عاجل : راصد الزلازل الهولندي يحذر    في ظرف يوم : 15 حالة وفاة و438 مصابا في حوادث مرور    رئيس الجمهورية ووزيرة المالية يتباحثان ملف التمويلات الأجنبية للجمعيات    هيئة المحامين تدين الاعتداء على مهدي زقروبة وتقرر الإضراب مجددا    الرئيس سعيد يبحث مع وزير الداخلية الوضع الأمني العام في البلاد ويؤكد على فرض احترام القانون على الجميع    التمويلات الأجنبية المتدفقة على عدد من الجمعيات التونسية ناهزت 316ر2 مليار دينار ما بين 2011 و 2023    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    وزير الفلاحة: الترفيع في طاقة استيعاب سد بوهرتمة    الاقتصاد التونسي يسجل نموا ب2ر0 بالمائة خلال الثلاثي الأول من 2024    ارتفاع المؤشرات الخاصّة بالمشاريع المصرّح بها في الصناعة والخدمات    وزارة التربية تعلن قبولها ل100 اعتراض مقدّم من الأستاذة النواب    محمد عمرة شُهر ''الذبابة'' يصدم فرنسا    عرب يتعاملون بالعملات المشفرة.. و هذه الدولة في الصدارة    ماذا في اجتماع هيكل دخيل بأعضاء "السوسيوس" ؟    الترجي الرياضي التونسي في تحضيرات لمواجهة الأهلي    طولة فرنسا : نيس يفقد آماله في التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية بالخسارة أمام باريس سان جيرمان    عاجل : جماهيرالترجي تعطل حركة المرور    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    هام/ انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لإمتحان شهادة الباكالوريا    ضبط معدات لاسلكية لاستغلالها في امتحان الباكالوريا    ملثمون يحملون أسلحة بيضاء يعتدون على مقهى بهذه المنطقة..ما القصة..؟!    فظيع/ هلاك كهل الخمسين سنة في حادث مرور بالقيروان..    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    بوكثير يتابع مدى تقدم مشروع البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    أخبار الأولمبي الباجي .. بن يونس يحقق المطلوب وغموض حول الأشغال في الكميتي    ناجي الغندري يدفع المجلس البنكي والمالي نحو دعم الاقتصاد الوطني    حزب الله يستهدف فرقة الجولان بأكثر من 60 صاروخ كاتيوشا    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    كتاب «التخييل والتأويل» لشفيع بالزين..الكتابة على الكتابة اعتذار عن قبح العالم أيضا    جمهور النادي الافريقي .. البنزرتي رجل المرحلة.. لا نعترف بلجنة الحكماء ونطالب بتنظيف محيط الفريق    أخبار النادي البنزرتي...لماذا يعجز الفريق عن الفوز خارج قواعده؟    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    سيدي بوزيد: يوم جهوي للحجيج    طقس اليوم ...الحرارة في ارتفاع ؟    ديوان السياحة: نسعى لاستقطاب سيّاح ذوي قدرة إنفاقية عالية    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    أخبار المال والأعمال    ينشط في عديد المجالات منها السياحة .. وفد عن المجمع الكويتي «المعوشرجي» يزور تونس    قيس سعيد يشدد على اتخاذ الإجراءات القانونية ضدّ أي مسؤول يُعطّل سير المرافق العمومية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    محكمة العدل الدولية تنظر "وقف العمليات العسكرية في رفح"    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار: توقع انتعاش النمو في تونس إلى 1،9 بالمائة خلال السنة    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    صفاقس: ينهي حياة ابن أخيه بطعنات غائرة    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما هي اولويات الإعلام العربي في المهجر؟
