أثارت دعوة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى الإعلان رسميا عن عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة سجالا في الأوساط السياسية والحزبية في تونس حول مشروعية الطلب الذي تقدم به الغنوشي من جهة ودواعيه المفاجئة من جهة أخرى، في وقت برز فيه جدال حول الخليفة القادم لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي خلال الفترة القادمة. "فتوى" الغنوشي تفاجئ الشاهد .. وبالعودة إلى شهر أوت من سنة 2016، تاريخ انتقال مقاليد رئاسة الحكومة إلى يد يوسف الشاهد، طرح رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد في شكل دعابة ظاهرها هزل وباطنها جد، بأن الغنوشي ربما يصدر "فتوى" قد يبعد على اثرها الشاهد، وهو ما انطلق الغنوشي في الاعداد له منذ دعوته رئيس الحكومة إلى الاعلان بأنه غير معني بالانتخابات الرئاسية القادمة. الأكيد أن دعوة الغنوشي قد فاجأت الشاهد، في وقت أعلن فيه حزب النهضة مرارا وتكرارا مساندة جهود رئيس الحكومة في حربه ضد رموز الفساد في البلاد، رغم أن العديد اعتبروها حملة انتخابية سابقة لأوانها يقوم بها الشاهد للظفر برئاسية 2019. هذه المفاجأة "غير السارة" للشاهد قد تغير في الفترة القادمة التوازنات السياسية في البلاد خاصة في علاقة بالدعم السياسي للحكومة الحالية وربما مصير توافق حزبي الأغلبية باعتبار أن الشاهد سليل حزب نداء تونس الفائز في الانتخابات الأخيرة. الحرب ضد الفساد وحلم الرئاسية اقتداء بتجربة ماكرون .. لا يخفى على أحد أن حملة الشاهد ضد رموز الفساد التي انطلقت منذ 3 أشهر تقريبا قد عززت من تموقع الشاهد سياسيا وجماهيريا ليبدو حلم الرئاسية لدى رئيس الحكومة منطقيا وغير مستحيل بالنظر للدعم الشعبي والإعلامي الذي لقيته هذه "الحرب"، إلا أن هذا الحلم يجابه اليوم بورقة حمراء من حزب النهضة عبر تصريح إعلامي ودعوة مباشرة من الغنوشي لعدم ترشحه. الواضح أن رئيس حركة النهضة تلقف طموح الشاهد نحو الرئاسية بحكم الفراغ "الزعماتي" الذي تشهده البلاد منذ آخر انتخابات سنة 2014، فسارع لكبح جماح رئيس الحكومة وإيقافه عند حد الاهتمام بتسيير شؤون الحكومة إلى الفترة الانتخابية القادمة. وتفيد عديد القراءات السياسية أن الشاهد يحتذي بتجربة الرئيس الفرنسي الحالي ماكرون الذي انتقل بعد فترة قصيرة من توليه حقيبة وزارية في حكومة فالس الثانية إلى قصر الاليزيه بعد تجربة حزب "إلى الأمام"، وهذا ما يبدو ان الشاهد يحلم به. دعوة الغنوشي "الجريئة" للشاهد قد تجبر الأخير إلى مراجعة حساباته السياسية في علاقة بالاستحقاقات الانتخابية القادمة، في انتظار التفاعل المنتظر من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.