لقد لقي تقرير القاضي «ريتشارد ولدستون» وزملائه القضاة الدوليين أمام مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأممالمتحدة، أصداء إيجابية واسعة وإمتنانا كبيرا منقطع النظير لدى شعوب العالم المضطهدة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الشقيق، وكذلك في صفوف منظّماته الوطنية والأهلية، وفصائل المقاومة المسلحة.. وأيضا بين مكونات حركة حقوق الانسان في العالم... فالتقرير الضخم والمفصّل تفصيلا دقيقا وبدرجة عالية من الحياد والحرفيّة.. قد أماط بجرأة إستثنائية المزيد من الألثمة عن بشاعة جرائم الحرب الموصوفة وفظاعة المجازر الرهيبة التي إقترفتها عصابات الدولة الصهيونية نازيّة العصر الحديث والحجم الهائل للدمار والتخريب والنسف والتجريف الذي نفّذته الآلة الحربية الصهيونية على الشعب الفلسطيني الشقيق الأعزل والمحاصر في قطاع غزّة الباسلة... فرسان التقرير: »أعضاء شرف« في منظمة التحرير... إنّ »ريتشارد ولدستون« وقضاة لجنة التحقيق الدولية قد وضعوا أمام الرأي العام العالمي المتعلق بالحرية والحق والانعتاق إنجازا توثيقيا وقانونيا وإعلاميا في منتهى الاهمية النوعيّة، لم تشهد أروقة منظمة الأممالمتحدة نظيرا له منذ تأسيسها، رغم مئات التقارير والقرارات المتنوعة التي صدرت عنها وعن مؤسساتها المختصة خصوصا حينما نعلم أنّ القاضي »ولد ستون« (رئيس لجنة التحقيق) يهودي الديانة ويتبنّى الايديولوجيا الصهيونية، فضلا على أنّه رئيس إحدى جامعات التعليم العالي في فلسطينالمحتلة (بما يعني أنّه يتقاضى مرتباته من ميزانية الدولة الصهيونية نفسها!!). كما أنّ التقرير حول جرائم الجيش الصهيوني في قطاع غزة والذي يحتوي على 574 صفحة كان نموذجا للحياد والمصداقية، حيث بلغت محاوره التحليلية 24 محورا، خضعت جميعها للقواعد »الديونتولوجيّة« المألوفة في بحوث القانون الجنائي الدولي، على غرار التبويب والترقيم والتفصيل والتدقيق والتحليل ثم الاستنتاج وعرض التوصيات... فمن جملة المحاور الأربعة والعشرين المذكورة، خصّص التقرير 22 محورا كاملة لتصوير بشاعة جرائم الحرب الصهيونية على قطاع غزّة، وإستنكار مجازرها الجماعية وإدانتها بلهجة حانقة.. ومطالبة منظمة الأممالمتحدة بالسّعي لمثول مقترفيها والآمرين بتنفيذها أمام محاكم جرائم الحرب الجنائية، وسدّ الطريق أمام الحماية من التتبعات والعقاب... أما صواريخ المقاومة الوطنية الفلسطينيّة، فإنّ التقرير لم يخصّص لها سوى محورين إثنين، للاشارة إلى أن سقوط بعضها على مناطق آهلة بالسكان داخل فلسطينالمحتلة يمثّل إعتداء على المدنيين غير المسلحين... وبالرغم من أنّ القاضي »ولدستون« قد صرّح للعديد من وسائل الاعلام العربية والأوروبية بأنّ التقرير نابع من »قناعاته الصهيونية« فإنّه قد تلقى وابلا من الوعيد والتهديدات بالتصفية الجسدية صادرة عن الاوكار الصهيونية في أمريكا الشمالية وأوروبا، التي أنكرت عليه يهوديّته أصلا، بل وزجّت به في خانة الخيانة!! ومهما يكن من أمر فإنّ عصر العولمة الامبريالية