تستقبل العائلات التونسية المولود الجديد بالفرحة وتستقبله أيضا بعادات وتقاليد الأجداد فكلما ازدان فراش زوجين بمولود جديد تسرع الحماة أو الأم إلى إعداد «خلطة « الفواكه الجافة بالزيت أو الماء بالزهر أو الزيت والعسل وتعطى للرضيع منذ أسبوعه الأول وبينما تنهمك النفساء في استرجاع أنفاسها بعد آلام المخاض تتعهد الحماة أو الأم بتقميط الرضيع وتمسيده بالزيت وإعطائه ما ينصح به القدامى هذه العادات لازال يحافظ عليها البعض وتتمسك بها العديد من العائلات وفي حالات أخرى تقابل بالرفض فالكثير من الأمهات اليوم يقعن في مواجهة مع الحماة التي يرسخ في ذهنها ضرورة التعامل مع الرضيع بنفس الطريقة التي تعلمتها من أمها وجدتها أما الكنة وخاصة إذا كانت من الفئة المثقفة فتراها تبدي خوفا على رضيعها من هذه العادات وتتشبث بما يأتي به العلم من نصائح وتحذيرات. العادات القديمة ناجحة أول ما يمكن أن نتساءل عنه ونحن نرى جداتنا يتعاملن مع الرضع بكل هذه الخبرة سواء في المعاملة الغذائية أو في التدليك أوفي البعض من العادات الأخرى ك «هزان الحلق «مثلا هو التساؤل عن مدى صحة هذه العادات من الناحية العلمية فالعادات التي تتوارثها الأجيال أصبحت مهددة بالإندثار اليوم رغم أن التجارب أثبتت أن الكثير منها ناجح ومهم لصحة الرضيع والدليل أن البنية الصحية للأجيال القديمة هي أفضل بكثير من بنية الأجيال الجديدة وهو ما أكده لنا الدكتور عبد المجيد عبيد أستاذ بكلية الطب وأخصائي في التغذية بالمعهد الوطني للتغذية ويجيب الدكتور بخصوص هذا التساؤل قائلا «العادات القديمة هي ثمرة لتجارب الأولين ولا يمكن للعلم أن يفندها طالما أنه لم يثبت آثارها السلبية وهذه العادات هي تجارب أعطت للقدامى فكرة عن كيفية التعامل مع الطفل منذ الولادة كما أن العلم رغم تقدمه فإنه إلى حد اليوم لم يوضح الكثير من الأشياء مثلا مسألة الأنزيمات في معدة الطفل ومدى تقبلها لبعض الأغذية دون غيرها على عكس القواعد القديمة فهي ناجحة .
الزهر والسكر ويواصل الدكتور «جرت العادة عند ولادة الرضيع ومنذ الأسبوع الأول أن تعطيه العائلة الماء والزهر أو الماء والسكر مع أن السكر هو عادة جديدة نسبيا وبالنسبة للماء والزهر يؤكد الدكتور أنها على العكس عادة طيبة وفيها الكثير من المنافع للرضيع خاصة أن الزهر مستخرج من رحيق الأزهار ويعطي للطفل قدرة على التفرقة بين المذاقات وهو جيد للمعدة أما السكر فهو منصوح به للمواليد الجدد ويمنح الطاقة وينصح به للأطفال الذين تعمل أمهاتهم إذ يفتقدون طيلة اليوم كميات السكر الموجودة في حليب الأم لذلك يمكن إعطاؤهم الماء بالسكر ولكن لابد من الإشارة أنه سواء للزهر أو السكر لا تعطى سوى كميات قليلة جدا حتى لا تكون هناك آثار سلبية خاصة فيما يتعلق بالسكر إذ أن إعطاء الطفل كميات كبيرة من السكر في هذا العمر تجعله يميل عند كبره إلى أشياء حلوة المذاق كما أن السكر يشكل مصدر خطر على عمل أجهزة تعديل السكر في الجسم.وينصح الدكتور بأهمية إعطاء الطفل الماء المعدني على حدا وفي أوقات أخرى الماء المعدني بالزهر أو السكر. الفواكه الجافة الفواكه الجافة تعطى أيضا للرضيع منذ الولادة وعادة ما يتم تحضير خلطة من أنواع مختلفة من الفواكه الجافة بالزيت وتعود البعض على إعطاء الرضيع الفستق المرحي لاعتقادهم بأنه ينمي الذكاء لديه وهذا الاعتقاد صحيح من الناحية العملية حسب الدكتور فقد ثبت علميا أن الفستق يحتوي موادا مفيدة لتكوين المخ والجهاز العصبي وفيه أيضا زيوت وفيتامينات ومعادن ودهنيات يمكن أن يهضمها الجهاز الهضمي شرط أن تكون بكميات قليلة ويضيف الدكتور أن إعطاء الفستق مفيد للرضيع لكن يجب أن لا تتجاوز الكميات ربع ملعقة قهوة يوميا ويمكن أن نعطيه الفستق أو العسل أو الزيت أو الزهر يوميا ولكن دائما مع احترام الكميات القليلة وبالنسبة للزيت والعسل ينصح الدكتور بمسح لسان الرضيع بهما أو إعطاء كمية قليلة جدا لتحصل المنفعة دون انعكاسات سلبية . ويحذر الدكتور عبيد من مخاطر استعمال نبتة الشيح التي ينصح بها عادة للأطفال الذين يعانون من الدود في الأمعاء أو استعمال قشور الرمان أو قشور البطيخ ويؤكد أن علاج الدود يمكن أن يكون بالإكثار من استعمال البصل والثوم في إعداد الطعام لأنهما مهمين جدا في القضاء على الديدان . حذار من «هزان» الحلق عادة أخرى معروفة جدا وهي «هزان الحلق» وهو عادة يعتبرها الدكتور ن.