وزير السياحة: طلب كبير على طبرقة عين دراهم...التفاصيل    عاجل: سقوط صواريخ إيرانية على حيفا وبئر السبع... وأضرار مادية جسيمة    كأس العالم للأندية: برنامج النقل التلفزي لمواجهة الترجي الرياضي ولوس أنجلوس    الفرق الطبية بالمستشفيين الجامعيين بصفاقس تنقذ 5 مرضى من جلطات قلبية بواسطة منصّة "نجدة TN"    حماية المستهلك والتجارة الإلكترونية: تذكير بالقواعد من قبل وزارة التجارة وتنمية الصادرات    وائل نوار: الرهان المستقبلي لقافلة الصمود حشد مئات الآلاف والتوجه مجددا لكسر الحصار    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    مقترح قانون لتنقيح قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلّغين    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    بداية من 172 ألف دينار : Cupra Terramar أخيرا في تونس ....كل ما تريد معرفته    عاجل: القلق الإسرائيلي يتصاعد بسبب تأجيل القرار الأميركي بشأن الحرب على إيران    الحماية المدنية: 552 تدخلا منها 98 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    النادي الإفريقي يعلن عن موعد الجلسة العامة الانتخابية    صلاح وماك أليستر ضمن ستة مرشحين لجائزة أفضل لاعب من رابطة المحترفين في إنقلترا    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    وزير الإقتصاد في المنتدى الإقتصادى الدولي بسان بيترسبورغ.    عودة التقلّبات الجوّية في تونس في ''عزّ الصيف'': الأسباب    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    بلومبيرغ: إيران تخترق كاميرات المراقبة المنزلية للتجسّس داخل إسرائيل    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    عامان سجناً لمعتمد سابق و15 سنة سجناً لنائب سابق بالبرلمان المنحل    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    صاروخ إيراني يضرب بئر السبع وفشل تام للقبة الحديدية...''شنو صار''؟    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    ما تستهينش ''بالذبانة''... أنواع تلدغ وتنقل جراثيم خطيرة    100 يوم توريد... احتياطي تونس من العملة الصعبة ( 19 جوان)    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    خامنئي: "العدو الصهيوني يتلقى عقابه الآن"    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    كأس العالم للأندية: أتليتيكو مدريد يلتحق بكوكبة الصدارة..ترتيب المجموعة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    الاستثمارات الاجنبية المباشرة تزيد ب21 بالمائة في 2024 في تونس (تقرير أممي)    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    إسناد المتحف العسكري الوطني بمنوبة علامة الجودة "مرحبا " لأول مرة في مجال المتاحف وقطاع الثقافة والتراث    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    قافلة الصمود تُشعل الجدل: لماذا طُلب ترحيل هند صبري من مصر؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة التحوير ومربع اللاعودة
نشر في حقائق أون لاين يوم 30 - 01 - 2021

إستبدت بنا الأزمات وكأنها قدر ننام على ترانيمه وعلى وقعه نستفيق، لكن ما يطرق باب تونس اليوم ولعمري أزمة غير مسبوقة غير كل تلك الأزمات، أزمة "مستجدة" تلبس فيها السياسي بالدستوري وتمترس فيها الخصوم بالجبهات.

تشير ساعة الأزمة هذه، إلى أننا لم نبارح شوطها الأول، شوط نالت فيه حكومة المشيشي 2 ثقة البرلمان بأغلبية مريحة وفازت فيه بحزام برلماني أكبر وأقوى، بعد أن نجحت منظومة التحالف القديم المتجدد في حشر العصفور النادر في الزاوية وتوزيع غنيمة الحقائب بما يرضي الكبار والصغار .
شوط إنتصر فيه المشيشي لشغفه وطموحه بالبقاء في سدة الحكم، وسار على نهج من سبقه في القصبة ذات يوم (يوسف الشاهد) مقبلا على مغريات السلطة متنكرا لمن انتشله من الظل ولمن ألقى به مغمورا فتيا في دائرة الضوء وصنع القرار، وغير مكترث بحجم التنازلات التي قدمها وسيقدمها ولا بتقلب الزمن والحلفاء على الحكام كلما إنتهت الحاجة إليهم.

شوط فرض فيه رئيس البرلمان راشد الغنوشي كلمته وخياراته على الجميع وعلى كل من تحداه وعلى رأسهم من نازعه لأشهر على مفاتيح القصبة، بعد أن أوقف السطوة الرئاسية على الحكومة معلنا رسميا نهاية عهد حكومات الرئيس، منتصرا لحليفه السجين الذي جاهر بما كتمه الشيخ طيلة أشهر، حين أفصح عقب جلسة منح الثقة لحكومة المشيشي 1 وعلى الملأ عن تفاصيل خطة عزل الرئيس وتقليم أضافره في القصبة.

