متوفّرة والمصنع يزخر بالقماش والأمثلة» تقول دليلة بن محمد الكاتبة العامة للنقابة الأساسية.. لاشيء كان يوحي أنّ المصنع في أزمة... أثناء يوم عمل عادي (06 أفريل) فاجأنا وكيل الشركة بضرورة وقف العمل لأنّ المصنع سيغلق أبوابه بطلب من الشركة الأم في ألمانيا». وسط دهشتهن رفضت العاملات الإنصياع للأمر واعتصمن في المصنع حتى استجلاء الأمر، قررن قضاء الليل دون أكل ولا غطاء مرابطات حول مصدر أرزاقهن، فوكيل الشركة يضمّن كلامه بعض التهديد، إمّا التنازل عن الحقوق أو الغلق، ومع انعقاد جلسة صلحية في مقر معتمدية المكان يوم 7 أفريل حضرتها كل الأطراف: الاتحاد العام التونسي للشغل وتفقدية الشغل ووكيل الشركة والمعتمد... تمّ الاتفاق على منح العملات والعمّال رخصة سنوية خالصة الأجر مدّتها 21 يوما إلى حين تمكين الوكيل من إيجاد حلول مع الشركة الأم وتمكين الشغالات والشغالين من مستحقاتهم المتمثلة في منحة انتاج 2008 والرخصة السنوية خالصة الأجر 2008 وملحق الزيادة في الأجور وبدلة الشغل بعنوان سنة 2008... وهو ما وافق عليه الجميع حرصًا على سلامة المناخ الاجتماعي للعمل وتمسكا بمبدإ الحوار ولكن بقدوم العاملات لإستئناف الشغل يوم 28 أفريل فوجئن بأبواب المصنع موصدة والوكيل يرفض مباشرة العمل معلنًا أنّه قد عُيّن مُصفّ للشركة التي ستُغلق بشكل نهائي وهي تراتيب لجأ إليها أثناء عطلة العاملات دون الرجوع إلى أي طرفٍ ممّن أمضوا معه اتفاقا بحضور السلطة الجهوية لذلك قررن بإشراف من نقابتهن الأساسية الدخول في اعتصام مفتوح في مقر العمل حتى إنجلاء الأمور خصوصًا وهن ينتمين لعائلات كبيرة العدد وبينهن عدد كبير من الحوامل المتعبات واللواتي على وشك الولادة. وقد وجدْنا المعتصمات وبعض المعتصمين يُعانون لظى الشمس الحارقة وعطشًا شديدا ولكنّهم مؤمنون بضرورة الدفاع عن مصنعهم من التّصفية وبضرورة الاستماتة من أجل حقوقهم المشروعة.. هذه الحقوق التي كان وكيل الشركة يرفض الخوض في أهمّ عناوينها كالترقية والتدرج المهني مثلا ولكن جميع العاملات والعملة كانوا يخيّرون مواصلة العمل دائما مع مواصلة المطالبة بهذه الحقوق التي فوجئوا بوكيل الشركة يضرب بها عرض الحائط بمسرحية غلق المصنع نهائيا متعلّلا بصعوبات اقتصادية غير موجودة مطلقا خصوصا والمصنع يزخر بالسلع والحرفاء يتوافدون عليه محمّلين بالطلبيات حتى أثناء الاعتصام... فهذا المصنع الذي كبر ونما بفضل تفاني كلّ عاملاته وعمّاله وحرصهم على الترفيع في الانتاجية باستمرار وذلك منذ تأسيسه سنة 1990... يكرّر كل المعتصمين أنهن سيحافظون عليه... «الوكيل يريد التخلص من أكبر عدد من القوّة العاملة البالغ عددها بهذا المصنع 250 أجيرا دون أي مستحقات قانونية وهو يمارس الضغوط على الجميع مؤكدا «امّا التنازل عن الحقوق ومواصلة العمل أو غلق الشركة» يقول ناجح الزيادي عضو النقابة الأساسية «لكنّنا لن نخضع للمساومة على حقوقنا وسنصمد في الدفاع عن مطالبنا المشروعة..» هذا الاعتصام الكبير الذي شهدناه بمقر مصنع ريفامود وجدناه مؤطرا من طرف الجامعة العامة للنسيج حيث وجدنا كاتبها العام وعضوين آخرين على عين المكان فضلا عن حضور مسؤولة الفرع الجامعي للنسيج بنابل.