الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الإعلان
التونسية
الجريدة التونسية
الحوار نت
الخبير
الزمن التونسي
السياسية
الشاهد
الشروق
الشعب
الصباح
الصباح نيوز
الصريح
الفجر نيوز
المراسل
المصدر
الوسط التونسية
أخبار تونس
أنفو بليس
أوتار
باب نات
تونس الرقمية
تونسكوب
حقائق أون لاين
ديما أونلاين
صحفيو صفاقس
كلمة تونس
كوورة
وات
وكالة بناء للأنباء
موضوع
كاتب
منطقة
Turess
السينما التونسية حاضرة بفيلمين في الدورة التأسيسية للمهرجان الدولي للفيلم القصير بمدينة تيميمون الجزائرية
بطولة انقلترا: مانشستر سيتي يكتسح ليفربول بثلاثية نظيفة
الصندوق العالمي للطبيعة بشمال إفريقيا يفتح باب التسجيل للمشاركة في النسخة الثانية من برنامج "تبنّى شاطئاً"
مدير "بي بي سي" يقدم استقالته على خلفية فضيحة تزوير خطاب ترامب
هل نقترب من كسر حاجز الزمن؟ العلم يكتشف طريقاً لإبطاء الشيخوخة
بنزرت ...مؤثرون وناشطون وروّاد أعمال .. وفد سياحي متعدّد الجنسيات... في بنزرت
صفاقس : نحو منع مرور الشاحنات الثقيلة بالمنطقة البلدية
نبض الصحافة العربية والدولية ... مخطّط خبيث لاستهداف الجزائر
"التكوين في ميكانيك السيارات الكهربائية والهجينة، التحديات والآفاق" موضوع ندوة إقليمية بمركز التكوين والتدريب المهني بالوردانين
حجز أكثر من 14 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة خلال الأسبوع الأول من نوفمبر
ساحة العملة بالعاصمة .. بؤرة للإهمال والتلوث ... وملاذ للمهمشين
توزر: العمل الفلاحي في الواحات.. مخاطر بالجملة في ظلّ غياب وسائل الحماية ومواصلة الاعتماد على العمل اليدوي
بساحة برشلونة بالعاصمة...يوم مفتوح للتقصّي عن مرض السكري
أندا تمويل توفر قروضا فلاحية بقيمة 40 مليون دينار لتمويل مشاريع فلاحية
العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025): التونسية اريج عقاب تحرز برونزية منافسات الجيدو
أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"
قابس: حريق بمنزل يودي بحياة امرأة
الليلة: أمطار متفرقة ورعود بأقصى الشمال الغربي والسواحل الشمالية
كاس العالم لاقل من 17 سنة:المنتخب المغربي يحقق أكبر انتصار في تاريخ المسابقة
الانتدابات فى قطاع الصحة لن تمكن من تجاوز اشكالية نقص مهنيي الصحة بتونس ويجب توفر استراتيجية واضحة للقطاع (امين عام التنسيقية الوطنية لاطارات واعوان الصحة)
رئيس الجمهورية: "ستكون تونس في كل شبر منها خضراء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب"
الجولة 14 من الرابطة الأولى: الترجي يحافظ على الصدارة والهزيمة الأولى للبقلاوة
نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي
شنيا يصير كان توقفت عن ''الترميش'' لدقيقة؟
عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا
احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل
عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''
رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار
جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية
تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''
حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي
احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة
الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات
أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية
المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري
عاجل: النادي الافريقي يصدر هذا البلاغ قبل الدربي بسويعات
ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم
أول تعليق من القاهرة بعد اختطاف 3 مصريين في مالي
عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر
هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط
تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة
عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض
طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد
الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946
المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي
رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار
أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر
تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي
منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح
هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..
شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟
بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"
الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل
تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟
تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟
من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير
خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة
مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
"معراج إلى دِمَشْق" ل"هادي دانيال" : حُلْمٌ كانَ بانْتِصارِ سُوريّة ، وانْتِصارٌ وَشِيكٌ الآن!