الماحقة للحق والعدالة والحرية في تقرير المصير للشعوب بنفسها وحقوقها الطبيعية والشرعية في المقاومة وصدّ العدوان والاحتلال هو الكفيل وحده بتفسير دروب البطولة والريادة التي تصبح »خيانة« وتفسير منعرجات الخيانة والتحريف والتواطئ والتخاذل، التي تصبح »بطولة«! فمن المفارقات الجدلية المثيرة أن تعتبر الصهيونية تقرير »قولدستون« خيانة لها ولمصالحها وأن سحب نفس التقرير من دائرة مجلس حقوق الانسان من طرف محمود عباس ورموز اليمين الفلسطيني تعتبره نفسُ الصهيونية »بطولة«،، في نفس الآن الذي إعتبر فيه الرأي العام الوطني الفلسطيني نفس التقرير نوعا من البطولة غير المسبوقة.. وسحب التقرير خيانة موصوفة بشعة تنكّرت بوقاحة غير مسبوقة لمعاناة الشعب الفلسطيني ودمائه وشهدائه!! الصحفي »دونالد أبرون« يكشف جرائم أريال شارون وفي نفس إطار الحملة العالمية لمزيد الكشف عن الجرائم النازية التي إقترفها ومازال يقترفها الكيان الصهيوني البغيض بتحريض مباشر وإسناد عسكري ومالي وتكنولوجي من الامبريالية الامريكية بدرجة أولى في حق أبناء وبنات الشعب الفلسطيني المحاصر والصّامد،، وبعد صدور تقرير لجنة »ولدستون« بأسابيع قليلة ... إطّلع الرأي العام العالمي على سلسلة التحقيقات الميدانية المباشرة والصور التوثيقية الحية والتسجيلات الصوتية الناطقة حول أشنع الجرائم الصهيونية على الإطلاق في قطاع غزة وفي الضفة الغربية على حدّ السّواء، وهي الجرائم التي طالت بالخصوص شبّانا وصبايا فلسطينيين دون الثلاثين سنة من عمرهم كانوا قد إختفوا عن الأنظار تماما منذ سنوات عديدة، ولم يعرف أهاليهم مصيرهم بتاتا بعد أن تأكدوا من عدم وجودهم في السجون أو في الأسْر وظلّوا يعتبرونهم »مفقودين« ولا أثر لهم إطلاقا!! واللاّفت للنّظر أنّ الذي تجشّم أعباء وأهوال البحث عن هؤلاء المفقودين وتحطيم حاجز الصّمت وتفكيك تركيبة هذه الألغاز العجيبة.. ثم أنجز التحقيقات والأشرطة السمعية البصرية غير المسبوقة.. لم يكن باحثا عربيا أو قاضيا فلسطينيا أو قائدا عسكريا أو ضابط إستخبارات...!! إنّه الصحفي السويدي السيد »دونالد أبرون«.. وهو من مواليد سنة 1954 ورئيس تحرير الصحيفة اليومية السويدية (لم أتحصل على عنوانها مع الاسف!)، وهو الذي يشرف على إدارتها وإصدارها في العاصمة »ستوكهولم«.. وبصفته أصبح مالكها، فقد نشر على أعمدة صفحاتها الداخلية سلسلة التحقيقات المذكورة. فلقد ظلّ السيد »دونالد أبرون« صحفيا محرّرا طيلة أكثر من عشرين سنة.. ثم دفع به تخصّصه الأكاديمي في علم الاجتماع الى التميّز الباهر في إنجاز البحوث الصحفية الحيّة والتحقيقات الميدانية بعيدا تماما عن ستائر المكاتب التقليدية وكراسيها المتحرّكة، حول جذور الحروب والصراعات (الطبقية والقومية والقبلية) وأسبابها الحقيقية وتحديدا في رصد جرائم الحرب والتقتيل والدمار والاغتيالات وبدرجة أولى الجرائم النازية التي إقترفها الكيان الصهيوني العنصري البغيض في حقّ البشر والارض والشجر في غزة والضفة الغربية بداية من سنة 1992 وإلى حدّ الحرب