أصدرت الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان ممثّلة في مكتبها بتونس بيانا بخصوص الأحكام المتعلّقة بقضايا شهداء الثورة وجرحاها الصادرة عن الدائرة الجنائية بالمحكمة العسكرية بتونس. في ما يلي نصّ البيان الذي جاء بعنوان "حكم سياسي في القضية الاستئنافية لشهداء الثورة": "أفضى الحكم الاستئنافي في قضية المسؤولين عن قمع ثورة جانفي 2011 إلى تخفيف العقوبات وإطلاق سراح قيادات في نظام بن علي. إن هذا الحكم الصادر عن قضاء عسكري وليس عن المحاكم العدلية مخالف للقواعد الدولية لحماية حقوق الإنسان بما في ذلك تجاهله لسلسلة المسؤولية الجزائية والحق في محاكمة عادلة. أصدرت محكمة الاستئناف العسكرية يوم 12 أفريل 2014 أحكامها في ثلاث قضايا تتعلق بشهداء وجرحى تالة والقصرين وتونس الكبرى وصفاقس وقد خفّضت المحكمة بشكل ملحوظ من العقوبات التي تم إقرارها ابتدائيا ضد مسؤولين سياسيين وأمنيين كبار في نظام بن علي وُجّهت لهم تهم المشاركة في قمع انتفاضة الشعب التونسي بين 17 ديسمبر 2010 و 14 جانفي 2011 ممّأ خلّف أكثر من ثلاثمائة شهيد وآلاف الجرحى. كما عمدت محكمة الاستئناف إلى ضم العقوبات المنطوق بها في القضايا الثلاث بما يجعل تنفيذها منحصرا في العقوبة الأشد. إن التخفيف بالجملة في الأحكام الابتدائية قد أدى إلى إطلاق سراح عدد من المسؤولين الأمنيين الكبار في نظام بن علي ومنهم الجنرال علي السرياطي، جلال بودريقة، عادل الطويري، لطفي الزواري وقضت المحكمة في شأنهم بالسجن مدة ثلاث سنوات (وهي المدة التي قضوها في السجن) كما حكمت على وزير الداخلية السابق رفيق الحاج قاسم بالسجن ثلاث سنوات مما يعني إطلاق سراحه في ماي المقبل. بعد النطق بهذا الحكم، جدّت مشادات أمام محكمة الاستئناف العسكرية بين قوات الأمن وعائلات الضحايا الذين تلقوا الحكم كإهانة لذكرى شهداء الثورة التونسية. نظرا لرمزيتها البالغة، كان من المفروض أن تكون هذه القضايا الأولى نموذجية، في حين تمت إحالتها إلى القضاء العسكري بما يشكل من ناحية ضربا وتجاهلا للمعايير الدولية بل ومن ناحية ثانية، جاءت أحكام هذه الأخيرة لتثير عدم قدرة المحاكم العسكرية على التخلص من التسييس الشديد للملف. إن الأحكام المخفّفة والرحيمة التي صدرت عن محكمة الاستئناف العسكرية في الملفات الثلاثة يوم 12 أفريل 2014 تترجم إنكارا لسلسلة المسؤوليات الجزائية لأصحاب القرار السياسي وتشكل بذلك محل استنكار خاصة وأن عددا من القضايا الأخرى المتعلقة بقمع التحركات في بقية مدن البلاد خلال الثورة سيتم النظر فيها من قبل نفس الهيأة القضائية. إن الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والتي قامت بملاحظة عدة جلسات في قضية تالة والقصرين منذ نوفمبر 2012 تأسف كذلك للوقت الذي اتخذته أطوار القضية مما يعوق توفير شروط المحاكمة العادلة ويضرب الحق في محاكمة في أجل معقول. وتطالب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان محكمة الاستئناف العسكرية إلى الاجتهاد في ضمان حسن سير المحاكمات القادمة لتتم في أجل معقول بما يضمن حقوق الدفاع وحقوق الضحايا في التعويض عن الأضرار اللاحقة بهم.كما تطالب القضاء العسكري بالتطبيق الصارم والوفي لمبادئ القانون الدولي الذي التزمت تونس به وخاصة قواعد مسؤولية من هم أعلى في السلم الهرمي... التذكير بالسياق: في جوان 2012، أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة بالكاف حكمها الابتدائي في حق 22 متهما من أجل العنف البوليسي الوحشي في الفترة الممتدة بين ديسمبر 2010 وجانفي 2011 بمدن القيروان وتاجروين وتالة والقصرين. وقضت المحكمة بإدانة 13 شخصا في حين تراوحت العقوبات بين سنة سجنا والمؤبد (ضد الرئيس السابق بن علي) وبرأت 9 أشخاص. بين نوفمبر 2012 وفيفري 2014 قامت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بملاحظة سير القضية أمام محكمة الاستئناف العسكرية بتونس وذلك بهدف متابعة ما يعرف بقضية تالة والقصرين ومحاكمة المتهمين بقمع التحركات التي قادت إلى إسقاط نظام بن علي. خلال القضية الاستئنافية التي دامت سنة ونصفا وجرت في 14 جلسة أمام أنظار المحكمة الاستئنافية العسكرية، استمعت هذه الأخيرة إلى عدة شهود واستجابت لطلبات كثيرة تقدم بها محامو الدفاع وكذلك المحامون عن القائمين بالحق الشخصي والوكيل العام من أجل مزيد الاستقراء والتحري. في نوفمبر 2012، سجل رئيس المحكمة الحاجة إلى الاستماع إلى وزير العدل آنذاك حول الثغرات والنقائص التي شابت الإجراءات وخاصة منها التأخر الملحوظ في فتح التحقيق الفضائي حول تلك الأعمال الإجرامية. تنشر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان تقريرا عن الملاحظة القضائية التي قامت بها وذلك حلال الأسابيع القادمة."