دخلت شركة الخطوط التونسية مرحلة العجز منذ سنة 2000، وتحملت الدولة أعباءها لسنوات طوال، إلا أن الأرقام الحقيقية لما تشهده الشركة من خسائر لم تطف على السطح إلا إثر ثورة 14 جانفي، حيث واجهت بالأساس صعوبات منافسة بسبب مشروع الأجواء المفتوحة في إطار اتفاقية الشريك المتميز لتونس مع الاتحاد الأوربي، بالإضافة إلى اتفاقية الحرية الخامسة مع قطر وهو ما يعني فتح الخطوط التونسية لمنافسة شركات الطيران الخليجية التي تتمع بقدرات تنافسية فائقة. و شهدت الشركة ، التي من المفترض أن تكون واجهة جيدة للسياحة التونسية، العديد من الإضرابات والاضطرابات خلال الثلاث سنوات الأخيرة احتجاجا على الأجور من جهة والتعيينات من جهة أخرى وعديد المطالب التي عطلت سير الرحلات في عديد المناسبات وزادت من الأعباء التي لا تحملها الشركة فقط على عاتقها بل يتحمّل الاقتصاد التونسي أيضا أثقالها خاصة عندما تسجل الشركة عجزا ب 113 مليون دينار سنة 2011 ثم 72 مليون دينار سنة 2012 وأخيرا بلغ العجز هذه السنة 67 مليون دينار. إجراءات إدارية تقشّفية كما تتكبد شركة الخطوط التونسية التي يعود تاريخ نشأتها إلى يوم 21 أكتوبر 1948، مسؤولية 230 عونا عن كل طائرة من أسطولها المكوّن من 30 طائرة، مقابل معدّل 175 عونا لكل طائرة بشركات الطيران في دول أخرى ذات هيكلة مماثلة ، هذا بالإضافة إلى الموظفين الإداريين الذين يرفعون عدد العاملين بالشركة إلى أكثر من 8 آلاف عامل، الشيء الذي أجبر القائمين على هذه الشركة هذه السنة،على تجميد التعيينات من جهة، وتسريح 1700 عون في نطاق التقاعد المبكر الاجباري والتقاعد المبكر الاختياري لمن أعمارهم أقل من خمسين سنة من جهة أخرى، وشمل هذا الاجراء 650 عونا للشركة الأم و560 عونا لشركة الخدمات الارضية و350 عونا للخطوط الفنية و140 عونا للخطوط السريعة. وبالرغم من أن اتخاذ مثل هذه الاجراءات جاء في إطار برنامج إصلاحات على مستوى الموارد البشرية عن طريق تخفيف أعباء الاجور، إلا أن الدولة تبقى دائما في وجه المدفع حيث ستغطي كلفة التقاعد المبكر في حين سيتحمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مساهمات في نفقات الجرايات. أعباء شركة.. تتحملها دولة خرج مؤخرا الرئيس المدير العام لشركة الخطوط التونسية رابح جراد ، خلال جلسة استماع صلب لجنة الإصلاح الإداري و مكافحة الفساد صلب المجلس الوطني التأسيسي ، ليعلن عن برنامج إصلاح شامل بالمؤسسة من بين بنوده إجراءات تسريح العملة، مطالبا الدولة بتوفير تسبقة مالية ب 300 مليون دينار على مراحل في إطار برنامج إنقاذ الشركة. من جهة أخرى ألحّ نواب لجنة الاصلاح الاداري ومكافحة الفساد في طلب كشف الفساد الذي نخر شركة الخطوط التونسية طيلة السنوات الماضية وخاصة في فترة حكم المخلوع بن علي. إلا أن الفساد داخل هذه الشركة والأعباء التي يضعها على عاتق الدولة، التي تعاني بدورها أزمة اقتصادية خانقة ، أخرجت العديد من الأخصائيين الماليين وكبار مسؤولي البلاد من صمتهم لإطلاق صيحة فزع حول الشأن الاقتصادي، لا يقتصر فقط على العهد البائد كما يسميه الكثيرون بل تواصل إلى فترة ما بعد الثورة وهو ما يطرح التساؤل حول ما إذا كانت خصخصة هذه الشركة هي الحل لتخفيف أعباء الدولة .