حالت الأوضاع الأمنية المتدهورة في كركوك ، مثلها مثل باقي المحافظاتالعراقية، أبناء الطائفة الصابئة المندائية بالمحافظة من الاحتفال بعيد ما يسمى "الخليقة". والصابئة أو (الصبة) باللهجة العراقية هي أحد الأديان الإبراهيمية وأتباعها يتبعون أنبياء الله آدم وشعيث وادريس و نوح وسام بن نوح ويحيى بن زكريا. ويحتفل الصابئة المندائية في هذه الأيام بعيد "الخليقة" الذي يستمر خمسة ايام (وهو يجسد حسب معتقداتهم الأيام التي تجلت فيها قدرة الخالق )، وتعتبر محافظة كركوك من الأماكن التي تجمع أبناء طائفة الصابئة المندائيين، وتضم قرابة 150 عائلة موزعة بمناطق متفرقة من المحافظة، غير أنها تقلصت نتيجة الأوضاع الأمنية إلى قرابة 100 عائلة. ونتيجة الاحداث الامنية في العراق، اكتفوا بممارسة طقوسهم داخل المعابد الخاصة بهم، حيث قاموا بالغطس في أحواض سباحة داخلها، وهي من أهم شعائرهم. وكلمة الصابئة مشتقة من الجذر (صبا) والذي يعني باللغة المندائية اصطبغ، وهي الطقوس التي يؤدونها في اعيادهم بغطسهم في ماء جار وغسل ذنوبهم وخطاياهم. وقال سليم جبار شمخي رجل دين في مندائية كركوك إن "شدة الأعمال الإجرامية والتفجيرات ونشاطات التكفيريين، والقتل أدى إلى حرمان العوائل المندائية من إجراء أية احتفالات خوفا من الأعمال الإجرامية، لذلك لم نقم اية احتفالية واختصرنا دار العبادة لزيارة الأصدقاء والمهنئين". وأشار إلى أن "الفوضى وقلة الأمان في هذا البلد حدا بالكثير من المندائيين إلى الهجرة خارج البلد بحثا عن الأمن والأمان، وهو أصعب شيء واجهوه". فيما أوضح عماد جبر أحد أبناء الطائفة أنه "لم تجر احتفالية بعيد الخليقة؛ نتيجة الظروف الأمنية الصعبة التي تمر بها كركوك وكافة محافظاتالعراق؛ لأننا مستهدفون مثل الآخرين بالاغتيالات والتفجيرات منهم الصاغة، وعوائل مستهدفون بالقتل والتهجير وأصبحت أعدادنا قليلة". وهجرت المئات من عوائل الصابئة من العراق، وفتحت الاممالمتحدة ابواب اللجوء لهم في العديد من دول العالم، والتي كانت السبب الرئيسي في هجرتهم من العراق. من جانبه أشار مدير دائرة المندائية في كركوك فلاح لفتة إلى أن "أبناء هذه الطائفة بدأت تقل أفرادها سنة بعد سنة؛ بسبب الهجرة المفتوحة لكل أبناء الطائفة، وأصبح هناك قلة في أعداد رجال الدين أيضا نتيجة عدم استقرار الوضع الأمني". ويعتقد الصابئة بأن شريعتهم الصابئة الموحدة تتميز بالعمومية والشمول، و لم يخوضوا اي حروب طيلة تعايشهم مع الديانات الأخرى التي تلتهم بالتوحيد. ويعيش أبناء الصابئة في عدد من المحافظاتالعراقية اهمها ميسان (شرق)، وبغداد وكركوك، ويمتهن أغلبهم صياغة الذهب وتعرض العشرات منهم الى عمليات اغتيال في بغداد وكركوك، وتعرض عدد اخر الى التهديد بالقتل، والتصفية من قبل الجماعات المسلحة والمليشيات الطائفية، اكثرها دموية كانت في بغداد. ويعد توفير الامن والحماية لهم اهم مطالبهم من الحكومة العراقية بعد الاحداث التي مر العراقيون بها عامة والاقليات بصورة خاصة وتزايد استهدافهم من قبل الجماعات المسلحة والمليشيات في بغداد خاصة وتلتها كركوك وميسان، رغم أن الصابئة يميلون الى السلم على مر العصور.