حقائق أون لاين
نشر في
حقائق أون لاين
يوم 23 - 12 - 2016
يُقارِبُ الشِّعْرُ التاريخَ في "مِعْراج إلى دِمَشْق" لِهادي دانيال (*) ، بَلْ يَتَماهى مَعهُ حِينَما تُسْفِرُ الحالُ الشِّعْريَّة ُ عَنْ مَوْقِفٍ تِجاه الذي يَحْدُثُ لِلعالَمِ بِسَبَبِ
أمريكا
تَحْدِيداً . فهذا البَلَدُ الذي كانَ مُدافِعاً عَن الحُرّيّةِ وَحَقِّ الشُّعُوب في الاسْتِقلالِ خِلالَ أربَعيناتِ القَرْنِ الماضي وَخَمْسِيناتِهِ أَضْحى مُنْتِجاً لِلحُرُوبِ ، مُقَسِّماً لِلْبُلْدان ، مُحَرِّضاً على الفِتَنِ الطّائفيَّةِ وَغَيْرِها ، مُراهِناً على الفوضى ، مُسْتَثْمِراً لِلقَتْلِ والدَّمار.
فَلا اطْمِئنانٌ لِلشِّعْرِ ولا اسْتِراحَةٌ لِلشاعِرِ مادامَ "حَمْقى التّاريخ" يُصَدِّقُونَ
أمريكا
وَيَلْهَثُونَ وَراءَ مَطامِعِهِم بِها وَلِأجْلِها كَي يُصبِحُوا "رَعايا" لَها :
"فَما الذي يَنْتَظِرُ الحَمْقى (فَراسَةً ، كِياسَةً ، سِياسَةً ؟) (ص6).
مُنْذُ أنْ تَعَرَّضَ وَطَنُ الشاعِرِ (سُوريّةُ) ليُحارِبُ ِالْعُدْوَانِ الأمْريكيِّ وَمُجْرِمِيِّ الإنسانِيَّةِ باسْمِ الدِّين ، والشّاعِرُ مُتَحَفِّزٌ قَلِقٌ يُحارِبُ بالحَرْفِ مَنْ يُرِيدُونَ إلحاقَ الأذى بِسُوريَّةَ وَشَعْبِ سُوريّةَ ، وَيَنْتَصِرُ مُطْلَقاً لِلمُقاوَمَةِ ، غَيْرُ مُفَرِّطٍ في جَمالِيَّةِ الشِّعْرِ واسْتِعاراتِهِ وَإيقاعاتِهِ بالنَّبْرِ والصَّوْتِ والصُّورَةِ وَدَلالَةِ العِشْقِ الذي اسْتَحالَ إلى رَمْزٍ ناطِقٍ بالفَرْدِ ُ والمَجْمُوعةِ المُنْتَمِي إليها.
كَذا يَبْتَدئُ عِشقُ سُورِيَّةَ ، عِشْقُ دِمَشْقَ :
" إنَّما عِشْق دِمَشْق مَرَضٌ مِن فَرَحٍ وَتَرَحٍ"(ص7)، عِشْقٌ لَهُ دَلالَةُ الحالِ المُرَكَّبَة بِفائضِ الإحساسِ وَنَقيضِهِ ، كالذي ينكشِفُ في المَواقِفِ الإنسانيّةِ ، بالحُزْنِ الفَرِحِ أو الفَرَح الحزين.