شوط إكتفى فيه ساكن قرطاج كعادته بالتلويح بخطابات الوعد والوعيد ، ولسان حاله يقول " هيهات لن تمروا ولن تفلح خطتكم فأنا الرئيس وبيدي ورقة الدستور.. الدستور الذي يعود لي حصرا تفسيره في غياب المحكمة الدستورية".

وفيما تشير التطورات إلى أن كل الضغط أصبح مسلطا على قرطاج وبأن رئيس الجمهورية أصبح على وشك خسارة المواجهة، أمام تحدي هشام المشيشي بمعية "حشده" البرلماني ، لتحذيراته وعرضه للتحوير على البرلمان ومن بعد ذلك عقد إجتماع بحكومته الجديدة، فإن الأزمة التي دخل على خطها أساتذة القانون الدستوري بين مناصر للرئيس وآخر للحكومة والبرلمان وفق قراءات متباينة، لم تبح بعد بنهايتها.

الازمة دخلت للأسف مربع اللا عودة وعنوان المرحلة الحالية هو " لا تراجع" لأن التراجع قيد أنملة، أو خطوة إلى الوراء سيعني خسارة المعركة، ولأن التراجع سيكلف المتنازل خسائر سياسية لا يمكن حصرها، فصورة الرئيس وشعبيته لن تبقى كما كانت حين يتراجع بل أن التراجع سينسف أي مستقبل سياسي لأستاذ القانون الدستوري الذي أقسم على حماية الدستور و وعد بأن لا يتسامح مع الفاسدين وبأن لا يستقبل كل ذي شبهة حتى وإن كان وزير.

كما أن التراجع بالنسبة لرئيس الحكومة سيكون بمثابة الانتحار السياسي وهو المتعطش لإستدامة بقاءه في القصبة، فيما سيكون بمثابة الزلزال الذي يهدم أركان تحالف ال 144 المتشكل حديثا في البرلمان.
وفيما قد يذهب رئيس الحكومة إلى مزيد من التصعيد إما بأداء اليمين أمام البرلمان و تجاهل القسم الرئاسي، لا يبدو أن موقف رئيس الجمهورية قد يلين، وهو ما يجعلنا إزاء أزمة غير مسبوقة تهدد كيان الدولة المتهالك.
فكيف يمكن لحكومة أن تباشر عملها دون المرور بالقسم الرئاسي؟ وأي مستقبل للعلاقات بين رؤوساء السلط الثلاث في حال استمر الصدام؟

كان بإمكان رئيس الحكومة ومن والاه أن يستبعدوا الوزراء الذين تلاحقهم شبهات الفساد وتغييرهم بآخرين من نفس الخندق وتنتهي القصة هناك وقد كان لديهم الوقت والخيارات ذلك أن رئيس الجمهورية حذر قبل عرض التعديل الحكومي على البرلمان بأنه يرفض أداء "من تلاحقهم شبهات الفساد" اليمين في القصر، وقد كان بإمكان رئيس الجمهورية أن يتفادى الازمة و يستقبل الحكومة التي حضيت بثقة البرلمان رغم التحفظات، وله إن أراد أن .يستغل أخطاء خصومه سياسيا بكشف فساد الوزراء أمام الشعب مثلما فعل خصومه مع حكومته، حكومة الفخفاخ، لكن لا هذا حدث ولا ذاك.

الآن هو شوط تكسير العظام بكل ما تحمله الكلمة من معنى، استبد فيها العناد بالخصوم وغابت فيه الحكمة والرغبة في تجاوز الخلافات.
ولعل الأتعس من تمترس الخصوم بمواقعهم ومواقفهم هو غياب الوسيط القادر على جر الجمع "المتنابز" و"المتناحر" إلى طاولة الحوار وصياغة مخرج يحفظ صورة الرؤساء الثلاث ويؤمن لهم خروجا إن لم يكن مشرفا فبأخف الأضرار.

هنا غاب الاتحاد العام التونسي للشغل حتى الآن، وغاب معه الحل والبديل ، فيما يسوق البعض إلى أن أبغض الحلول هو نقل الازمة و الصراع إلى إحدى عواصم الأشقاء والجيران بحث 0، حينها فلنقرأ على هذه التجربة السلام فقد نجحنا في تصدير أزمتنا بدل ديمقراطيتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.