رئيس الجمهورية يزور المبنى الذي سيكون مقرا للمجلس الاعلى للتربية و التعليم    الطبوبي...«لسنا فوق المحاسبة... ومن يملك ملفات فليتوجّه للقضاء»    سعيد يزور مقر المجلس الأعلى للتربية ويأمر بالإسراع في ترميمه    شملته الأبحاث في قضية أنستالينغو...إحالة يحيى الكحيلي على الدائرة الجنائيّة من أجل تبييض الأموال    استعدادًا للعودة المدرسية: 239 مليون دينار لصيانة وتطوير المدارس    عاجل/ الهيئة الإدارية الوطنية لاتّحاد الشغل تقرّر تنظيم تجمع عُمّالي ومسيرة..    تنصيب مدير وكالة التحكم في الطاقة    في سياق التنافس الإقليمي والدولي...تطوير موانئنا ... الورقة الرابحة    المهدية: حجز 552 كغ من المواد الغذائية غير صالحة للاستهلاك    باغتيال 5 صحفيين في غزّة:الاحتلال يمهد لمذبحة كبرى    أخبار النادي الإفريقي .. رحيل علي يوسف وارد و«سايدو» يمضي    بطولة العالم لكرة اليد للشبان تحت 19 عامًا – كأس الرئيس... المنتخب التونسي يهزم كوريا الجنوبية 41-34    'نعم، أوافق'... جورجينا ورونالدو يُعلنان خطوبتهما للعالم    أخبار النادي الصفاقسي .. الهيئة تبيع الأوهام.. قعلول خارج الموضوع والكوكي في قفص الاتهام    آخر مصافحة له كانت على ركح الحمامات .. فاضل الجزيري... والوداع الأخير    أخبار الحكومة    تجربة سريرية لعلاج لسرطان الرئة    تحذير: صديقك في الصيف قد يتحول إلى خطر على صحتك... ما هو؟    فرصة لذوي الإعاقة البصرية: فتح باب الترشح لشعبة العلاج الطبيعي بتونس    تونس – الطقس: عواصف رعدية وأمطار متفرقة في الوسط الغربي    قروض موسمية بقيمة 4.5 ملايين دينار لفائدة الفلاحين بهذه الولاية    ترامب يكشف عن أهدافه من لقاء بوتين.. #خبر_عاجل    الليلة: الحرارة تتراوح بين 24 و35 درجة    وزيرة المرأة: المرأة التونسية الأولى عربيا وافريقيا في مجال البحث العلمي    المنستير: اختتام الدورة الرابعة لمهرجان الطفل المبدع بمارينا المنستير    الصناعات التقليدية: رافد للتنمية وعامل جذب سياحي    توننداكس ينهي أولى جلساته الأسبوعية على تراجع طفيف    القصرين : الدورة الثالثة لمهرجان "التفاحة الذهبية" بفوسانة تجمع بين الفلاحة والثقافة والترفيه والتنمية    وزارة الاسرة تنظم موكب تسليم جائزة أفضل بحث علمي نسائي بعنوان سنة 2025    عاجل -إسبانيا : إجلاء أكثر من ألف شخص واتهامات بإشعال متعمّد    موجة حر 2021.. تونس سجلت قياسات غير مسبوقة.. تعرف على التفاصيل!    في مثل هذا اليوم: سجّلت تونس الرقم القياسي المطلق للحرارة    تحذير هام من "مياه الشاحنات".. #خبر_عاجل    عاجل/ محذّرا من حرب لا نهاية لها: ماكرون يدعو لتشكيل تحالف دولي لاستقرار غزّة    اليوم: انطلاق دورة إعادة التوجيه الجامعي..    عاجل/ حادث مرور قاتل ببنزرت وهذه التفاصيل..    النادي الإفريقي: محمد الشافعي يكشف عن حقيقة مغادرة "علي يوسف"    الموز أو التمر.. أيهما أفضل للقلب والهضم وضبط سكر الدم؟    5 غلطات في شرب ''التاي'' تخليك تضر صحتك بلا ما تحس!    