لا شكّ أنّ التصدير يُعدُّ محورا قارا للعديد من السياسات القطاعية على غرار الاستثمار الصناعي والفلاحي، الخدمات، الاتّصالات والسياحة فالنقل... وهو أيضا عنصر أساسي في نشاط الهياكل والمؤسّسات الإدارية والمهنية مثل البنوك، الديوانة والتأمين.. كما أنّ التصدير ما انفكّ يحظى بالأولوية في عمل هذه الهياكل والمؤسّسات. ويمثّل البترول ومشتقاته الفسفاط والمنتجات الفلاحية أهمّ صادرات قطاع التصدير ضمن النظام العام. ويمثّل تصدير الخدمات 25 من مجموع الصادرات وهي ترتكز أساسا على السياحة مع توجّه ملحوظ نحو التنوّع. ولئن تستفيد أكثر من 80 من الصادرات من الامتيازات التي توفرها الاتفاقيات التجارية التي أبرمتها تونس مع البلدان الشقيقة والصديقة، فانّ هذه الصادرات قد تضاعفت خلال الفترة الممتدّة بين سنتي 1997 و 2005 لتصل الى حدود 13607.7 م.د مقابل 6147.9 م.د سنة 1997 وتطوّرت صادرات الخيرات منذ سنة 2000 بنسب ذات رقمين، كما سجّل المجهود التصديري زيادة بمعدّل نقطة سنويا خلال المخطط العاشر للتنمية ليبلغ 36,6 من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2005، في حين لم يتجاوز هذا المؤشّر نسبة 30 خلال المخطط التاسع للتنمية. وانّ زيادة نسبة تغطية الصادرات بالواردات بمعدّل يقارب النقطتين سنويا خلال المخطط العاشر لتصل هذه النسبة الى 97,6 سنة 2005 قد قابلها استقرار نسبي لهذه النسبة خلال المخطط التاسع للتنمية في حدود 69,1 ولعلّ الشيء اللافت في مميّزات الصادرات التونسية على المستوى الجملي هو ارتفاع مؤشّر التفتّح الاقتصادي الذي حقّق قفزة نوعية من 80,8 خلال السنة الاخيرة من المخطط التاسع الى 82.6 سنة 2005 اضافة الى الزيادة المتواصلة في عدد المؤسسات المصدّرة التي تحوّلت من 5200 سنة 2004 الى 5400 حاليا كما ارتفع عدد المصدرين ليصل حاليا زهاء 5554 مصدر وتنوّعت الصادرات وقفزت بعض المنتوجات الجديدة على هذا السطح مثل الصناعات الميكانيكية وتكنولوجيات الاتصالات والمعلومات. وهذا ما عزّز موقع تونس على الصعيد العالمي في مجال التصدير الذي بات يحظى بمكانة هامة وأولوية مطلقة ولكن مقابل ذلك، فإن التصدير ما انفك يواجه بعض التحديات والاشكاليات ذلك ان المؤسسات المصدّرة كليا لا تتزوّد من السوق المحلية مما يضعف اندماجها في النسيج الصناعي التونسي كما ان عدم انتظام التصدير بالنسبة لعدد كبير من المؤسسات التونسية يؤثر على نسقية التصدير حيث نجد ان 1357 من المؤسسات التي قامت نسبة 2004 بعمليات تصدير تخلت عن ذلك سنة 2005!! اضافة الى انّ اغلب المؤسسات التقديرية والتي تصل نسبتها الى 74 في الجهاز التصويري لا يتجاوز رقم معاملاتها عند التصدير المليون دينار بينما يتجاوز رقم معاملات 12 مؤسسة فقط 100 مليون دينار منها 3 مؤسسات عمومية ومن جملة الاشكاليات التي تواجه منظومة التصدير تواضع القيمة المضافة للصادرات التونسية باعتبار ان اغلبها تعتمد المناولة وكذلك تواضع مساهمة الصناعات المعملية ضمن التصدير في قطاع النظام العام واخيرا عدم انتظام الصادرات الفلاحية لارتباطها بالظروف المناخية والاولوية الممنوحة لتزويد السوق المحلية بالاضافة الى تواضع قيمتها المضافة. ولتجاوز بعض هذه الاشكاليات والعوائق فانه لا بدّ من التقريب بين نظامي التصدير الكلي والتصدير الجزئي في مستوى الامتيازات والخدمات الديوانية والامتيازات الجبائية وقانون الصرف والنفاذ للسوق المحلية ولتحسين مساهمة المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تعمل ضمن قطاعات النظام العام في الصادرات من خلال حثها على تحسين قدرتها التنافسية والانخراط في برنامج التأهيل الصناعي وتحسين مصادر التزوّد بالمواد الاولية والمواد نصف المصنعة بالتخفيض في التعريفة الديوانية لتكون في نفس مستوى التعريفة المعمول بها مع الاتحاد الاوروبي في اطار اتفاق الشراكة واتفاقيات التبادل الحرّ. تكثيف العلاقة بين المؤسسات وشركات التجارة الدولية ودراسة وضع تشريع او مدوّنة سلوك لتنظيم هذه العلاقة وخاصة تحسين القيمة المضافة للانتاج الوطني بالانتقال من المناولة الى المنتوج النهائي. وضع برامج قطاعية ترويحية على غرار البرنامج المخصص لقطاع النسيج والملابس لتغطي قطاعات الاحذية والصناعات الكهربائية والالكترونية والميكانيكية التي تعتمد على المناولة. وتحسين مصادر التزوّد بالمواد الاولية والمواد نصف المصنعة من خارج الاتحاد الاوروبي بالمنطقة الاورو متوسطية بالتخفيض في التعريفة الديوانية لتكون في نفس مستوى التعريفة المعمول بها مع الاتحاد الاوروبي في إطار اتفاق الشراكة واتفاقيات التبادل الحر الاخرى...