نشر في حقائق أون لاين يوم 24 - 03 - 2014

لا شك أن الإعلام أصبح الأكسيجين الذي يضاف إلى بقية مكوّنات التواجد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي للأمم والمجتمعات، وهو بالتالي الجسر الرابط بين المواطن والسياسي، بين القرار والانجاز، بين الرأي والتنفيذ، بين الفكرة وبين التنزيل... وتأكيدا في هذا العصر، الذي تطوّرت فيه الوسائل والآلات بصورة خيالية، وصار فيها الإعلام قادرا على اصطياد الخبر والمعلومة والصورة بشكل كهربائي يتجاوز ذهول الزمن، ليصنع من خطف الحدث فعلا سياسيا على الأرض، يفعّل به الساحة ويؤثر في تشكيل الرأي والرأي المضاد، بالإضافة إلى اقتناص بعض اللحظات التاريخية التي يمكن أن تقلب المعادلات في شتى التناقضات والمرجعيات... وبين الزحف الإعلامي العملاق، الذي أثر ويؤثر في جوانب كثيرة من حياتنا حتى وان كنا نعتقد سباتا أننا ناجون، وبين هذه التجاذبات الدولية والتأثرات الجيوسياسية المتسارعة التي تطحننا كل لحظة، تقفز إلى أذهاننا جملة من التساؤلات عن دور الإعلامي العربي في المهاجر، على ركح المنابر المختلفة والمتنوعة، المكتوبة والمسموعة والمرئية... وتبرز لنا جملة الاستفسارات السابحة في واقع البحث عن الذات، البحث عن الفعل بين تموّجات الواقع المتحرك، الذي يدفعنا باستعجال إلى طرح أسئلة قلقة، هل يمكن أن يساهم الإعلامي العربي المهجري في تنمية الوعي لدى الجالية وتوضيح الصورة للآخر؟ ما هي تحديدا أولويات مسؤوليته والتحديات والعوائق والمحاذير؟ ماذا ينقص الإعلام العربي لكي يكون قوة ضاغطة تستطيع التأثير في القرار السياسي؟ هل يستطيع الإعلامي العربي في الغرب أن يساهم في الفعل السياسي للوطن الأم
، أو في توصيف الأزمات؟ لماذا فضلت العديد من الكفاءات الإعلامية هجرة أوطانها والاستقرار بالمهجر؟...
لكل هذه الاستفسارات استضفنا الزملاء:
عياش دراجي - ليلى المر - فيصل جلول - رياض معسعس - شاكر نوري لمحاولة الاطلاع من خلالهم على هذا الملف...
عياش دراجي /
قناة الجزيرة

الحديث عن أولويات الإعلامي العربي المهاجر مرتبطة بمن هو هذا الإعلامي؟ أي معدن من الناس هو؟ فالإعلاميين معادن كالذهب والفضة، ولمعرفة أولويات كل إعلامي لا بدّ من معرفة مقدار تعلقه بهويته، وتمسّكه بمشاريعه الثقافية والفكرية، هذا إذا كانت لديه أصلا مشاريع في هذا الموضوع، والحقيقة أن لكل إعلامي هدفا معينا من الهجرة أو المنفى، فمن مهاجر رغيف أو رغد العيش، إلى مهاجر يبحث عن ذاته أو ساع إلى تمكين لنفسه في عالم يسهل فيه إثبات الوجود، والإعلامي الذي يعيش في قلب الحدث كما جاء في السؤال المطروح لا يعني أنه مسئولا دائما، أو هو مسئول بالضرورة، فربّما يكون آلة صغيرة في جهاز عملاق، وقد يكون عضوا مؤثرا في مسار التدافع الحضاري إعلاميا، هذا إن كانت لديه أولويات حضارية، ثم يا سيدي أنا متشائم جدّا من مردود الإعلام العربي في الداخل والخارج، اللهم إلا بعض المحاولات التي لا تزال في بداية الطريق، وكلما كان الرغيف هو الذي يتحكم في وحي القلم ويخنق الكلمة، وكلما كان