تونس تشارك في بطولة إفريقيا لرفع الأثقال للأواسط والأصاغر في غانا بتسعة رباعين    ماهر السرولي يخلف نفسه على رأس الجامعة التونسية للرياضات الالكترونية    وزارة الثقافة تنعى الفنان المبدع الفاضل الجزيري    المخرج التونسي الفاضل الجزيري في ذمة الله    عاجل: زلزال قوي بقوة 6.2 درجات يضرب هذه البلاد العربية    خزندار: الإطاحة بمنحرف خطير محل 6 مناشير تفتيش    فوربس الشرق الأوسط تكشف عن قائمة أبرز 100 شخصية في قطاع السفر والسياحة لعام 2025    عاجل/ دولة جديدة تقرر الاعتراف بدولة فلسطين خلال هذا الموعد..    نجوى كرم تحطم الأرقام في قرطاج وتكتب فصلاً ذهبياً جديداً مع الجمهور التونسي    عاجل: وفاة صاحب''الحضرة'' الفاضل الجزيري بعد صراع مع المرض    نابل: انطلاق فعاليات الدورة 63 من مهرجان العنب بقرمبالية    برشلونة يفوز على كومو بخماسية ويحرز كأس خوان غامبر    قتله جيش الإحتلال.. الصحفي أنس الشريف يترك وصية مؤثرة عن حياته وعائلته وغزة    مرصد سلامة المرور: 458 قتيلا بسبب حوادث الطرقات خلال النصف الأول من 2025    استراحة صيفية    تاريخ الخيانات السياسية (42) .. ظهور القرامطة    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية "مانفستو أيوب أو الطريق إليّ...":على سراط الحياة سر عاريا إلا من الحب والحرية
نشر في حقائق أون لاين يوم 15 - 07 - 2019

هل جربتَ أن تقف حافيا عاريا في وجه الحياة؟ هل فكّرتَ في أن تعد تلك الشامات التي تزين جسدك ما خفي منها وما ظهر؟ هل حاولتَ أن تمرر يديك على تلك الندوب التي وشّمها الزمن في ثنايا روحك؟ هل انتابتك رغبة في أن تفتح باب الذاكرة وتحرر أسرار الطفولة والمراهقة؟ ربّما لم تفعل وربّما فعلتَ ولكنّك قطعا ستفعل وانت تنغمس في حروف رواية "مانيفستو أيّوب أو الطريق إليّ.." للكاتب صابر سميح بن عامر.
في تنقّلك بين الحروف الأبجدية، التي سخّرها الكاتب لينسج من خيوطها تفاصيلا مبهجة وموجعة في ذات الآن، تجدك تتفكّر في تلك المفاهيم المرتبطة بالجسد والحب وكل تلك الأطر التي تضيّق الخناق على رغبات الحريّة والتحرر، تلعن كل الكليشيهات والعقد المشوبة بسيل من التنظير ينتهي إلى فرض الوصاية على الجسد وتمظهرات الحب وتنتهي "خارج الأبجدية"، ذلك الفصل السرمدي الذي يقحم فيه الكائن السردي القارئ في حيرة وجودية لا اوّل لها من آخر، لكنّك تحياها بكل تفاصيلها وتنتشي بها.
وحروف الأبجدية الثمانية والعشرين لم تكن كافية لإشباع رغبة الزمن الروائي فأضاف إليها الكاتب حرف "آ" وسمّى الفصل آسر البدء، لينتشل القارئ من دوّامة الحيرة ويعود به هناك حيث ابتدأ وحيث له القدرة على قلب الأحداث فقط إذا ما أحب الحياة ما استطاع إليه سبيلا.
وحروف الرواية البكر الصادرة عن دار نقوش عربية " أرابيسك" ، على عكس جموح الكائن السردي الذي لا ولي له ولا سيّد، سيدها حرف "أ"، حرف عاد إليه الروائي بفصل بعنوان "أحنا نحبّنا"، تلتهم حروفه لتنتهي صارخا" أنا نحبني"، وتعيد التفكّر في جسدك الجسد الحرّية.
