بقلم: أحمد الجمعي ليس بإمكان إدارة الترجي الرياضي رفض عرض مغر في حدود 5.9 مليون دينار ، مقابل التفريط في لاعب وسط تأخذه حماسة المغامرة أشهرا قليلة قبل نهائيات روسيا ، وبنصيحة مباشرة يقال إنّها من نبيل معلول وبعض المقرّبين. الحملة الفايسبوكيّة التي طالت بن يوسف وإصاباته المتلاحقة ، إضافة إلى تنازلاته الماليّة الكبرى ، وعودة البلايلي كل تلك الأمور تجعل من خروج "الرّوج" فرصة كبيرة للفريق للتخلّص من أعباء معنويّة وماديّة ضخمة ، إلا انّه ستتبع تلك الخطوات المفاجئة تبعات وأسئلة ملحّة وعاجلة أوّلها هل أنّ إقدام إدارة المدّب على مثل هذه الخطوات قد أملتها واقعية الظرف ورغبة ملحّة من الطرف الآخر ؟.. أم هي عودة عن الخطأ وبداية استخلاص الدّروس بالتخلّص من الأعباء التي لا تتلاءم ومستوى اللاعب التونسي وإمكانيات الفريق الماليّة في نهاية الأمر..؟ تدخّل المدّب شخصيّا وضخ مبلغ 13.2 مليون دينار في آخر ميزانيّة للفريق ، أمر استحسنه الجميع إلا أنّه ينطوي على مخاطر جمّة ، إذ ليس مقبولا بالمرّة أن يتدخل رأس مال من خارج المخطط الاقتصادي العام للنادي بما يناهز 53 بالمائة من الميزانيّة. يومها تحدّثت كل الأطراف عن موازنة دون عجز، وهي مغالطة كبرى من الإدارة والإعلام على حد السّواء للرأي العام الرّياضي ، إذا لولا تدفّق تلك الأرقام الضّخمة لآلت الأمور إلى عواقب وخيمة ، واعتبرتها في وقتها تعمية عن عجز كارثي حاصل ، نتيجة فوارق خرافيّة بين النفقات والموارد. بعد تلك الفترة وتورّط خزانة الترجي في نفقات عشوائيّة وضخمة لا تتناسب وحجم الإيرادات، كان لزاما على من يهمّهم الأمر أن يراجعوا حساباتهم مليّا، وأن يدركوا أن السير في المنهج الذي فرضته ظروف 2012 لا بدّ وأن يتوقّف فورا. المراهنون على مشروع أفاق 2019 لم يعودوا حتى يتحدّثون عنه بالمرّة ، القناعة لديهم باتت تامّة بمحدوديّة التزام كل الأطراف الترجيّة بذلك المشروع ، وان حزمة الإنفاق الحاصلة لا بدّ وأن تتقلّص تدريجيّا إلى حدود ال20 مليون دينار مع نهاية موسم 2019. فبعد سقوط واحدة من أهم الرّهانات ببلوغ مليون مشترك نهاية 2018 في خدمة ترجي موبايل ، إضافة إلى رهانات أخرى باتت خارج اللعبة كان لا بد وأن يقر الجميع بالأمر الواقع والانطلاق في وضع خطّة شاملة للتقشّف ، والانتهاء عن أسلوب تكديس اللاعبين من خارج الحديقة ، والإيمان بأنّ بناء مدرسة عصريّة بأساليب راقية للشبّان هو الحل الوحيد المتاح .ثمّ أن اعتماد فريق في حجم الترجي على تدخلات رجالات المال بات محفوفا بالمخاطر ،باعتبارها موارد غير قارّة ويمكن أن تختفي حسب مزاجيّة أصحابها. إقدام الترجي على إزاحة الأعباء الماليّة الكبرى عن كأهله ، وعدم دخوله في صفقات ثقيلة مرّة أخرى هو أكبر دليل على قرار المدّب المغادرة أواخر 2019 وعدم ترك المجال للحديث عن تركة ثقيلة ، حيث بإمكان من يخلفه بعد ذاك التاريخ أن يجاري نسق النفقات دون مشاكل تذكر. متابعتي الدّقيقة لحركة قرارات الإدارة منذ مدّة ، وخصوصا بعد السقوط الكبير في رادس أمام الأهلي المصري ، ترك لي انطباعا لا يقبل الشك بأن أمورا كثيرة على وشك التغيير داخل الترجي ، ولا أدري تحديدا إن كانت تنبؤات بأمور جيّدة للفريق أو أنّها على وشك الجنوح به إلى مآلات صعبة ستطيح بطموحاته الكبيرة.