الإعلامي مرتبطا في الغالب بصاحب البلاط، فإن مهمة الإعلام تكون ورطة وشبهة أكثر منها شريفة، ومسكين هو الإعلامي الذي يعجز عن الخروج من دوامة عطاءات السلطةوضروراتها، وهو بتبعيته لن يكون بأي حال من الأحوال صاحب قرار، فما بالك بأن يكون مؤثرا في القرار السياسي والإعلامي، سواء كان عربيا أو غيره، لا يكون عمله مجديا إلا إذا كان منخرطا شعوريا ولاشعوريا وعمليا في مشروع ثقافي، وهذا لا يعني حزبا أو جمعية أو حوزة فكرية، بل هو نسق العلاقات الهادفة والواعية، التي يحافظ عليها ويصقلها ويعزّزها ويستفيد منها لمصلحة البناء العام الذي ينتمي إليه، والذي نسميه عندنا الأمة. إن الهم الذي يعاني منه الإعلامي المهجري ومهما اجتهد لإخفائه هو الغربة، ويبقى هاجس العودة يطاردنا ولا نعود، وهاجس أوضاع الغربة يطاردنا ونصرّ على الاغتراب، مسكين الإعلامي المهاجر، يريد أن يكون طائرا حرّا في سماء الآخرين بعدما ضاقت سماؤه، فاضطرّ إلى البحث على مساحة أخرى بعيدا عن وحل اللعبة السياسية في بلاده.. أمّا التحديات التي تبقى تلازمه كإعلامي مهاجر، فهو تحدّي الإجابة على سؤال كيف أكون مفيدا لوطني، دون أن أخلّ بآداب الضيافة في أرض المهجر التي لن تتحول إلى وطن، ذلك هو السؤال الملح على الإعلامي المهاجر، ولحاملي هم الإصلاح والتغيير والمهاجرين في سبيله، والكفاءات التي تحدثت عنها أصبح محكوما عليها اليوم بالهجرة لأسباب كثيرة اقتصادية اجتماعية وسياسية، وفي الواقع الذي يجعل المهاجر يفضل الغربة هو نفسه الوطن، وأعتقد انه كلما طالت الغربة كلما صار أمر العودة مستحيلا أو صعبا، وضاعت الكفاءات في دوّامة الغربة، وتغيرت المعطيات، وربما صار الوطن وطنا آخر، وربما عجز عن احتضان أبنائه من جديد، واعتقد أن كفّ الحديث عن العودة أسلم لكلّ مهاجر، ومن الأخطاء التي فعلها الجيل الأول، أنه استغرق في الحديث عن العودة فلا عاد ولا عاش، فكان جيلا ميتا حضاريا، لم تحفظ له الذاكرة التاريخية سوى جهد السواعد التي عملت في مشاريع البنى التحتية، وجيل المهاجرين الذين جاؤوا من أجل الخبز، تبقى ذكرياته في الجدران التي بناها والجسور التي علاها والدروب التي عبّدها، فذاكرته مرتبطة فقط بالجماد، وأملنا أن يكون جيل المهاجرين الجدد جيل النخبة والكفاءات، جيلا للآثار الحضارية والتأثيرات الفكرية والثقافية.
أما عن الإعلام العربي في مجمله، فنحن في الجزيرة أعتقد أنها تجاوزت مرحلة المحاولة بقليل، ودخلت مرحلة التأسيس لمدرسة إعلامية جديدة، ولا شك أن تاريخ الإعلام المعاصر سيشهد بذلك، لاسيما وقد أصبحت مرجعا مهنيا، ومؤشرا لمعرفة نبض الرأي العام العربي، والحقيقة أن الجزيرة لم تخلق وعيا جديدا، بل كشفت وعي الناس ووعي التاريخ، الذي غيبته وسائل الإعلام الحكومية، وهمشته لأكثر من نصف قرن، فالجزيرة كشفت واقع الناس، وكشفت الواقع للناس، وأصبحت مدرسة في الإعلام بالنسبة لكثير من الفضائيات، حتى وإن لم تصرّح هذه الفضائيات بذلك، وأصبحت مدرسة في الرأي بالنسبة للسواد الأعظم من المجتمع العربي، فقط لأنها وسيلة إعلامية هادفة وذات مواقف، لعل المرحلة التي سبقت الجزيرة ستوصف بما قبل الجزيرة، مثلما هو الحال في " ما قبل التاريخ " ولكن هذا لا يعني أن الجزيرة بلغت السقف، وأنها أفضل ما يمكن أن يكون، بل هي أفضل ما هو كائن، ولا يزال أمامها الكثير...