وحينما يَزُورُ العاشِقُ حَبيبَتَهُ (دِمَشْقَ) بَعْدَ غِيابٍ يَرْتَمِي في أَحْضانِها وَيَسْتَنْشِقُ طَويلاً أنْفاسَها بَيْنَ أحْيائها :"الصّالِحِيّة والمالكي والقلعة الحجريّة والجامع الأمويّ وبابَيْ توما و شرقي..." ، فَيَتَطَهَّرُ ثُمَّ يَتَطَهَّرُ لِيُولَدَ مِن جديدٍ وَيَرقُّ وَيَشفُّ وَيَرْقى بالرُّوحِ عالياً كي يَبْقى ، وَيَنْتَقِلُ بِهَوَسِ العاشِقِ الوَلْهان بينَ مَقْهى وآخَر ، ك "مَقهى ركوة قَهْوَة ومقهى فندق الشام ومقهى سيلينا..." مُسْتَعِيداً عَدَدَاً مِن ذكرياتِ الأصدقاءِ ، هُناكَ في حَرَمِ الأمِّ الواحِدَة المُشْتَرَكَة بِما يَعنُّ لَهُ مِن وَهْجِ رُوحِ "الدكتور عَنان شَعْبُو..." وَ "طُفُولَة الذاتِ" و"كَفَرْيَة" وَ"بَردَى"...
- 2 – بالخُيلاء ، خُيلاء الشاعِر العاشِقِ ، وخُيلاءِ المَعْشُوقَةِ دِمَشْق ، وَخُيلاءِ سُوريّة يَحْلُمُ هادي دانيال يَقَظَةً ، فَيَتَحَدّى بِذلكَ أعْداءَ سُوريّةَ وَعَجْزَ الُّلغةِ ، وَيُكَرِّرُ عِشْقَهُ وَيَتَكَرَّرُ بِهِ ، وَيُغَنِّي وَيَتَغَنّى بالقُدُودِ الحَلَبيَّةِ التي أمْسَتْ قُدُودَاً لِلكِفاحِ ، لِصَباحٍ جديدٍ قادِمٍ يُوقِفُ زَحْفَ الخَرابِ وَيُعِيدُ لِلوَطَنِ فَرْحَتَهُ الأولى وَيُنْهِي حِكايَةَ الخَلاءِ ، الصَّحْراء ، سَرابِ الماء ، زَمَنِ القَتَلَةِ ، وَيَحْتَفِي بِرَمْزِيَّةِ الدِّماء مُتَمِثِّلاً بِذلكَ وِلادَةَ حَياةٍ جديدةٍ تَخرجُ مِن بَيْن الحرائقِ والخَرائبِ والمَوْتى شَجَراً آخَرَ يَنْمُو بَعْدَ احْتِراق ، "حَدائق مُزْهِرَة " ، سَماءً زَرْقاء مُشْرِقَة ، فَرَحاً عَمِيماً بِحَجْمِ الكُونِ رُغْمَ العَرَب البائدَة حِسَّاً وَمَعْنى وَما دَبَّرُوهُ لِسُوريَّةَ وَما فَعَلُوه فيها ...
إنَّ لِلعِشْقِ تَجَلِّياته ، وَلِلُّغَةِ بُعْدها ، بَل أبعادها الأخرى الماثِلَة في كَثيفِ الاسْتِعارَة تَلْميحاً واسْتِعارَةِ الغَضَبِ تَصْريحاً عِنْدَ كِتابة الجّرْحِ النّازف انتِصاراً لِلحياةِ :
" عَلى ضِفافِ الرَّدى الحَياةُ عارِيَةٌ وَمُغْرِيَةٌ وَغاوِيَةٌ كأنَّها بَرَدَى في صَحاري العَرَبْ" (ص30).
فالحياةُ رغبة ٌ، عِشْقٌ مُتَجَدِّدٌ ، ألَمٌ بأقْصَى حالاتِ الانْتِشاءِ حينما يَفْعَلُ النَّبيذُ فِعْلَهُ وَتُضْحِي الذّاتُ العاشِقَةُ شَتاتاً (شَظايا) ، والعالَمُ شَبيهاً بِحانَةٍ ولا "نديم" ، والعالَمُ خَلاءٌ أيْضاً ، بالأنا يُشَبَّهُ "بكأسٍ فارِغَةٍ " على مائدة ِ شَرابٍ "مَهْجُورَة" ، وَ "شَظايا" المُنْكَسِرِ "جارِحَة" (ص32).
