بأغنية «جانا الهوى جانا» للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ و «علي الضحكة عليّ» أنهى هاني شاكر وصلته الغنائية في اخر حبات عنقود حفلات المهرجان ليلة الجمعة الماضي وبذلك ودّع «أوليس» جمهوره في انتظار العودة. فقرات انطلق السهر مع هذا الفنان المخضرم في موعده المقرر الا ان الفقرة الاولى كانت سينمائية اذ تم وعلى شاشة كبيرة وراء العازفين تحمل العلامات المميزة للمؤسسات الداعمة للتظاهرة عرض شريط قصير يلخص الفعاليات والحفلات السابقة، كما تم توزيع النسخة الثانية من النشرية الداخلية التي اصدرتها الهيئة المديرة بالتعاون مع الملحق الصحفي الاخ ميمون التونسي وثلة من الاخوة المراسلين والصحفيين (تجدون تقديما لها في غير هذا المجال) ثم بعد ذلك شرعت الفرقة الموسيقية في عزف المقطوعة الاولى «أسمراني» تفاعل معها الجمهور بالغناء والتصفيق في غياب المغني. وصعد بعد ذلك السيد طارق ترجت مدير الدورة ليقدم كلمة ترحيبية باسم الحاضرين ب «رائحة مصر وشذاها» مجسمة في المطرب المحتفى به صاحب «أمسية الطرب الاصيل» و «ضيف أوليس بصوته الدافئ «كروان الشرق» هاني شاكر. الاغاني بدأ هذا الاخير مشواره على الركح بتقديم اغنية هدية للقطر «يا جنة الاحلام تونس يا عربية» ثم تتالت الاغاني وكانت على التوالي: «من بدري أحبك أنا»، «حبيبتي حياتي»، «ألبوم صور»، «لو قالوا لك»، «يارتني قابلتك قبل ما أقابل أحد»، «أحبك يا غالي دائما على بالي»، «أنا قلب لك»، «غلطة اسمعيها»، «ياريتك معايا يا حبيبي»، أنت لسه بتسألني»، ومسك الختام الاغنيتان المشار اليهما في اول المقال، وقد تراوح الايقاع بين الهدوء والسكون والصعود والتموج المندفع كخفقات القلب»، والغريب حقا ان الجمهور الحاضر كان جاهز البديهة والحفظ ولم يرتبك ولم يظهر عليه النسيان خاصة النساء والمراهقات والصبايا والبنات. كان الجميع وخاصة هؤلاء يحفظون الكلمات حتى الصعبة منها على التذكّر، وكان في ذات الوقت «سمّيعا» يتوقف عن الترديد عندما ما يعمق هاني شاكر الشدو والعبارات ويخرجها من الداخل الذاتي لتصل مدغدغة آذان السامعين ومحركة لأشجانهم. صحيح ان الحضور ليلتها لم يكن بالحجم والعدد المماثل للحفلات الماضية ولكنه كان ايضا ذواقا ورائقا ورائعا في استيعاب المعاني الروحية الرقيقة الجميلة، مثبتا ان حاسة التفاعل لديه حاضرة عندما يجد ما يطربه وهو ما جعل المطرب يقف مبتسما احيانا حائرا احيانا اخرى، مستغربا من انه مازال يوجد نوع من هذا الجمهور. ندوة صحفية تم تنظيم ندوة صفحية في كواليس الركح مع هاني شاكر تحدث فيها بطلاقة وعبر فيها فعليا عن «انبهار» واحساس «بالأمل» والتشبث ب «مستقبل افضل وأرقى» اذ كما سبق القول لم يتوقع ان يكون الجمهور الذي شاهده وترك له المصدح ليغني عوضا عنه بمثل هذه القدرة الفائقة وخاصة الجنس اللطيف على معرفة أغانيه وحفظها عن ظهر قلب وهو ما يمثل «دفعا معنويا» خاصة في هذه الفترة من تاريخ الاغنية العربية عموما والمتميزة حسب رأيه بوجود «محاولات لتفريق هذا الجمهور عبر التجاذبات بين «موسيقى خليجية» وأخرى «لبنانية» وثالثة «شمال افريقية» في حين ان اللغة المعتمدة هي واحدة. وعن المشهد الحالي ذكر هاني شاكر ان الغناء «مزيج من الصورة والصوت» وتطغى فيه الاولى على الثاني، و «اصبح الشكل الخارجي للباث والاطار الظاهري المرئي يناسب اكثر الفضائيات التي يقوم عملها على «الصورة الحلوة الجذابة» اكثر من البحث عن النص والكلمة و «الغنوة الكويسة». وعند سؤاله حول تركيزه على الاغنية العاطفية والخفيفة في بعض ما يشدو به قال «إن الواقع اليوم المعيش في الساحة العربية وبكل مظاهره المتعارفة لم يبرز نصوصا وشعرا وابياتا ذات «مضامين» تجعلها من الممكن ان تمرر في القلوب وكذلك مستساغة وتطرب واكد انه يقوم بمحاولات لتجاوز ذلك النمط من الاغاني ومن ذلك تحوله مؤخرا الى رام الله والتي غنى فيها للفلسطينيين.