انتخاب عماد الدربالي رئيسا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    الترجي الرياضي: يجب التصدي للمندسين والمخربين في مواجهة صن داونز    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    عاجل/ مفتّش عنه يختطف طفلة من أمام روضة بهذه الجهة    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    وزارة التربية تقرر إرجاع المبالغ المقتطعة من أجور أساتذة على خلفية هذا الاحتجاج ّ    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    يورغن كلوب: الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيدنا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    وزارة الفلاحة: رغم تسجيل عجز مائي.. وضعية السدود أفضل من العام الفارط    مستجدات الوضع الصحي للأستاذ الذي تعرض للطعن على يد تلميذه..    عاجل: زلزال يضرب تركيا    تنبيه/ رياح قوية على هذه المناطق في تونس..#خبر_عاجل    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل/ وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    الافراج عن كاتب عام نقابة تونس للطرقات السيارة    الخارجية: نتابع عن كثب الوضع الصحي للفنان الهادي ولد باب الله    استثمارات متوقعة بملياري دينار.. المنطقة الحرة ببن قردان مشروع واعد للتنمية    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 19 افريل 2024    عاجل/ مسؤول إسرائيلي يؤكد استهداف قاعدة بأصفهان..ومهاجمة 9 أهداف تابعة للحرس الثوري الايراني..    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    طيران الإمارات تعلق إنجاز إجراءات السفر للرحلات عبر دبي..    عاجل : هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    بورصة تونس: "توننداكس" يقفل حصة الخميس على استقرار    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين ديمقراطية طيّعة وأخرى لها مخالب..
نشر في حقائق أون لاين يوم 24 - 09 - 2021

تبقى الديمقراطية التونسية متميزة حتى في غرابة أطوارها، ويصعب في الكثير من الأحوال إخضاعها للتقييم الموضوعي المعياري وفق نظريات السياسة والحكم. وآخر دليل على ذلك الطلاق البائن بين مؤسسات الحكم ورئيس الجمهورية المنتخب ذي الصلاحيات المحدودة في قراءة واضعي الدستور، والموسّعة عند بعض فقهاء القانون الدستوري وأوّلهم الرئيس نفسه الذي درّسه في الجامعة التونسية لأكثر من ثلاثين سنة.
وإذا أخذنا المسار التاريخي القصير للممارسة السياسية الديمقراطية في تونس على مدى العشر سنوات الأخيرة التي جاءت على إيقاع ما سمّي بالربيع العربي والتي امتدّت أنغامها على الكثير من البلدان العربية فإذا هي نشاز في نشاز، فإن المفارقة الكبرى تتمثل في العثرات المستمرة في دولاب الديمقراطية بل والمتزايدة بعكس منطق النضج السياسي المفترض في ثقافة الحكم الديمقراطي.

فخلال الفصول التشريعية الثلاثة في الحياة الدستورية نجد أنها كلّها تقريبا فشلت في أداء ما هو منوط بعهدتها ، فالمجلس التأسيسي الذي انتخب لعام واحد لإقرار دستور جديد حوّله الحكّام الجدد القادمين من وراء البحار إلى غنيمة حكم وأداة تمكين من مفاصل الدولة، وأكمل مهامّه قسرا بعد ثلاث سنوات شهدت البلاد خلالها ثلاث عمليات اغتيال سياسي وموجة من الإرهاب الديني ذهب ضحيّتها العشرات من أبناء المؤسستين العسكرية والأمنية، خرج لنا بعدها بدستور مفخخ محكم الإغلاق يمنع كل جهد إصلاحي ويوزّع السلطات بين رؤوس ثلاثة تتصارع فيما بينها صراع الديكة.

ثم جاء أول مجلس نوّاب منتخب تحت غطاء التوافق المغشوش ليفشل فشلا ذريعا في مهمّته الأصلية وهي تركيز الهيئات والمؤسسات الدستورية التي نصّ عليها الدستور وأولها دون منازع المحكمة الدستورية المعطّل بعثها إلى اليوم. وشاهدنا خلال أعماله أفعالا وممارسات مقرفة زادت من حالة ترهّل الدولة وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتوازنات المالية العمومية.

ولم تكد تغمض أعيننا على تعاسة ما عشناه من مآسي ونكبات متلاحقة طيلة تلك السنوات الخمس ، حتى أفقنا في أقل من سنتين على هول الفاجعة والكارثة التي أصابتنا مع انتخاب مجلس النواب الجديد ، الذي ضمّ في صفوفه سقط متاع المتجمع من فاسدين ومهرّبين ومجرمين وسماسرة إلاّ بعض الشرفاء الذين لا يُحسب لأصواتهم ومواقفهم .

شمل فشل منظومة الحكم الجديدة هذه في ترتيب العلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية جميعَ الاحتمالات الممكنة ، فلا حكومة "إصلاحية" تستطيع العمل مع مجلس "فاسد"، ولا حكومة "فاسدة" قادرة على مجاراة مجلس "فاسد"، بل ولا حكومة "إصلاحية" نجحت في التعايش مع مجلس "فاسد"، وأخيرا لا مجال لتعاون حكومة ورئيس "إصلاحي" في التعريف السياسي لهذه المصطلحات!!

ومن الواضح خلال التجربة السياسية برمتها أن مثل هذه النتيجة التي جنيناها ، وهي تجميد أعمال مجلس النواب إلى تاريخ غير مسمّى ، وما تبعته من قرارات رئاسية جديدة ، سوف تتكرر بالتأكيد ، إن وقع الحفاظ على المرجعية الدستورية الحالية للحكم وتنظيم السلطات، لسبب بسيط وغاية في الأهمية في نفس الوقت، وهو وجود قوى دافعة مازالت فعّالة وضعت السياسة التونسية برمتها بين السندان والمطرقة : سندان العمل على إلغاء الديمقراطية برمتها، ومطرقة فرض ديمقراطية طيّعة وشكلية ومنزوعة الأسنان.

وما هذه العثرات التي تواجهنا على مدى العشر سنوات الأخيرة، إلاّ صراع مستمر بين نهجين متناقضين، ومن الواضح أن كلا منها صاحب نفس طويل وإصرار على موقفه، وحتى يُهزم الطرف المقاوم للديمقراطية وهذا هو بالتأكيد الأمل الوحيد والأرجح وفق التجارب التاريخية والمد الديمقراطي الجارف عالميا، يبقى البلد يدفع ثمن هذا الصراع على أكثر من صعيد المنظور العام للممارسة السياسية التونسية.

فهشاشة الديمقراطية وعثراتها المتكررة من جانب ، ومحاولات تطويعها وتسخيرها لخدمة أهداف ومآرب تستهدف أصلَها وبقاءَها وتطبيقَيها الحقيقي من جانب آخر، حرمت بلدا مثل تونس ورغم إمكانياتها الهائلة وذكاء شعبها المفعم بالإرادة، من بناء مؤسساته الدستورية بناء تكامليا أكثر تطورا ونضجا، وأضاعت فيه هيبة القانون وسيادة النظام لصالح الترهل في الخدمات العامة وتفشي المحسوبية والتحريض على كل أنواع الفساد، وأخفقت في صهر مكوناته البشرية في بوتقة اللحمة الوطنية الحقيقية.

رغما عن كل ذلك سوف نعود جميعا إلى نقطة الصفر من جديد لننتظر اليوم الموعود لنحاول وضع لبنة أخرى في صرح الديمقراطية التي نغنّي على أوتارها ألحان الوطنية… لعل وعسى!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.