وَمِن حَقِّ الذّاتِ الشّاعِرَةِ ، وَهِيَ تَنْظرُ في ما حَدَثَ لِلحبيبةِ سوريّة أنْ تَغْضَبَ حَدَّ الكُفْر بالعُرُوبَةِ وَبِكُلِّ المَعاني المُسْتَهْلَكَةِ الهالِكَةِ تَوْرِيثاً وَتَدَاوُلاً إلى اليوم ، وبالأفْكارِ أيْضاً ، حتّى الماركسيّة مِنْها التي اعْتَقَدَ فيها الشّاعِرُ لِعُدَّةِ عُقُود بَعْدَ المُؤامَرَة الدّنيئة التي حِيكَتْ ضِدَّ سوريّةَ لإلحاقِ الأذى بِها ، تَقْسِيمِها ، تَدْميرِها ، إنْهاء مَجْدِها السَّالِفِ والحادِثِ.
فَلا تَكُونُ هُوِيَّةُ الشَّاعِرِ إلّا بالوَطَنِ وَلِأجْلِهِ . أمّا العالَمُ فَلا مَعْنى لَهُ وَلَن يَكُونَ لَهُ مَعْنى فِي مَنْظُورِ الشَّاعِرِ إنْ أصابَ سُوريَّةَ أذَى ما خَطَّطَهُ الأعْداءُ لَها.
كَذا جَدِيدُ الشَّاعِرِ في قَصائدِ "مِعْراج إلى دِمَشق" هُوَ مُراجَعَةُ مَفْهُومِ الهُوِيَّةِ لَهُ بأفكارٍ جديدَةٍ بَعْدَ الأفكارِ المُهْتَرئةِ ، إذْ ما قِيمَة الأفكار ، كُلّ الأفكار التي كانت ، بَعْدَ ضَياعِ الوَطَن؟ وَما قِيمَة المَرْء بِلا وَطَن؟ غَيْر أنّ هُويّةَ الشّاعِرِ بَدْءاً وَمَرْجعاً بِسُوريّةَ وعِشْقِ سُوريَّةَ لا تَتَعارَضُ وَمَحَبَّة
فلسطين
الاستثناء ، أو ما يُشْبِهُ الاستِثناء فِي سَوْرَةِ الغَضَبِ عَلى كُلِّ العَرَب ، تقريباً ، إذْ عِشْقُ فِلسطين هُوَ بَعْضٌ مِن عِشْقِ سُوريّةَ تبْعاً لِهُويَّةِ المَكانِ والكِيانِ اشْتِراكاً ، وَلَيْسَ بِمُطْلَقِ الأفكارِ وَمُسْبَقِ الأيديولوجيا.
وإذا المَعْنى العِشْقِيّ يَتَكَرَّرُ وَإن اخْتَلَفَتْ اللحظاتُ بِمُخْتَلَفِ التَّواريخِ المُذَيَّلَةِ في نِهاياتِ القصائدِ ، إذْ الحَالُ المَرْجِعِيَّةُ واحِدَةٌ ، كما أسْلَفْنا ، والجُّرْحُ هُوَ ذاتُهُ لم يَنْدَمِلْ ، والألَمُ أيْضاً ، وَالغَضَبُ مِمّا حَدَثَ وَيَحْدثُ لِسُوريّةَ وَفِلَسطينَ مَعاً . فَقَبْل السَّفَر إلى سُوريّةَ وَبَعْدَ السَّفَرِ أغْنِيَةٌ واحِدَةٌ تَرِدُ بأصْواتٍ مُخْتَلِفَةٍ في أداءِ النَّصْرِ الوَشيكِ بِفائضِ الأمَل :
" يا حبيبتي انْهَضِي وارْكُضِي
وَجَاوِزِي الحَواجِزَ العَشْرَةَ
كَغَزَالٍ مُطْمَئنٍّ إلى أنَّ الفِخاخَ التي نُصِبَتْ في النَّهاراتِ
خُرِّبَتْ في الليالي"(ص54).