"مانيفستو أيوّب" تحملك على اجنحة السرد إلى ذكريات الطفولة، إلى الحمقات الجميلة والضحكات الهستيرية والدموع الحبيسة والأمال المتقدة والآلام المغمورة والأحلام التي أينع بعضها وبُترت أيادي وسيقان بعضها الآخر.
كلمات الرواية بسيطة وعميقة في ذات الآن، تأتي مترابطة في تسلسل عاطفي يخترق الوجدان، ويقحكمك في تفاصيل حياة أيوّب، كائن صابر السردي، الكائن الصابر والمصطبر والمتصبّر والصبور والصبّار، مبتور اليد والساق ولكن لجموحه أجنحة تعانق عنان السماء السابعة.
تروي زخات المطر قلبك، ويهتز وجدانك وكأن زلزالا ألم به وتتواتر آهاتك وتنهيداتك وكأنّها الرياح العاتيات، وتستفزّك عبارات الكاتب وتستدر عبراتك التي ينقطع سيلها على شفا ابتسامة تراوح بين الكبت والانفلات، وتحاصرك الانفعالات والرغبات وتستسلم إلى الحروف وهي تعزف على أوتار الذكريات.
تجد الصور والمشاهد طريقها إلى قلبك مباشرة، لأنّها حبّرت بإحساس مرهف ولغة متينة وسلسلة تدغدغ العاطفة وتلهب فيك نار الحنين أحيانا ونار الثورة كل حين، تروي عذابات الذوات المرهقة بتمرّدها ولحظات النشوة والانتصار إذ رمت تخففت من حملها وعاشت الحلم بكل تفاصيله.
أيوب، تلك الشخصية المكابرة التي لا تخلو من التناقضات، ربّما تشبهك في تفصيل ما وهي التي دانت بدين الحرية وجعلت من الحب شريعته، هو مبتور اليد والساق و قد تكون مثله أو مغايرا له كأن تكون مبتور الوريد أو مجروح الروح والقلب، كل ما عليك فعله ان تتمعّن في ذلك الصوت النابع من أعماقك الذي يرشدك إلى الطريق إليك حيث المانفستو الخاص بك.
والرواية، التي كتبت بأحراف راوحت بين الألم والفرح وبين الحنين إلى الماضي والتوق إلى المستقبل، أخرجت الجسد من ماديته وجعلته فضاء لممارسة الحرية والتصالح مع الذات، واقتناص لحظات البهجة من رحم الوجع، والاستسلام لتلك الهمسات التي تدعوك إلى إطلاق العنان لجسدك لترقص خلاياه على إيقاع الحب والشبق.
وإن كان السرد يغوص في تفاصيل الذاكرة العاطفية لأيوب ويعرّي ذاته التي تحرّرت من كل العقد والمسلمات، فإنّه لم يغفل ذلك الجزء المرتبط بالأحداث التاريخية التي شهدتها البلاد وكانت حاضرة في مسيرته في حياة تحدّى الحبّات ليحياها بهدوء صاخب.
والحكي، في هذه الرواية، يعرّي الجروح التي تتفتّق على وقع حروف لتندمل على وقع أخرى، وتتجلّى آلام الذات والوطن عارية من كل ستر ، ومن انتفاضة الخبز إلى انقلاب بن علي وصولا إلى الثورة التونسية، يعرّج بنا الكاتب على أحداث تاريخية بعيدا عن التأريخ إو الإغراق في التفاصيل التي قد تجعلك تستشعر الملل.
والمنعرجات التاريخية التي وسمت، الرواية، ليست إلا منطلقات أخرى للإيغال في التركيبة الاستثنائية والمتفرّدة لأيوب تلك الشخصية التي لا تكترث إلا لنفسها ولأمها وللوطن، ثالوث مقدّس يؤرقه وهو الوحيد القادر على حمله إلى حافة الانهيار إذ تأذّت إحدى دعاماته.
و"مانيفستو أيوب أو الطريق إليّ..."، تعبيرات عن الحرية و الحب، عن الثورة والتمرّد، عن الوجع والذة، عن الانكسار والنشوة، عن الجسد بما هو فضاء لإعادة صياغة مفاهيم الحب والحرية، لكتابة الوجود على وقع الهمسات، وإعادة رسم خرائط العالم على نسق القبلات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.