في أول حوار صحفي له، بدا رئيس الحكومة هشام المشيشي صادقا من الناحية السياسية ليعلن صراحة عن انحيازه لمن منحه الثقة ولمن يضمن له الأغلبية في البرلمان لمواصلة بقائه على رأس الحكومة خلال الفترة السابقة، "منقلبا "عن عنوان الاستقلالية نحو مسايرة الواقع البرلماني. ولم يخف المشيشي تقاربه مع الائتلاف البرلماني المكون من أحزاب النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة محاولا التمسك بصفة الاستقلالية كعنوان بارز لطبيعة حكومته التي نالت ثقة ممثلي هذا الائتلاف في البرلمان. واتضح في الحوار الصحفي، الذي أدلى به المشيشي ليلة الأحد، اقتناعه بضرورة التعامل مع الائتلاف البرلماني الأغلبي ليكون حزاما سياسيا داعما لحكومته دون البقاء على نفس المسافة من الأحزاب الممثلة في المشهد السياسي ودون الخضوع إلى خيارات رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي يتعارض في توجهاته السياسية مع كل من النهضة وقلب تونس. ولم يعد المشيشي بين مطرقة الرئاسة وسندان الحزام السياسي، وأعلن بصفة واضحة انحيازه الى الحزام البرلماني والتشاور معه في مسائل هامة لعل أبرزها التعيينات في المناصب العليا، مشددا في نفس الوقت على أن علاقته برئيس الجمهورية قيس سعيد تحتكم فقط الى الأحكام الدستورية وضوابطها. ووسط جدل عن تعرض هشام المشيشي لضغوطات من أحزاب الائتلاف البرلماني الداعم له للقيام بتعيين شخصيات من قياداتها في مناصب وزارية من خلال القيام بتعديل وزاري، من أجل فرض شرعية نتائج الانتخابات الشرعية وانعكاس صورتها في الحكومة، ينكشف موقفه ومدى قبوله لمطالبهم في المرحلة القادمة. المشيشي قال إن حكومته ورغم إستقلاليتها فان لديها حزام سياسي وتتفاعل مع الأحزاب التي صوتت لها، معلنا عدم رفضه لإجراء تعديل وزاري على أساس التقييم ومدى تحقيق النتائج المرجوة، منوها إلى قبوله مبدئيا باجراء تحوير وزاري إذا استوجب الأمر ذلك. وفي المقابل، وفي إطار حديثه عن علاقته برئيس الجمهورية قيس سعيد، اكتفى المشيشي بالقول إن علاقتهما تحتكم فقط إلى ما ينص عليه الدستور دون أن يعلن عن وجود أي تماه يخص اشتراكهما في الخيارات السياسية، بل مضى مؤكدا على صحة موقفه في اعفاء وزير الثقافة منذ البداية واستحضر بلهجة ضاحكة تمسك قيس سعيد به منذ تعيينه في الحكومة. مسألة أخرى توحي بأن المشيشي، يريد رد الجميل للأحزاب التي منحته الثقة في البرلمان، تتمظهر في دعمه للمبادرة التشريعية التي تقدم بها ائتلاف الكرامة والمتعلقة بتعديل المرسوم 116 المتعلق بتنظيم القطاع السمعي والبصري رغم ما تثيره هذه المبادرة من جدل ورغم عمله بأن رئيس الجمهورية قيس سعيد قد وعد النقيب السابق للصحفييين التونسيين ناجي البغوري بعدم إمضاء المرسوم في حال المصادقة على تعديله في البرلمان. ولم يعلن هشام المشيشي عن اعتراضه لتعديل المرسوم 116، مؤكدا أن الحكومة مع أيّ مبادرة لتحرير قطاع الإعلام لضمان الحرية والإستقلالية للقطاع السمعي البصري ولم يدافع عن مشروع القانون الأساسي المتعلق بقطاع الاعلام السمعي البصري الذي قدمته حكومة الياس الفخفاخ.