------------------------------
ليلى المر / صحفية بوكالة الأنباء word.news.link / أمريكا
لكي يكون الإعلام العربي قوة ضغط في القرار السياسي يتوجب إيجاد الإرادة والنية في عمل جدّي، مثلا لماذا نجحت الجزيرة؟ ولماذا يشاهدها الجميع في كافة الأقطار العربية. لأنها حسب اعتقادي تطرح هموم الناس وتحاور الاختلاف... وقد استطاعت في حرب أفغانستان أن تفتك الأولوية من أبرز القنوات، وأقول هذا ليس من باب الدعاية أو المغازلة لهذه القناة، ولكن هي شهادة واقعية، ففي رأيي أن الإمكانيات المادية العربية متوفرة فقط الإرادة هي الغائبة، على الإعلامي المهجري أن لا ينسى من أين آتى، ويشعر بمسؤولية تجاه الذين تركهم، أما عن سبب اختيار هؤلاء الغربة على البقاء في الوطن فهذا يعود لأسباب كثيرة وأكثرها لا يحتاج للتكرار، منها الاختناق الثقافي والمادي وغياب الحريات، أكثرنا يعرف أن الثروة المادية ليست الهدف الوحيد وراء الاغتراب، فغالبا أنت تعرف وأنت في الغربة أنك لن تجوع ثقافيا ولن تعرى معنويا، وأنت حر في اختيار نمط حياتك كما يحلو لك، وليس كما يملى عليك، ولئن كان الإعلامي المهجري غير قادر على التأثير في الفعل السياسي الداخلي للوطن الأم، لكنه على الأقل قادر على إيصال رأي آخر، ويستطيع التجرؤ على تسمية الأشياء بمسمياتها، ويطرح التساؤلات التي تدفع المواطن إلى البحث عن الخبر اليقين والتحليل الموضوعي، ولا اعتقد أن شعوبنا بالغباء الذي يعتقده البعض لو أعطيت لها الفرصة المادية، فهي لا تتأخر في البحث عن القراءة والعلم والمعرفة، لكنها مكبلة بأثقال تنهكها، ومسؤولية الصحفي المهجري تكمن في نقل وجهات النظر المتعددة، وترجمة واقع الناس، لكي يفهم الغرب واقعا يفسره خطأ على هواه، وأن ينقل بالمقابل إلى القارئ العربي ما هو متعطش إليه من معرفة أو رأي في كل القضايا الهامة، والتحدي الحقيقي هو أن تقول رأيك ووجهة نظرك دون أن تحذف، وهذا يتطلب قول رأيك بصورة ملتوية إيحائية إذا تعلق الأمر بنقد الأنظمة العربية، التي تكتنز ثروة من العقبات والممنوعات، كل ذلك يتمّ مع مراعاة واحترام وجودك في هذا المجتمع الذي اخترت العيش فيه، وبرأيي أن الإعلامي العربي في المهجر وبعيدا عن تغطية الحدث الآني والأحداث المتلاحقة، عليه أن يأخذ بعين الاعتبار هذا الواقع، ويسعى إلى زرع الوعي، والمساهمة في نشر ثقافة العدل والحرية والمساواة، وثقافة حرية التعبير.
-----------------------------------
فيصل جلول / كاتب وصحفي

أعتقد أن أسئلتكم تكتب مشروعيتها من غرابة ظاهرة الإعلام العربي المهاجر، فهذه الظاهرة لا تقارن من ناحية الحجم والتأثير بأية ظاهرة أخرى لدى شعوب غير عربية. ونحن لا نرى مثلا ظاهرة الإعلام الاسباني المهاجر ولا الإعلام الاندنوسي أو الباكستاني أو الهندي المهاجر...ما يعني أن الإعلام العربي المهاجر يجب بالضرورة أن يلعب دورا مفيدا.
ويوحي السؤال ضمنا بهذا الأمر، لأنه يركز على الدور الحقيقي، فكأنه يميز بين دور حقيقي ودور منعدم أو وهمي...وفي تقديري أن الإعلامي المهاجر يلعب الدور المتاح وليس الدور المرتجى، ذلك أن المؤسسات الصحفية المهاجرة تخضع لقوانين البلدان العربية التي توجه إليها، فإن سمحت هذه البلدان بدخول الصحف المهاجرة فهي تدخل بشروط البلدان المعنية، وليس بشروطها هي، ومعنى ذلك أن على الصحيفة أن تتكيّف مع شروط دولة عربية، وهذا التكيّف يحرمها من هامش المبادرة، ويقيّد حريتها في تقديم المواد الإعلامية الحرّة، تماما من كل قيد وشرط تعسّفي. هكذا يتضح للصحفي المهاجر الدور المتاح والمشروط، وهو بنظري الدور الحقيقي الذي يتحدث عنه السؤال، وهذا الدور مع الأسف ليس مناسبا للقراء في بلدان المهجر، فهؤلاء يتصلون بالمعلومات الحرة والمتدفقة في الدول الأوروبية والغربية عموما، ويستغنون بالتالي عن الإعلام المشروط الموجّه للعالم العربي أو قدرة الصحافي المهاجر في توصيف الهموم ونشر الوعي الإعلامي فهي محدودة للغاية، ربما يمكنه أن يلفت الانتباه إلى الجانب المهني المتطور في وسائل الإعلام، وربما يتفوق في الصياغة والمنهجيات، لكنه عاجز عن وصف الهموم بصورة جوهرية وقول الحقائق، وبالتالي نشر الوعي الضروري والمفيد للعالم العربي، واستثني من هذا التقدير الصحافيين الملتزمين، الذين يخوضون معارك الحريات والتعبير التعدّدي في بلدانهم، فهؤلاء لا يعملون في الصحافة العربية المهاجرة، ولا يخضعون بالتالي لشروطها ولا إلى القوانين المكتوبة...
