كتاب "var"..القصص السرية لأبطال إفريقيا، هو تجربة فريدة بحكم أنه الأول في أدب كرة القدم في الجزائر، هذا النمط الأدبي الشائع في أمريكاالجنوبية خصوصا الأرجنتين، تدور موضوعاته في فلك كرة القدم لكن بأسلوب أدبي، يقبض على اللحظة الإنسانية ويجعل من لا يحب الكرة قادرا على الاطلاع لأنه سرد أدبي مؤثث بالحّكي ولا يهتم بتفصيلات الكرة وجزئياتها.
الكتاب يتشكل من 65 قصة، هي بمثابة لوحات، كل واحدة على انفراد، تروي محطة أو محطات من حياة لاعبي منتخب الجزائر الذي توجوا بكأس أمم إفريقيا، قصص النشأة والعثرات والشقاء قبل الوصول إلى المجد، وينفرد الحارس مبولحي بسبع قصص كاملة، ذلك أنه يثير فضول الجزائريين أكثر من كل زملائه، فيما اختار الصمت والانكفاء على نفسه وعدم التعاطي مع وسائل الإعلام.
كما يحضر بقية اللاعبين حسب تأثيرهم في الفريق، بينما أغلب القصص غير متداولة، لقد كنت شاهدًا على البعض منها وأخرى حصلت على تفاصيل منهما من وكلاء أعمالهم وبعض القصص عن طريق زملاء وكذلك عودة إلى الأرشيف، لهذا السبب حمل الكتاب اسم "var" والمقصود "تقنيّة التحكيم بالفيديو".
والإسقاط هنا، نقصد به العودة إلى الوراء كما يفعل حكم المباراة، لأجل رصد لحظات غائبة وملتبسة وفائتة، مع تكبي رالعدسة، كي نفهم كيف حصلت، فقبل أن يكون هؤلاء نجوم، تعيّن عليهم اجتياز الصحراء.
فيمكننا أن نقرأ عن الأموال التي جمعها اللاعبون بعد مباراة غينيا ولماذا منحت للمدرب؟ وكيف استغنى الأخير عن مبلغ 60 ألف يورو في جنوب إفريقيا، قصة اللاعب الذي اختار دعم أبناء حيه فاشترى لهم السيارات بينما انطلق هو من الصفر من تونس وهو لا يملك سنتيمًا واحدًا، قصة هروب محرز بدراجة مسروقة ومشكلات دولور، دموع عطال في سيارة مؤجرة في مدينة العلمة، وحكاية اللكمة التي تعرض لها وكيف أنقذ صاحب مطعم مشوار بونجاح وكيف استطاع البلايلي أن ينتشل نفسه بعد أن وجد نفسه عاريًا كشجرة ضخمة كانت تستعد للانهيار بسبب مشكلة "الكوكايين".
قصص اللاعبين المغتربين خصوصا من ولدوا في الضواحي الباريسية المهمشة، ومن بين هؤلاء اللاعب الذي أيقظ نهر السين مواجعه بعد أن قرأ التاريخ واكتشف الحقيقة، فانفجر وتسبب في مشكلات، فضلا عن قصة السباح الماهر في الفريق الوطني الذي لا يثق فيه زملاؤه، وكذلك قصة بعض اللاعبين الذين هاجر أولياؤهم متأخرين فكان بوسعهم أن يعيشوا هنا لولا أن المدارس الفرنسية تولت تكوينهم، وغيرها من القصص الكثيرة، من بينها قصة مشجع من منطقة حدودية حصلت معه أثناء مباراة النهائي وتصلح قصته لتتحول إلى سيناريو فيلم سينمائي زيادة عن قصة أخرى حدثت في الجزائر أثناء المباراة.
الكتاب هذا موجّه لمحبي كرة القدم الذين لا يقرؤون أدباً، والشّغوفين بالأدب الذين لا يحبون الكرة، أمّا من يحب الأدب والكرة في الآن فقد أصاب الفوز الأكبر.