... اعصار قوي من الرياح والامطار الغزيرة بالبرد »التبروري« من الحجم الكبير ضرب بقوة أرجاء مدينة الرديف ومن ألطاف الله لم يدم طويلا والا كانت الكارثة أكبر والطوفان أعظم والخسائر افدح... من ألطاف الله بعباده أن هذا الاعصار لو دام لبعض سويعات لكانت مدينة الرديف وسكانها في اعداد الاموات... لكن رحمته سبحانة وتعالى وسعت كل شيء... تنفس اهالي الرديف الصعداء... وحمدو الله على ما درت به السماء وكانوا بقضاء الله وقدره راضين... بعد ليلة كاملة والمطر ينهمر واشتد قوة مع انبثاق فجر الاربعاء فكان الاعصار وحلت الكارثة السوداء: في تلك الليلة الظلماء كنت شاهدا على سخاء السماء وانا قائما اصلي ركعتي الفجر عبادة لخالق الارض والسماوات العلا... في تلك اللحظات الرهيبة تيقنت ان سقف الغرفة سيسقط فوق رأسي من شدة المطر وقوة البرد النازل من السماء بل لعليّ كدت اجزم ان الساعة اقتربت وان ابواب السماء فتحت وان عيون الارض فجرت... فسارعت بالتهليل والتكبير والتسبيح... سائلا الله اللطف بعباده... يا لطيف لم تزل... ألطف بعبادك بما نزل... تنفّس الصبح... حمدنا الله على ما قضى وقدّر وخرج الناس لمشاهدة ما اصابهم من عند الله... والسؤال عن أحوال اهالهم وجيرانهم وتفقد ممتلكاتهم وحاجياتهم واثاثهم ودوابهم... واحصاء ما ضاع منهم وما غمرته المياه وجرفته السيول وهدمته الامطار ودمره الاعصار... اموات بالجملة، أعضاء بشرية تلاعبت بها سيول المياه الجارفة واختلطت »بسقيطة« الحيوانات... عشرات المفقودين لم يتم حصرهم غمرتهم اكداس أوحال الفسفاط والاتربة في اعماق الاودية... مساكن مهدمة... اسوار محطمة... متاجر متضررة ومغلقة غمرتها المياه والاتربة... اثاث منزلي ومواد غذائية وادوات مدرسية تطفو فوق سطح المياه السائلة... انها حقا الطامة الكبرى والكارثة العظمى... التي داهمت مدينة الرديف... فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. انه غضب الطبيعة جاء قاسيا... قويا... شديدا... صلبا... قتل... ودمر... وعبث... وبعثر... وجرف... وقلع... وهدّم... وردم... البشر والشجر والحيوان والحجر... هذه باختصار نتائج الاعصار وما تركه من دمار في جل الاحياء السكنية والمتاجر والشوراع وبعض المؤسسات التربوية والمقرّات الادارية. الكارثة تسبّبت فيها الكمّيات الهائلة من الامطار الغزيرة والاعصار القوي وزادت في تضخمها السيول الجارفة التي انحصرت وتجمعت بفعل السواتر الترابية التي أقامتها شركة الفسفاط لحماية ممتلكاتها والتي لم تصمد امام تجمع المياه داخلها فتفجرت الاسوار وتفاقمت الازمة بزيادة كميات المياه بالاودية التي بدورها لم تتحمل هذا الكم الهائل من السيول فغمرت جل المساكن المجاورة وتسببت في انهيارها وهلاك العديد من سكانها... ... دعوة ملحة جاءت على لسان العديد من المتساكنين نسوقها الى المسؤولين للعمل بكل جد لحماية المدينة من الفيضانات وتلافي كل ما من شأنه ان يضر متساكينها في المستقبل لا قدر الله... كما لا يفوتنا ان نلفت انظار السلطة مرة اخرى بإنجاز وبناء الجسر فوق الوادي بالطريق الرئيسية الرابطة بين مدينتي ام العرائس والرديف ولحد علمنا انه مدرج ضمن المشاريع الرئيسية التي اذن بها سيادة الرئيس لفائدة جهة قفصة حتى يتم قطع العزلة نهائيا بين المدينيتين وتسهيل حركة المرور عند سيلان الوادي الذي يعطل الحركة ويفصل المدينتين كلما تهاطلت الامطار... تحية وفاء وتقدير وإكبار من القلب الى أهالي ومتساكني مدينة الرديف المناضلة على تضامنهم وتكافلهم وتآزرهم مع بعضهم البعض في هذه المحنة الأليمة حيث كان لهذا التضامن الفعال والتعاطف الاخوي والاسري الأثر الطيب لدى الجميع وكان كذلك للفتة السامية والمساعدات السخية من لدن سيادة رئيس الجمهورية والمجهودات الجبارة والدعم الموصول من طرف السلط المحلية والجهوية والوطنية والمنظمات المهنية والاحزاب السياسية، كان له بالغ الاثر لدى أهالي الرديف ولعبت دورا بارزا في التخفيف من آلامهم وسهلت عليهم تقبل مصائب الفاجعة بكل صبر وإيمان بقضاء الله وقدره وكان موقف الاخ الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل مشرفا ازاء هذه المأساة حيث أوفد ثلاثة اعضاء من المكتب التنفيذي الوطني وهم الاخوة: محمد المنصف الزاهي، محمد سعد، حسين العباسي برفقة الاخ عمارة العباسي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بقفصة، الذين تحولوا الى مدينة الرديف في اليوم الثاني للكارثة وقاموا بزيارة ميدانية الى بعض الاحياء السكنية وعاينوا الاضرار والدمار واتصلوا بالمتضررين وقدموا التعازي والمواساة لبعض العائلات كما قدموا لهم المساعدات العينية والغذائية. صبرا جميلا... اهالينا... أخواتنا... إخواننا... أحبائنا متساكني منطقة الرديف... ان شهدائكم مأواهم جنة الخلد والنعيم بإذن الله تعالي... وان خسائركم وأضراركم ستعوض ان شاء الله... ... »ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين اذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولائك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولائك هم المهتدون« صدق الله العظيم.