ب أخصائي في أمراض الأطفال مضرة وخطيرة جدا على الطفل فالنساء المسنات اللواتي يقمن بإدخال أصابعهن في حلق الطفل لا تتوفر فيهن الشروط الصحية ولسن مختصات للمس هذه المنطقة الحساسة جدا في الجسم والتي تحتوي على قدر كبير من الأعصاب وأي خطأ يمكن أن يعرض الطفل للتعفنات والمشاكل الصحية وفي بعض الحالات قد تحدث موتا فجئيا بلمس هذه المنطقة. ولا ننسى أيضا أن هؤلاء النساء لا تتوفر في أصابعهن عناصر التعقيم الكافية لضمان عدم حدوث التهابات ويشير الدكتور إلى أن لمس الحلق يدخل الجراثيم ويسبب التعفنات كما يمكن أن يتسبب في انسداد الجيوب الأنفية أو انقطاع التنفس والوحيد المؤهل للمس هذه المنطقة هو طبيب الأنف والحنجرة وهو نفسه يستعمل الأجهزة الطبية في أغلب الحالات لتشخيص الأمراض ورغم أن البعض يستعمل الريشة ظنا منه أنها تزيل البلغم وهذه الريشة خطيرة جدا إذ بها قدر كبير من الجراثيم . القماطة مضرة للمخ والحركة وعن القماطة يضيف الدكتور أن العلم أثبت أن القماطة مضرة Luxation de hanche وهي تمنع الطفل من الحركة بشكل طبيعي ولها تأثير على المشي فيما بعد إذ تؤثر سلبا على الخصر وتحدث فيه إعوجاجا يجعل المشي غير قويم مستقبلا وقد كانت عادة القماطة معتمدة كثيرا في روسيا ولكنها اليوم عرفت تراجعا بعد أن رفضها العلم ومن المضار الأخرى للقماطة تأثيراتها على المخ إذ ان الطفل عندما يقع تقميطه يفقد قدرته على تحريك اليدين والساقين بالتالي فهو يفقد القدرة على إحداث الترابط في ذهنه بين وظائف الأطراف ويفيد الدكتور أن تحريك الأطراف في كل الاتجاهات مهم جدا لنمو خلايا المخ . وفي المقابل لا ينفي أهمية عملية قلب الطفل على رأسه بعد تقميطه فهذا التصرف يقوم به الأطباء والقابلة عند الولادة وهي تسهم في إرجاع الدم إلى المخ ودخول الأوكسجين فيه والمخ كما نعلم هو عنصر حساس جدا لمادة الأوكسجين وأي تأخير في وصول الأوكسجين إليه يؤدي إلى مشاكل كثيرة . «مفتول » الصابون والعلاج بالڤاز ومن الطرق الأخرى للعلاج التقليدي مفتول الصابون ويستعمل في حالات الإمساك لدى الطفل وتقوم الأم بصنع «مفتول» من الصابون الأخضر وتقوم بإدخاله في مؤخرة الطفل لحفزه على التخلص من الفضلات وهذا التصرف يمكن أن تنجر عنه حسب الدكتور تهرئة والتهابات في هذه المنطقة الحساسة خاصة وأن الصابون يحتوي على مواد كيميائية خطيرة مثل الصودا. وفي حالات أخرى تعتمد المرأة على مادة الڤاز لعلاج البلغم إذ تتولى الأم وضع جريدة مغمسة في الڤاز على صدر الطفل وهذا خطير جدا وقد قام الدكتور بعلاج الكثير من مثل هذه الحالات بعد أن حدثت لعديد الاطفال مشاكل في التنفس وإختناق وإحتراق الجلد. عادات حميدة وبالنسبة للأطفال الذين يعانون من الدود يحذر من استعمال الشيح للعلاج لأن الشيح يؤثر على الدورة الدموية وعلى دقات القلب كما يحدث انخفاضا في الضغط ولعلاج الدود يكفي استعمال الأدوية التي يصفها الطبيب المختص وهي أدوية مدروسة حتى لا تحدث تسمما للطفل وينتهي مفعولها عند المعدة بعض العادات الأخرى يعتبرها الدكتور حميدة كاستعمال البسباس للتخلص من الغازات لدى الطفل وهذا الغاز متأتي من لهفة الطفل على شرب حليب الأم إذ يستنشق الكثير من الهواء مما يحدث انتفاخا في الأمعاء وعن العسل ويختم أنه إذا أعطي بكميات قليلة مفيد جدا وكذلك زيت الزيتون فهو مفيد لتكوين المخ