فَيَقِينُ الشّاعِرِ ثابِتٌ بأنَّ ما حَدَثَ لِسُوريَّةَ قَدْ حَدَثَ لَها مِراراً في الماضي البعيدِ والماضي القريبِ . هِيَ الباقِيَةُ المُنْتَصِرَةُ دائماً في الأخيرِ على أعْدائها ، وتاريخُها دَمَوِيٌّ وَجراحاتُها نازِفَةٌ بينَ مُحاوَلَةِ قَتْلٍ وأُخْرى . إلّا أنَّها تَظَلُّ الأقْوى مِنْ كُلِّ الغُزاةِ والأبْقى وُجُوداً .
يَقِينٌ ثُمَّ يَقِينٌ ، وَلا نَفْيَ ولا اسْتِفْهام في جُلِّ قَصائد "مِعْراج إلى دِمَشْقَ" ثُمَّ طَمْأنينةٌ وَقَلَقٌ عارِضٌ ، ولا يأسٌ ، كالماثِلِ في عِدَّةِ قَصائد سابِقِة .
يَقِينٌ مَفادُهُ الشُّعُورُ العميقُ بأنَّ سُوريّةَ ستكُونُ المُنْتَصِرَةَ حَتْماً كما كانت في سالِفِ الأزْمِنَةِ .
يَقِينٌ تَوَلَّدَ عَن رغْبَةٍ جَمُوحٍ في الحياةِ وَثِقَةٍ بأنَّ نِهايَةَ ما يَحْدثُ لِسُوريّةَ اليوم ستكون أفْضَلَ بكثيرٍ مِن كُلِّ النِّهاياتِ الماضية ، إذْ سَيَتَغَيَّرُ تاريخُها بانْتِصارِ "جَيْشِ زَنُّوبيا" السّاحِقِ في هذه المرَّة وَيُبْعَثُ مِن جَديدٍ ، شُهَداء الأمْس وَشُهَداء اليَوم (برصاصِ الإرهابيين وبِرصاصِ المَرَض) ، كَ "قُصَيّ مَعْرُوف" تُرَفْرِفُ رُوحُهُ عالياً بالذّكرياتِ وَأحْلامِ الزَّمَنِ الجميلِ وَرُبُوعِ الفرَحِ في دير الزور وَدِمَشْق ، وَبَيْنَ حُلْمٍ وَآخَر ، وَبَيْنَ رُكْنٍ وَرُكْنٍ ، وَبَيْنَ سَماءٍ وَسَماء...
-4- لِلغَضَبِ مثل الفَرَحِ ، وَلِلأمَلِ مثل الحزْنِ دَلالَةٌ خاصَّةٌ في "مِعراج إلى دِمَشْق" ، إنَّ لِلرُّؤيَةِ مَعنى وللرُّؤيَا ألْف مَعْنى ، بَيْنَ ما يُدْرَكُ بالحَواسّ ، بالجَّسَدِ المُتْعَبِ ، بالذاكرةِ المُنْهَكَة ، بالصَّيْحَةِ تلْوَ الصَّيْحَةِ وَبَيْنَ ما يُدْرَكُ بالقَلْبِ ، بالرُّوحِ المُتَعَطِّشَةِ إلى المَزيدِ مِنَ الارتِغاب.
كَذا الرُّؤيا تَنْبَثِقُ ، هُنا ، مِن رَحِمِ الفاجِعَةِ وَتَتَشَكَّلُ عرْساً بالطّبيعَةِ تَغْتَسِلُ بِماءِ الحَياةِ لِتَتَطَهَّرَ ، كَسُوريَّةَ المُغْتَسِلَةِ بالدَّم بَعْدَ صَلْبِها ، بَعْدَ الجِّراح العميقة النّازِفَة تَمْحُو "آثامَ البَشَرِيَّةِ مُذْ كانتْ أرْوَاحاً في الجَّنَّةِ"(ص87).
