في الستينات قدّم فريق الانتر للعالم طريقة لعب جديدة «الكاتيناتشيو» أصبحت في ما بعد العلامة المسجلة باسم الأزوري وضمّنت للايطاليين كأس العالم ثم جاءت هولاندا بطريقة الكرة الشاملة في السبعينات ليصحّ لنا القول أن هناك أسلوب لعب معيّن يقف خلف تألق فريق بعينه. قد تنطبق هذه الحالة على الترجي الرياضي الذي سجل الى حدّ الآن 53 هدفا في البطولة وبات على مشارف تحطيم رقم قياسي ولذلك قد تتحوّل «النزعة» الهجومية للترجي هذا الموسم الى ظاهرة تستوجب البحث فيها وفي تفاصيلها خاصة وأن المدّ الهجومي للترجي قد أتى على الأخضر واليابس ذهابا وإيابا واكتوت بناره أكثر الدفاعات حصانة في البطولة. ما يجعلنا نتحدث عن «النزعة الهجومية» للترجي على شاكلة طريقة لعب مسجل باسمه هو طريقة تسجيل الأهداف هذا الموسم التي تبدو في مجملها نسخ طبق الأصل تتكرّر في كل مباراة باستعمال طريقة الضغط العالي ليتحوّل المهاجم الى آخر مدافع في الحالة الدفاعية ويصبح المدافع أول مهاجم في الحالة الهجومية ثم ينطلق المساكني والدراجي والعياري وبوعزى ومايكل ومن خلفهم شمام وبن عمر وروجي في ممارسة هوايتهم المفضلة في هندسة هجمات منسقة تكون نهايتها في مرمى المنافس. صحيح أنّ هذه العقلية زرعها ونظر لها البنزرتي ولكنه ما كان لينجح في الرهان عليها لولا وجود لاعبين قادرين على تطبيق تصوّراته ولا ننسى أن القوة الهجومية الضاربة للترجي قد غطت على «الهشاشة» الدفاعية التي يعاني منها والتي تلوح للعيان وما يؤكد أنّ ما يحصل في الترجي من تنظيم هجومي هو طريقة جديدة ما صرّح به ماهر الكنزاري على أعمدة «الشروق» عندما قال: «أفضل أن نسجل أربعة أهداف ونقبل ثلاثة وننهي اللقاء فائزين على الاكتفاء بهدف واحد وفوز هزيل..». «الشروق» فتحت الملف للبحث في تفاصيله استنادا الى رأي أخصائي فني ولاعبين قدامى وجمهور في اطار هذا التحقيق. محمد الهمامي وشهد شاهد من أهلها اللاعب السابق زبير بوغنية «أعتقد أن هناك عوامل ساهمت في هذا النجاح الهجومي للترجي الرياضي التونسي، أذكر منها ترسخ ثقافة الهجوم لديه وذلك منذ فترة طويلة ودليلي على ذلك عدد اللاعبين الذين أنهوا الموسم في صدارة ترتيب خطوط الهجوم كما أذكر النزعة الهجومية لدى لاعبيه الحاليين مثل مايكل اينرامو وبوعزي وخالد العياري. وهناك عامل آخر وهو توجه الدرب الهجومي ولو أن ذلك يكون على حساب الدفاع». سامي العروسي «أظن أن وجود لاعبين مثل مايكل والدراجي والمساكني في التشكيلة، يجعل قدر الترجي اللعب بطريقة هجومية. عندما نضيف لهم بوعزي والعياري يصبح الفريق هجوميا في أكثر من نصف التشكيلة، لكن الاشكال أن أغلب هؤلاء لا يفتكون الكرة، أو أن خصالهم الدفاعية محدودة، وهو ما يخلق اشكالا عندما يفقد الفريق الكرة ويصبح العبء الدفاعي على 6 أو 7 لاعبين فقط. لكن أظن أن الترجي وجد المعادلة المربحة بتسجيل أكبر عدد من الأهداف وحتى عندما يقبل، فإنه سينتصر في النهاية». فريد ومعز آراء محايدة آراء محايدة محسن حباشة: الوسط والهجوم غطّيا كلّ العيوب بلغة المنطق فإن مسألة التتويج التي أكدها ماهر الكنزاري بعد الفوز على الشبيبة القيروانية تعتبر محسومة ولا يمكن أن يحصل غيرها إلا في صورة انهزام الترجي في مبارياته الثلاث أو انهزامه في لقاءين وتعادله في لقاء واحد.. وهذا غير وارد بالمرة كرويا ومنطقيا لما للفريق من قيمة وحجم على كل الواجهات.. وهنا يمكن التساؤل في المقابل: من يستطيع أن يغير هذه الحقيقة «الواردة» من الفرق وخاصة بعد العودة بانتصار ثمين من جرجيس تعزز بفوز آخر على حساب القيروان خارج القواعد؟ وأعتقد أن حماس اللاعبين و«القليب» والتلاحم بين مختلف الخطوط وأيضا التميز الفردي سواء لمايكل اينرامو أو لروجي أو غيرهما فضلا عن التنظيم الفني والحضور الذهني وأيضا العمل الكبير الذي تقوم به الأطراف المتداخلة من هيئة مديرة وإطار فني وجمهور وغيرهم.. كلها تعتبر هامة جدا دعّمت نجاحات الترجي الذي يعتمد الأسلوب الهجومي ويركز على عنصر القوة خاصة في وجود عناصر مثل مايكل والعياري والدراجي والمساكني وغيرهم. أما على مستوى الخط الخلفي الذي غطت عليه الخطوط الأخرى نتيجة للتكامل الذي أشرنا إليه فإنه يبقى والحق يقال «هشّا» وخاصة في محوره غير أن ضعف مهاجمي أغلب الفرق من جهة والتصدّي لهم من قبل خط الوسط من جهة أخرى قد تكون حالت دونه ودون بروز هذا الضعف وتلك الهشاشة.. وأعتقد أنه لو كان «اينرامو» مع أي فريق آخر غير الترجي لكان عبثه كبيرا بخط دفاع فريق باب سويقة الذي قبل عديد الأهداف في الحالة العادية إلا أن النجاحات هذه التي لا تحجب عيوب الخط الخلفي تبقى مع ذلك ترجمة حقيقية لقوة الترجي الذي يحلّق عاليا وخارج سرب الأندية الأخرى ويبقى توازنه مؤكدا أنه هو الأفضل.. والأجدر.. علي الخميلي محمد الباشطبجي: قوّة الترجي اسمها.. «مايكل» الترجي نجح في تسجيل هذه النسبة من الأهداف بفضل تنظيمه الهجومي الذي يعتمد على نقطة «ارتكاز» وهو مايكل ثم يستغل كل من الدراجي والمساكني وبوعزي والعياري الكرات الثانية، كما ننسى صعود لاعبي الأطراف الذي يمثل حلاّ هجوميا للفريق هذه الطريقة تجعلهم قادرين على تفكيك دفاع المنافس واللعب في المساحات وربما يكمن السرّ الأساسي في إيقاف هجوم الترجي هو محاصرة مايكل أساسيا. بصفة عامة هجوم الترجي يتميز بالتكامل وشخصيا أفضّل أن يكون الهجوم ضاربا وقويا على أن يمتلك الفريق دفاعا قويا، لأن كرة القدم هجومية وتقاس بالأهداف. محمد الهمامي أصناف الشبان في صلب الترجي: وفاء ل «القدماء»... رفض ل «المحسوبية» واقتناع بالعمل القاعدي لطالما شكل فريق الترجي الرياضي التونسي مدرسة للعمل القاعدي ولكن هيئة الفريق وجهت اهتماما استثنائيا خلال هذا الموسم الى أصناف الشبان وذلك إيمانا منها بأنها ستشكل المستقبل الحقيقي للفريق خاصة في ظل توفر المادة الخام، العديد من المواهب الكروية وأيضا في ظل الاحاطة والدعم من قبل رئيس الفريق. وأصبح فريق الترجي في الوقت الراهن يتطلّع الى احداث ثورة حقيقية في صلب أصناف الشبان. ارتأت الهيئة المديرة للفريق تدعيم الملاعب المتوفرة بحوزة الفريق بأرضية اضافية من الجيل الرابع وعلمت «الشروق» من مصدر موثوق به أن رئيس النادي السيد حمدي المدب سيتولى مهمّة التكفل بمصاريف التهيئة وسيكون هذا الملعب جاهزا بداية من شهر مارس القادم. عمل خصوصي موجه ارتأت الادارة الفنية للفريق أن يقوم المدربون بعمل خصوصي في التمارين تشمل كل الخطوط حيث تكفل المهاجم الدولي السابق حسّان القابسي بالعمل الخصوصي الموجّه للمهاجمين في الوقت الذي يهتم فيه اللاعب الدولي السابق سراج الدين الشيحي بالعمل الخصوصي الموجه للاعبي الوسط وأخيرا يشرف كل من حكيم نويرة وصلاح الدين قيزة وعبد الجبار ماشوش على العمل الخصوصي الموجّه للمدافعين. حراسة المرمى في البال... لطالما شكل فريق الترجي مدرسة عريقة على مستوى حراسة المرمى وهو ما جعل الفريق يوجه عناية فائقة بهذا المركز من خلال تكليف الثلاثي جون جاك تيزي وبدر بن غالية ومختار القابسي بمهمّة تدريب الحراس، قبل أن «يصعد» تيزي الى صنف الاكابر. «لا» أمام «المحسوبية»... أكّد مصدر موثوق به «للشروق» يعمل في صلب أصناف الشبان أن الكفاءة والموهبة هما المقياسان الوحيدان عند اجراء الاختبارات والتي عادة ما تشمل الاطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سبع وتسع سنوات. إصرار على تواجد القدماء... أدرك فريق الترجي الرياضي التونسي أهمية تواجد قدماء الفريق في صلب أصناف الشبان ذلك أنهم يتمتعون بالعين الفنية الفاحصة ولكونهم لن يبخلوا على الفريق بما يمتلكونه من مخزون كروي ومعرفي