يسرى الشيخاوي- جدّة/ السعودية "البلد" حي عريق في جدة تعبق منه رائحة الماضي وترشح تفاصيله بحكايات مشوّقة، وفيه تصدح الحجارة بصمودها في وجه كل التغييرات وتختزل الشبابيك التي ترك عليها الزمن بصمته وذهب ببعض من زجاجها معنى البقاء. في مدينة جدة العتيقة والعريقة، جزء من التاريخ مازال متشبّثا بروح تصاميمه المعمارية ومميزاته الثقافية، برزخ يفصل بين الماضي والحاضر ويحملك إلى عوالم مدادها الخيال والسكينة. وانت تسير في حي "البلد"، الحي الأقدم في جدة والمصنف على قائمة اليونسكو، تشدك الشوارع القديمة المشحونة بالحنين والأبنية المؤلفة من عدة طوابق تعانق الأفق وتتحدى الغيرات الجذرية من حولها. في الرحلة التي يتماهى فيهاالفن والتاريخ تغوص أنظارك، في منزل من ثلاثة طوابق مطرّز بنوافذ وشرفات صغيرة ومعزولة، هو عينة من بنايات بأسلوب معماري خاص تسمى " بالرواشين". "والرواشين"، فضاءات رمزية محملة بالحكايات ففيها تجلس النساء وتراقبن الرجال القادمين من اجل خطبة إحداهن ويتفحصنه مليا ويمعن في التثبت من شكله دون ان يبدين له. تفاصيل كثيرة تشدّك إليها في "البلد" وتغويك بالبحث في خفاياها، ولكنك تنقطع عنها حينما تقع عيناك على الفضاءات التي تمت تهيئتها من اجل الدورة الافتتاحية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي. والمتامل في الفضاءات التي أُعدت خصيصا للمهرجان الأول من نوعه في السعودية سيلاحظا انها لم تمسمن جمالية المكان ولا شوهت تفاصيله بل إنها أضفت عليه ألقا، ألق الفن السابع. واختيار إقامة المهرجان في مدينة جدة القديمة، ليس اعتباطيا، إذ يحاول المنظمون دفع الزوار إلى اكتشاف ملامح المدينة والغوص في عوالم ثقافية وتاريخية إلى جانب الغوص في آفاق الصناعة السينمائية في السعودية. وبعيدا عن عروض الافلام التي حضرت فيها اختيارات عربية ودولية مرشحة لجزائز عالمية واخرى تعرض للمرة الاولى أمام الجمهور السعودي وصناع السينما والنقاد والصحفيين، تبدّى ألق الفن السابع في افتتاح المهرجان وكانت السجادة الحمراء مداسا لنجوم من مختلف أنحاء العالم. ومن بين الحاضرين النجم البريطانى كليف اوين، والممثل الفرنسي فينسيت كاسيل، والممثل الإيطالي ميشيل موروني، والنجم الامريكي أنتوني ماكي وغيرهم من الممثلين العالميين. وإلى جانب صناع السينما السعودية من مخرجين ومنتجين وممثلين من بينهم المكرمة في هذه الدورة هيفاء المنصور، حضر من مصر عدد من الممثلات والممثلين على غرار لبلبة ويسرا وليلى علوي وإلهام شاهين وهالة صدقي ونيلي كريم وتارا عماد وبشرى. وفي الافتتاح، حضرت أيضا، المخرجة المصرية إيناس الدغيدي والممثلة التونسية هند صبري، والممثل والمخرج التونسي نجيب بالقاضي، والمنتج عماد مرزوق، وعارضة الازياء التونسية ريم السعيدي. وبعد أجواء السجاد الاحمر، كان عشاق السينما على موعد مع الفيلم الموسيقى "سيرنو- Cyrano " للمخرج البريطانى جو رايت، وهو دراما عاطفية من تأليف إيريكا شميدت. وهذه الدراما مقتبسة عن مسرحية غنائية قامت بتأليفها عام 2018 تحمل الاسم نفسه، ليعيد الفيلم تقديم هذه القصة الكلاسيكية الرائعة بمشاركة نجم مسلسل "صراع العروش" إيمى بيتر دينكلاج، وهايلى بينيت، كيلفن هاريسون جونيور، بين ميندلسون وآخرون.
