نظّمت المجلة الفكرية السياسية «رؤى» يومي 29 و30 سبتمبر ندوتها السنوية الأولى تحت عنوان «المواطنة اليوم والقيم الجمهورية» وافتتحها البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان بمداخلة أبرز خلالها سبل تكريس مبادئ الجمهورية وقيم المواطنة من قبل المفكّرين والسياسيين التونسيين عبر مختلف المراحل التاريخية وفي مداخلته وضّح الوزير العلاقة التفاعلية بين النظام الجمهوري والمواطنة ويقول في هذا الإطار «ان النظام الجمهوري خير كفيل لحقوق الإنسان وإقرار المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات..» مبرزا كيفية تكريس النظام الجمهوري لفعل المواطنة مقدّما بهذا الخصوص قراءة تحليلية لأحكام عامة واردة بالباب الأول من الدستور التونسي وتلخّص الحقوق المقرّرة للفرد بصفة مطلقة مهما كانت جنسيّته وحقوق أخرى مقرّرة فقط للمواطن التونسي دون غيره داخل الدولة التونسية كما تطرّق الوزير الى الأزمة الفكرية والسياسية التي كادت تقصف بمستقبل البلاد في أوائل الثمانينات من القرن الماضي والتي كانت سببا جوهريا لتنقيح بعض فصول الدستور كتكريس نظام الرئاسة مدى الحياة وتكريس مبدأ الخلافة الآلية وذلك بعد نقطة التحوّل التي شهدتها تونس في السابع من نوفمبر 1987 بإعتماد جملة من الإصلاحات السياسية والدستورية والإجتماعية والتي تمّ من خلالها تطوير مفهوم المواطنة وربطها بقيم التعددية وقيم التضامن. المواطنة النشيطة وبعد مداخلة الوزير أخد الكلمة السيد صادق شعبان رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي بتقديمه جملة من المفاهيم المرتبطة بفعل المواطنة ويقول في هذا الإطار أنه «كلما شعر الفرد أن الوطن وطنا وأن التونسي ينتمي إليه كلما تعمّق مفهوم المواطنة الحقيقية».. هذا ويشير الى أن فعل المواطنة وقيم الجمهورية ليستا بالمفاهيم الجديدة ولا الغريبة على بلادنا والمتعمّق في تاريخ قرطاج على مدى ستة قرون يتأكد من أن القيم الأولى للجمهورية وللتسامح وللمواطنة تأسست منذ العهد القرطاجي غير أن هذه القيم ترسّخت اليوم في أذهان المجتمع التونسي ودفعت إضافة الى كثير من القيم الأخرى كقيمة الحداثة وقيمة الإنفتاح على أن تصبح قيما دستورية ثابتة كما أضاف السيد صادق شعبان أن الإستثمار الجديد للبلاد التونسية هو الإستثمار في الشباب الذي يعدّ أهمّ مكسب يمكن أن تعوّل عليه البلاد لإنجاح سياستها ورفع مستوى إقتصادها ولهذا السبب تعتبر سنة 2010 سنة الشباب والتي ترتكز بالأساس على فعل «المواطنة» النشيطة. الوعي العميق بالإنتماء الى المجموعة وقد اشتملت نفس الجلسة على مداخلة السيد الشاذلي القليبي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية وعضو مجلس المستشارين والذي يعتبر أن التناغم بين الدولة والمجتمع هو الحصن الحصين لتكوين الجمهورية بمفهومها الحقيقي وبيّن المبادئ والقيم التي انبنى عليها النظام الجمهوري على إمتداد التاريخ والتي تتمحور في قيمة العدالة وقيمة التضامن مختتما مداخلته بالتأكيد على أن المواطنة الحقيقية هي الوعي العميق بالإنتماء الى المجموعة الوطنية وتتواصل الجلسات والمداخلات مع السيد يحيى اليحياوي باحث في علوم الإعلام والإتصال وأستاذ بجامعة محمد الخامس الرباط والسيدة ريم رويس عضو مجلس المستشارين والسيد رضا الملولي عضو مجلس المستشارين الذي تطرّق الى موضوع المواطنة في الخطاب السياسي للرئيس بن علي والسيد صلاح الدين الدريدي مدير عام للإعلام بوزارة الإتصال والذي تطرّق الى موضوع الرقمنة والمواطنة والإعلام التونسي كمثال وكثير من المشاركين الآخرين وقد أثرى هذه المداخلات كثير من النقاشات الثرية والتي طرحت عديد الإشكاليات وعديد النقاط الهامة كضرورة تلقين الأطفال مفهوم المواطنة منذ الصغر وكيفية تعليمهم آليات المواطنة وتنشئتهم عليها حتى يتربوا على ممارستها منذ النشأة الأولى