ليستفيد منه شبان الفريق ولذلك ارتأت الهيئة المديرة للفريق التركيبة التالية على مستوى الادارة الفنية للشبان. بلحسن مرياح وصلاح الدين ڤيزة وعبد الجبار ماشوش والقصري وفتحي الطرخاني وذلك برئاسة الدكتور رشاد المدّب وبدعم من رئيس الفريق السيد حمدي المدّب هذا بالاضافة الى لجنة خاصة بالبرمجة التي تتولى مهمّة تسطير الخطوط الكبرى لهذا القطاع. اللياقة البدنية والوسائل العصرية... هنالك تركيز مهم على الجانب البدني في صلب أصناف الشبان وهو ما جعل الادارة الفنية تخصص ثلاثة مدربين يشرفون على اللياقة البدنية للفريق بالاضافة الى قاعة تقوية العضلات وتوفير الوسائل العصرية حيث تتم مشاهدة مباريات أصناف الشبان وتحليلها ويقع في بعض الاحيان مشاهدة التمارين أيضا وتقييمها. التوازن المنشود بين التمارين والدراسة... مؤكد أن العائلة الترجية أصبحت تدرك أنه لا خوف على التحصيل العلمي لشبانها في ظل تواجد الدكتور رشاد المدب الذي كان من أبرز الأمثلة التي جسدت التوفيق بين الدراسة (الطب) وبين كرة القدم وهو ما سيعمل على تمريره في صلب أصناف الشبان في فريق الترجي من خلال متابعة مستمرة لنتائج الشبان في مختلف مستوياتهم الدراسية. أسماء واعدة برزت الى حدّ اللحظة في أصناف الشبان عدة أسماء واعدة وفي مقدمتها الحارس معز بن شريفية وحدّة (الذي قد يكون خليفة الدراجي وينشط في صنف الأواسط حاليا) وكذلك الخنيسي وأحمد ساسي وعون الله وهيثم...وغيرهم. سامي حمّاني جماهير الترجي: هيئة قوية... انتدابات ناجحة وأتعاب وراء «ثقافة الألقاب» تعاقد فريق الأحمر والأصفر مع الألقاب منذ موسم 1938 1939 ليفرض سيطرة تكاد تكون كلية الى حدود اللحظة وقد اشتركت جملة من العوامل الادارية والفنية بالاضافة الى قاعدة جماهيرية عريضة جعلت فريق باب سويقة يفرض ألوانه محليا وإقليميا وقاريا. «الشروق» نزلت الى الشارع ورصدت آراء عشاق الأحمر والأصفر فكانت كالتالي: بلحسن الجديري (محب للترجي): ثقافة الألقاب «أظن أن نجاح الترجي يعود أساسا الى نجاح الهيئات المديرة المتعاقبة وتتمتع هذه الهيئات بقدرة فائقة على تجاوز مختلف الأزمات ولا ننكر أن الأحمر والأصفر يتمتع بثقافة الحصول على الألقاب حتى وإن تعلق الأمر بفرق ضعيفة شهدها الترجي خلال فترات معينة». محمد صالح همامي (محب للترجي): المال قوام الأعمال «أعتقد أن قوة الترجي تكمن بالأساس في الامكانيات المادية الضخمة المتوفرة بحوزة الهيئات المتعاقبة على الفريق ولا ننسى نجاح الفريق في الظفر بالعديد من الانتدابات الناجحة على امتداد السنوات الأخيرة». هيثم شمروخي (محب للترجي): إدارة قوية «أظن أن نجاح الترجي في حصد الألقاب والمحافظة على إشعاعه الدائم يعود بالأساس الى قوة الادارة الترجية بمختلف مكوناتها بداية من الرئيس وصولا الى بقية الأعضاء ذلك أن وجود شخص بقيمة السيد عامر البحري في صلب الترجي يعدّ في حدّ ذاته نقطة قوة خدمت الأحمر والأصفر طيلة السنوات الماضية». خالد البوزيدي (محب للترجي): الاستمرارية الفنية والقيمة الفنية للاعبين «أعتقد أن قوة الأحمر والأصفر تكمن بالأساس في الانسجام على مستوى أعضاء الهيئة المديرة التي تتمتع بقدرة واضحة على لمّ شمل رجالات الأحمر والأصفر واستفاد الترجي كثيرا من عامل الاستمرارية الفنية وخاصة مع المدرب خالد بن يحيى وهنالك تجزئة واضحة وناجعة على مستوى الأدوار في صلب الهيئة المديرة بالاضافة الى قيمة اللاعبين الذين بحوزة الفريق». أمين السائحي (محب للترجي): هيئة قوية... جماهير بالملايين... ولاعبين مميزين «الترجي يستمد قوته من جماهيره الغفيرة التي تعد بالملايين بالاضافة الى الامكانات الفنية للاعبين وللإطار الفني وأهمية الانتدابات على غرار مايكل وروجي.. دون حديث عن قوة الهيئة المديرة ممثلة في شخص السيد حمدي المدب».