إن التأثير الحقيقي للهجرة البشرية الإعلامية يكاد أن يكون محصورا بمحطات الإذاعة والتلفزة الأجنبية والعربية، وبما أن المحطات الأجنبية تعمل لخدمة سياسات البلدان التي تديرها، فقد ينتج عن دورها تأثير سلبي، لا يخدم مصالح العرب دائما، ويمكن أن تلعب دورا إيجابيا، عندما تكون العلاقات العربية مع هذه البلدان جيدة ونامية. يبقى التركيز على ظاهرة الفضائيات الجديدة، وهنا أرى أن منعطفا كبيرا يلوح أمامنا، فقد رفعت هذه الفضائيات سقف حرية التغبير عاليا، وهي اليوم تفرض على وسائل الإعلام المحلية، التكيف معها وبالتالي تواجه خيارين أحلامها مر، فأما الالتزام بالتعبير الحر، وبالتالي القبول بتغيير جوهري في اللعبة السياسية، وأما الإصرار على الإعلام الموجه الذي يؤدي إلى فقدان السيطرة على الرأي العام المحلي وبالتالي العجز عن التدخل في تشكله وإعادة تشكيله. خلاصة القول أن التأثير الإعلامي الحاسم في الفضائيات العربية الجديدة، التي استطاعت استقطاب أكثر من 80 مليون مشاهد عربي، وهذا رقم هائل لم تتمكن وسائل الإعلام العربية من استقطابه في أية مرحلة من مراحل وجودها. وقد تحدثت من قبل عن بعض الصعوبات وأضيف إليها أسبابا أخرى من نوع حداثة المؤسسات الصحافية وعدم استقرارها التام في المهجر، صعوبة الدخول بحرية إلى القارئ وصعوبة التعرف إلى خصائصه. الضغوط الاقتصادية، الضغوط التي تمارسها الدول العربية على رعاياها إن كانوا من الصحفيين المهاجرين، التشتت بين البلدان الأصلية. الافتقار لمرجعيات مهنية مستقلة، وأطر تنظيمية خاصة بالصحفيين العرب قادرة على الدفاع عنهم في بلدان المهجر.
أما التحديات فهي أكثر أن تحصى، وأظنها تدور حول محور كبير واحد، كيف يمكن للصحافي العربي المهاجر أن يتدخل في صناعة الرأي العام، في عالم عربي لا وزن فيه للسلطة الرابعة، ولا تنظمه وظائف ديمقراطية في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
-----------------------------------
رياض معسعس / صحفي وكاتب / رئيس تحرير سابق لإذاعة مونتكارلو
يتحتم على الإعلامي العربي في المهجر أن يأخذ بمعطيات البلد الذي يعيش فيه ويحترم قوانينه... فإذا أخذنا الحالة الفرنسية فالإعلامي العربي لا شك وأنه يتمتع بجو حرية الصحافة والإعلام، وحرية الرأي والتعبير المضمونة في الدساتير الفرنسية، ولكن هذا لا يعني الحرية المطلقة، فهناك قوانين يجب احترامها، فعلى سبيل المثال لا يمكن للإعلامي ومهما كان انتمائه أن يدعوا إلى العنصرية، أو الحرب أو يفشي أسرار الدولة أو يثير نعرة طائفية. التواصل مع الأوطان الأم سيكون عبر كتابات أو برامج تعكس الوضع الذي يعيش فيه. أو ينقل بأمانة كيف يفكر الرأي العام بقضاياه، لينقل الصورة إلى أبناء وطنه غير منقوصة، كي يطلعوا على حقيقة التفكير الغربي، وكيف يتطور وكيف يمكن التأثير فيه. مخاطبة الغربي بلغته هو الأهم برأيي. فمنطق الأشياء في عالمنا لا يتطابق بالضرورة ومنطق الأشياء في عالمه، وعلينا نحن أن نعرف الطريقة المثلى لمخاطبته والتأثير فيه، وإنه شئنا أم أبينا فالرأي الفاعل في العالم اليوم هو الرأي العام الغربي، الذي يمكنه أن يضغط على حكوماته ويدعوها أن تعدّل من سياستها إذا لزم الأمر، إن التحدث عن الإعلام العربي معضلة في حدّ ذاتها، فلا يمكن التحدث عن الإعلام دون التطرق للنظام السياسي الذي يؤثر فيه مباشرة. فالإعلام العربي حتى هذه اللحظة ما زال إعلاما موجها، ولا يمكن للإعلام أن ينهض إلا إذا تحرر من وصاية النظام السياسي، وانفتح على العالم بنظرة جديدة قوامها الحرية. الكثير من الإعلاميين العرب هجروا أوطانهم بحثا عن أجواء جديدة يتمتعون فيها بالحرية. وعدم المطاردة أو السجن أو القتل. حتى أن الكثير من وسائل الإعلام هجرت أيضا أوطانها هربا من ضغط السلطة عليها.