إنَّ للاسْتِشْهادِ ، بِمُخْتَلَفِ مَرَاجِعِهِ الواقِعِيَّةِ والتّاريخيّةِ عَوْدَاً إلى صَلْبِ المَسيح وَمَقْتَلِ الحُسَيْن ، حُضُورهُ المُعْلَن والخَفِيّ في عَدَدٍ مِن قَصائدِ "مِعْراج إلى دِمَشْق" ، كالبادِي فَرَحاً حَزيناً وَحُزْناً فَرِحاً يَتَجاذَبه الألَم والأمَل ، إذ الدّم ، هُنا، حِكايَة ، والحِكايَة دَم ، وَمِن حَقِّ ابْنِ الشَّهيدَةِ ، سَليل المَذابِحِ ، أنْ يَغْضَبَ وَيَصْرَخَ باللعْنَةِ في وُجُوهِ القَتَلَةِ :
"ألْعَنُكُمْ أَمْسَخُكُمْ أُمَرَاءَ ، مُلُوكاً ، وَسَلاطِينَ
بِلا نَفْطٍ وَبِلا ذَهَبٍ وَبِلا حَجَرٍ أسْوَد
تَقْضُونَ العُمْرَ عُراةً وَحُفاةً
في الرّبْعِ الخالِي
تَحْدُونَ نِياقاً جَرْباء
تَتُوهُ بِكُمْ خَلْفَ سَرابِ الأمَلِ الضّائعْ!"(ص88).
هذا الدُّعاءُ لا يَتَجَرَّأُ عليهِ إلّا الأنبياء ، والشُّعَراء - لا المُتَشاعِرُون – هُم مِن قَبيلِ الأنبياء ، لا يَيْأسُونَ ، وَإنْ اشْتَدَّ بِهِم الحُزْنُ أدْرَكُوا الأمَلَ ، وَإنْ غَمَرَتْهُم تَفاصِيلُ المَعيشِ اليَومِيّ أنْتَجُوا الحُلْمَ الجميلَ.
-5- فَيُخْتَصَرُ بِقصائدِ "مِعراج إلى دِمَشْق " تاريخُ العَرَبِ العارِبَة والعَرَب المُسْتَعْرِبَة والعَرَب البائدَة بِمَدْلُولِ هذا الزَّمان.
يُخْتَصَرُ تاريخُ سُوريّةَ السّالِف والحادِث ، "بِكأسٍ مِن دَمِ الإنسان"(ص89).
يُخْتَصَرُ الغَدْرُ والخِيانَةُ .
تُخْتَصَرُ الهَزائمُ.
تُخْتَصَرُ المَآسِي :"دُمُوعُ الطِّفْلِ يَضْحَكُ (...) دُمُوعُ الأمِّ تَبْكِي".
تُخْتَصَرُ حِكايةُ "الحَجّاجِ والحَلّاج" ، القَتَلَة والشُّهَداء، جُنُود المَوْتِ وَجُنُود الحياة لِيَنْتَصِرَ الوَطَنُ في الأخيرِ على أعْدائهِ ، وَجَيْشُ سُوريّةَ على المُرْتَزَقَةِ ، وَتَنْتَصِرُ الموسيقى على الحَجَر ، والحَرْفُ على السَّيْف...
نُبُوءَةُ الشّاعِرِ صادِقَةٌ في ما مَضى ، وَنُبُوءَتُهُ اليومَ هِيَ ذاتُها : حُلْمٌ كانَ بالانْتِصارِ وَوَاقِع الآنَ لانْتِصارٍ وَشيك.
*هادي دانيال ، "مِعْراجٌ إلى دِمَشْق" ،
تونس
–
صفاقس
: دار صامِد للنشرِ والتوزيع ، ط1،2017.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
مصطفى الكيلاني يكتب لكم : "يأتي الذي كان" لِهادي دانيال.. "شاهِدٌ أمْ شَهيد"؟
صَرْخَةُ الوَجَعِ الأمَضّ: مَن يَفْتَدِي سوريّا؟ في "الرُّخام يبتَسِمُ لِأصابِعي" ل"هادي دانيال"
الطريق أو سارد أحواله شعراً: في "وضح الردى أراقص الجبال" لهادي دانيال
فن التوقيع في الشعر العربي الفلسطيني المحلي: الدكتور حبيب بولس
"عندما البلاد في الضباب و الذئاب" لهادي دانيال: شاعريّة الارتغاب والارتعاب
أبلغ عن إشهار غير لائق