الاخيرة على القطاع الباسل. فالتقرير الضخم الذي شمل سلسلة التحقيقات المذكورة والذي نشرته مؤخرا صحيفة السيّد »دونالد أبرون« على أعمدتها وعلى موقعها الإلكتروني الخاص.. تضمّن كشوفا مفصّلة مدعومة بوثائق إثبات صارخة وأسماء الضحايا وبعض صورهم وتسجيلات صوتية لأهلهم وذويهم، عن جرائم صهيونية بربرية لم يسبق لها مثيل في التاريخ، وقد تكون نازية »هتلر« وفاشية »موسيليني« لم تقترفاها بتلك الأساليب البشعة في حق البشرية!! فلقد توصّل الصحفي السويدي الى إثباتات موثقة ومصوّرة صارخة بأنّ مجرما الحرب »يهودا باراك« و»أريال شارون« قد أشرفا مباشرة على عمليات خاصة نفّذتها عصابات الجيش الصهيوني، تمثلت في: إختطاف ما يناهز 300 مواطن فلسطيني (أطفال وشبان وفتيات) وإحتجازهم داخل معتقل سرّي في صحراء النقب الفلسطينية (غير بعيد عن مفاعل ديمونة النووي). إغتيالهم بالرصاص على دفعات متتالية والاحتفاظ بجثثهم دون دفنهم. تكليف مختص في الطب الشرعي ويُدْعى (يهودا هُسْمُزْ) باقتراف جرائم تشريح حيوانية وتفكيك بربري للعديد من جثث القتلى الفلسطينيين ونزع أحشائهم وأعضائهم الحيوية (تحديدا الكبد والقلب والبنكرياس) ثم دفنها تحت جناح الظلام في مقابر سريّة. ولقد أفادنا الصحفي السويدي في تحقيقاته المذكورة، أنّه قد عاين بنفسه مرفوقا ببعض المناضلين الفلسطينيين وأهالي بعض الضحايا المفقودين وبالفريق الصحفي لصحيفته، إكتشاف أربعة مقابر سرية في الضفة الغربية (علمت بها حكومة محمود عباس في الإبان) وتحتوي على 152 ضريحا مجهولي الهوية تماما.. وأنّه بعد نبش العشرات منها وفتحها.. تمّ إكتشاف 51 حالة تمثل جُثثا خاوية تماما ومنزوعة الاعضاء والأحشاء!! فهل شهدت العصور القديمة والحديثة جرائم حرب وتنكيل وإضطهاد أبشع ممّا تقترفه طيلة ستين عاما عصابات الكيان الصهيوني العنصري في حقّ أطفال فلسطين الحبيبة وشبابها اليافع وصباياها ورجالها ونسائها وشيوخها؟؟! وتحية إكبار وإجلال عميقين للصحفي السويدي السيد »دونالد أبرون«، الذي أسقط المزيد من الأقنعة المزيّفة عن الطبيعة البربرية للدولة الصهيونية الجاثمة على أنفاس وصدورالاشقاء في فلسطينالمحتلة... ولقد أراد الصحفي السويدي البطل في ميدانه توجيه رسالة عاجلة للجميع مفادها أنّ عصابات الدولة الصهيونية، ومن ورائها وإلى جانبها أباطرة العولمة وأبالسة الامبريالية لم تسرق فقط الأرض والجغرافيا والتاريخ والمياه والحجر والهواء والبحر والشجر في فلسطينالمحتلة بل سرقت أيضا، الحياة والبشر وأكبادهم وقلوبهم وأحشاءهم!!.. إنّ مآسي الشعب الفلسطيني الشقيق تتفاقم باستمرار، في الوقت الذي يلهث فيه سماسرة اليمين السياسي الفلسطيني نحو مصافحة مجرمي الكيان الصهيوني وزرع الاحباط داخل قوى المقاومة الشعبية الوطنية والتخلّي نهائيا عن الكفاح المسلح من ناحية أولى ومن ناحية ثانية، ينشغل هؤلاء السماسرة (والوطن والشعب تحت نير الاحتلال) بمتاهات صراع دموي مع اليمين الديني الفلسطيني... على »سلطة« ورقيّة وهميّة زائفة يتحكّم الإحتلال في مصيرها.