-----------------------------------
شاكر نوري / كاتب و صحفي
من المعلوم أن الإعلامي لا يستطيع العيش إلا في محيطه وبيئته، ذلك لأن آليات العمل تحتّم عليه خوض غمار معالجة المشكلات التي يعاني منها مجتمعه، ولكن الإعلامي العربي وجد نفسه مقذوفا في محيط ليس محيطه وبيئة ليست بيئته، لذا فإن حركته واستجابته للأحداث تغيرت وعلى الخصوص في مجتمع كالمجتمع الفرنسي في حالتنا، يسعى على الدوام إلى وضعه على الهامش. ومن ثم أن رغبة الإعلامي تزداد في وضع نفسه في الهامش، إيمانا منه بأن الهامش هو قدره لأن توفر جالية عربية مهاجرة بحجم الجالية العربية الموجودة في فرنسا وتعدادها قرابة خمسة ملايين نسمة، هي الأخرى تعاني من اغتراب متزايد، يخيل لي أن الإعلامي العربي في المهجر يعيش في عالم ضبابي، لأنه يعمل من طرف واحد وفي أغلب الأحيان لا يعرف ردود الأفعال الصادرة تجاه عمله. ومن هنا تأتي صعوبة الإعلامي العربي في المهجر تتعدد وتتشعب في مناحي عديدة. تتم هذه العملية لو كان هناك ثمّة اتصال بين هذا الإعلامي وبين الحالية، وربما نتساءل: هل توجد هذه العلاقة؟ بسبب طغيان اللغة الفرنسية ولهذا أسباب تاريخية تعرفها جيدا فإن أعضاء الجالية العربية المهاجرة وعلى الأخص الجيل الثالث منها الذي تربى وتلقى تعليمه هنا، شقة التباعد بينه وبين هذا الإعلامي الذي تتحدث عنه. وما يعوض في هذا الموضوع هو أن الجالية تحتفظ بوعيها العربي والإسلامي على أتم وجه لأن عناصر تكوين ثقافتها قوية للغاية، وهي تستمدّ ذلك من أصالة تاريخها. لذلك فالمقومات التي تستند عليها الجالية العربية هي جزء من قوتها. ولكن مهما قيل، فإن الإعلامي العربي له دور فاعل في هذا التطور.من الواضح جدا أن الكفاءات الإعلامية العربية التي استقرت في أوروبا نتيجة للحرب الأهلية اللبنانية التي أجبرت الكثير من الصحف والمجلات أن تصدر مؤقتا من عواصم كباريس ولندن، بعضها انتقل إلى لبنان والبعض الآخر تركز في لندن لأسباب مهنية وتقنية وضريبية معروفة، إضافة إلى ذلك أن معظم هذه الصحف والمجلات وجدت تمويلها في البلدان الأوروبية، علاوة على بحقها عن متنفس الحرية ولو أنها ظلت حبيسة الأنظمة لأن هذه الأنظمة هي التي تسمح بدخول هذه المطبوعة أو تلك. ومن المعلوم أن هذه الصحف والمجلات استفادت كثيرا من القدرات التقنية المتوفرة في أوروبا إضافة إلى توفير المعلومات الحرة، ممّا يجعلها أكثر جاذبية بالنسبة للقارئ العربي. أما تأثيرها على الفعل السياسي العربي فهو منوط بمدى الامتداد الفكري الذي تمارسه هذه الصحافة وهو على الأكثر محدود الآفاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.