أرسلت وزارة التربية والتّكوين كتيّب الحركة الدّورية لمدرّسي المرحلة الأولى من التعليم الأساسي لسنة 2009 (خاص بحركة المعلّمين في الابتدائي) في النصف الثاني من الشهر الحالي وقد حدّد آخر اجل للمشاركة ليوم السّبت 25 أفريل 2009 . في جهتنا سُلّم هذا الكتيّب الى زملائنا مديري المدارس يوم الخميس 16 أفريل 2009 ليمرّروه بدورهم الى منظوريهم بقي أنّ هذه الحركة صاحبتها عديد التّساؤلات المشروعة، وقد أربكت العديد من الزّملاء وأدخلت في صفوفهم الحيرة، ولم يعودوا يعرفون كيف يتعاملون مع الحدث أمام تضارب القراءات!! حركة المعلمين تعتبر مكسبا تاريخيا لقطاع التعليم الأساسي ولمدرّسيه، ويُضرب بها المثل في القطاعات الأخرى، وقد خضنا من أجلها النّضالات العديدة، حتّى أنّ السّادة القضاة طالبوا في وقت من الأوقات بالنّسج على منوال التعليم الأساسي في حركتهم، إذ لا فرق فيها بين معلّم وآخر إلاّ بالمجموع (طبعا المقصود هو الحركة النّظامية وليست الحركات الإنسانية أو لتقريب الأزواج). تكتسي الحركة كلّ هذه الأهميّة لدى المعلّم لأنّ أوّل شيء يفكّر فيه كإنسان هو مقرّ عمله وبُعده وقربه عن مقرّ سكناه وقد يشارك البعض من الزّملاء في الحركة للحصول على مركز في المدن الكبرى للتّداوي، أو لمرافقة ابنائهم الذين يزاولون تعليمهم العالي (العائلة كلّها تنتقل في هذه الحالة)، أو للدّراسة... ثم يفكّر في مرتبة ثانية في الأقسام والتوقيت وما شابه ذلك. إنّ الذي حيّر المعلّمين هذه السّنة وأربكهم فعلا هو ذلك النّص الذي صدر في كتيّب الحركة والقاضي بوجوب مشاركة كلّ معلّم لم يتحصل على مركزه في حركة نظاميّة أي كلّ من يشغل مركزه بصورة وقتيّة، وعليه أن يطلب 5 مراكز على الأقلّ!! وهنا لابدّ لي من إبداء بعض الملاحظات: 1 إحقاقا للحقيقة، تعتبرالحركة النّظامية هذه السنة افضل من سابقتها بقليل، ولكنها لم تصل بعد الى مستوياتها السابقة على الأقل في الوقت الحاضر من حيث عدد المراكز المنشورة للتّناظر. 2 إنّ الاتفاقية الأخيرة التي أمضيت مع وزارة التربية حول الحركة توصّل فيها الطرفان الوزاري والنّقابي الى إقرار ضرورة المحافظة على مراكز الزّملاء الذين أمضوا 3 سنوات فأكثر في المدرسة نفسها إن هم رغبوا في البقاء وعدم اخضاعها للتّناظر. 3 إنّ المراكز التي نشرت كانت على أساس الاتفاق الذي تحدّثنا عنه في النقطة الثانية أو حتى أقلّ من ذلك في بعض الحالات. 4 ولمّا يُطلب من جميع المعلّمين الذين يشغلون مراكزهم بصورة وقتيّة وجوب المشاركة في هذه الحركة، فيعني أنه هناك تناقض صارخ بين ما يطلب من المعلّمين وبين ما يمضى مع وزارة التربية والتكوين!! 5 عمليا أغلب الزّملاء الذين أجبرهم الكتيّب على المشاركة تخوّفوا كثيرا اذ قد يتحصل البعض منهم على مراكز لا يرغبون فيها اصلا، وهنا تكمن المشكلة لأنّ إمكانية التّراجع غير ممكنة!! 6 يضاف الى التّناقض السابق تناقض آخر، إذ لم تتعامل الادارات الجهوية مع نفس الموضوع بنفس الشّكل، فعلى سبيل المثال، جهة أريانة خلافا لجهات أخرى أعلمت مديري المدارس أنّ المعلّمين الذين يشغلون مراكزهم بصورة وقتيّة لمدّة 3 سنوات أو أكثر لهم الخيارفي المشاركة أو عدمها!! إنّ المنطق يقتضي التّعامل مع حركة المعلمين بكلّ جدّية وتوخي تمشّ متناسق من بدايته الى نهايته إمّا بتطبيق الاتّفاق المبرم مع وزارة التربية والتكوين بحذافيره (وهذا ليس دفاعا عنه إذ في رأيي الشّخصي يعتبر منقوصا جدّا ويضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين الزّملاء بإقراره الحمائيّة بالنّسبة للبعض والمحافظة لهم على مراكزهم وإغلاق المدارس أمام البقيّة الذين يرغبون في النّقلة إليها وهذا ليس عدلا) بما أنّ الأماكن الشّاغرة فعلا تمّ نشرها استنادا الى الاتفاق المذكور آنفا، أو وهذا هو المطلوب ولكن ليس الآن بعد أن حدّدت الشّغورات كما ذكرنا إعادة النّظر في حركة المعلّمين على أساس العدل والشفافية ونشر أكثر ما يمكن من المراكز الوقتيّة حسب نسبة مائويّة يتّفق عليها الطّرفان الوزاري والنّقابي. إنّ البعض متخوّف من نشر المراكز الوقتية وهو تخوّف في غير محلّه في نظري إذ أثبتت التّجربة أنّ الصفّة الوقتية تنقص جدا وأغلب المعلمين يتحصّلون على مراكزهم بصورة نهائية والقلّة الباقية من الزّملاء والزّميلات الذين هم «زائدون على النّصاب» كما يقال، دائما كانت هناك حلول لتلبية طلباتهم، ومن يقول عكس ذلك فهو يريد ان يلوي اعناق الوقائع والحقيقة!! إنّ الذي يحسم كلّ هذا الجدل في نظري حول موضوع حركة المعلّمين وبقيّة الموضوعات التي تهمّ الاصلاح التّربوي هو تنظيم استشارة في صفوف المعلمين يشرف عليها الطّرفان الوزاري والنّقابي تتوّج بندوة وطنية تلبّي انتظارات جميع الاطراف وتكون نتائجها ملزمة للجميع. محمد الحبيب بلحاج الكاتب العام للنّقابة الأساسية