«عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرّا مستقلا ديمقراطيا مناضلا»... هكذا يختم النقابيون لوائحهم، وتلك هي آمالهم من المؤتمر القادم لمنظمتنا العتيدة... فما المطلوب من المكتب التنفيذي الجديد مسؤولية نواب المؤتمر؟ إن الانجازات التي تتحقق خلال الدورة الأخيرة وأهمها، قطريا، الموقف الرافض لمجلس المستشارين، تحقيق مكاسب في بعض القطاعات والإنجازات الحاصلة في بعض اقسام الاتحاد عكست مجهودا مشكورا، بقطع النظر عن مدى الاتفاق مع محتواها، كما يثمن أبناء الاتحاد اهتمام منظمتهم بالمسائل القومية العالمية. إلا أن هذه الإنجازات غشّتها زلات ونقائص بقيت أقل من الآمال المنشودة وبعيدة عنها كما يرى البعض، لذا ينتظر أبناء الاتحاد هذا المؤتمر علهم، على إثره، يغنمون بتحقيق الركائز الأساسية لعيش الاتحاد العام التونسي للشغل حرا مستقلا ديمقراطيا مناضلا! الركيزتان الأولى والثانية أن يكون الاتحاد حرا مستقلا، فعلى المكتب التنفيذي الجديد أن يناضل ليضمن هذا الحق ويحفظه، لأن الحرية تمثل كلمة السر التي من خلالها وبها يفتك الاتحاد كل ما يخطط له فيحقق ما أراده أبناؤه ويكسب بها الهيبة التي يريدها مناضلوه ويبني بها الصرح الذي يهابه أعداؤه. إن أبناء الاتحاد ينتظرون مواقف أوضح حول موضوع الحريات في البلاد ينتظرون تحركا في هذا الشأن، فالاكتفاء بذكر الحاجة لا يشفي، إنما علينا السعي الى تحقيقها وعلينا ألاّ نقف عند ملاحظات مبهمة مرة وخجولة أحيانا بل أن نفصح أن هناك تضييقا على الحريات ولا بد أن نقدم تصورا ونسطر برنامجا لنفتك حريتنا في خاتمته وقتها سيصبح كل أبناء الاتحاد قادرين على نقد السلطة جهرا وبدون حيطة وحذر وسيسهل عليهم الإفصاح عن إخلالات مختلف هياكلها، وستصعب معاقبة المخالف في الرأي... بل ستنعدم. حينها سيكون الدعم الأصح لإخوتنا المقاومين وسيدعوا آخرون بكل حرية الى مقاومة التطبيع بجميع أشكاله وسيقف آخرون بكل جرأة ضد زيارات الأمريكان مجرمي الحرب... مثلما تفعل الشعوب الحرة في العالم. أما شرط اكتساب الحرية فهو أن يضرب المكتب التنفيذي الجديد على أيدي المنافقين الذين استغلوا ثقل الاتحاد للحصول على مكاسب شخصية، وأن يشد وثاق الذين يدفعون المنظمة الى الخلف من خلال التفريط في استقلاليتها. على المكتب التنفيذي الجديد ألاّ يتكبل بالأيدي المشبوهة وألاّ يتقيد بغير مبادئ المنظمة المؤكدة على الحرية والاستقلالية وألاّ يعول إلاّ على نضالية القواعد . فعليه مقاومة المرتشين ، مهما كانت مراكزهم في المنظمة ، هؤلاء الذين يسعون الى تكبيل الاتحاد،هم الذين باعوا المواقف بترقيات وامتيازات وشغل قار للإبن ... وللصهر والقريب. أما الركيزة الثالثة الداعمة لمنظمتنا فهي الديمقراطية: هذا المنشود الذي أصبح مهددا من طرف البعض داخل الاتحاد. إن المرء يشعر بالقرف لما يعلم أن أكثر من 97 بالمائة من أعضاء الاتحادات الجهوية الحاليين قد ترشحوا ضمن قائمات الكتاب العامين، نفس الشيء في عديد النقابات العامة والجامعات، فلا مكان إذن لمن يخالف سلطان الكاتب العام ... فالصراع لم يعد بين برامج ورؤى، والأفضل، الذي يريده هؤلاء، لم يعد الأكثر ولاء للمنظمة ولا الأقرب لهموم القطاع بل الأكثر ولاء للكاتب العام، من يريد مركزا في المنظمة وفق هذا المنطق، عليه أن يشد في تلابيبه. والمتابع للشأن النقابي يشعر بالازدراء لما يعلم بما آلت اليه الديمقراطية لدى البعض من المستثمرين داخل الاتحاد الذين يكيفون الانتخابات ليستفيدوا وليكافئوا أصدقائهم دون اعتبار للقانون الاساسي والنظام الداخلي للمنظمة المناضلة... هذا الانحراف عن الديمقراطية هو الذي خلق الموالاة والمعارضة داخل الاتحاد، فعلى المكتب التنفيذي الجديد أن يضرب بقوة على أيدي هؤلاء دفاعا على شرف الاتحاد. لكن السؤال الجوهري كيف الوصول الى مكتب تنفيذي قادر على تنفيذ هذه المهام؟ وهنا يسطع دور نواب المؤتمر. إن المسؤولية الأولى موكولة لنواب المؤتمر الذين لا ينوبون زملائهم في التشكيلة فحسب بل المسألة أعمق من ذلك بكثير فهم يمثلون كافة زملائهم المنخرطين، فعليهم أن يكونوا خير من يؤدي الأمانة. لأنهم أقرب الى تقييم القواعد وعليهم أن يترجموا هموم زملائهم ويلتزموا بتنفيذ آمالهم من هذا المؤتمر. المنجي هلال