نشر الفيلسوف والروائي كمال الزغباني اصدارا فايسبوكيا اعتبر فيه أنّ الاختيار في الانتخابات القادمة سيكون بين الطاعون والكوليرا في اشارة إلى حالة الاستقطاب القائم بين النهضة ونداء تونس ولاسيما في ظلّ غياب مشاريع من شأنها تحقيق التغيير الثوري. وفي مايلي النصّ الذي كتبه الزغباني على حائط حسابه الفايسبوكي: "أفهم أن ينافح الكثير، من الأصدقاء ومن غيرهم، عن ضرورة المشاركة في الانتخابات. لكنّي ضدّ هذا الخطاب الحدّي والقيامي والتخويني الذي يبثّونه والذي يختصر في التالي : أنّ "إنقاذ" البلاد من الخطر الإسلاموي بشتّى تنويعاته يمرّ حتما عبر المشاركة في الانتخابات...وأنّ عدم المشاركة فيها هو بالتالي إخلّال بواجب تاريخي، إن لم يكن خيانة أصلا. هذا الخطاب الاختزالي (وإن كانت له بعض وجاهة من الجهة الإيديولوجيّة السالبة) يغفل عن الأساسي : أنّ التأسلم العنيف (و"الإرهاب" أقصى تعبيراته) له أسباب أعمق وأشدّ تعقيدا من أن يكون مجرّد استتباع لرؤية سياسيّة إيديولوجيّة ما...ولا أدلّ على ذلك من كونه وجد قبل حكم الإسلامويّين كما وجد وسيوجد بعده لأنّه نتاج منظومة اقتصاديّة-اجتماعيّة-تعليميّة-ثقافيّة مركّبة الأبعاد...أمّا الاخطر في هذا الخطاب (رغم حسن نوايا أصحابه غالبا) فهو طغيان طابع ردّ الفعل، وليس الفعل عليه، فهو يتحرّك دوما من موقع : "لننتخب حتّى لا تفوز النهضة"...طيّب، انتخبنا ولم تفز النهضة، هل سيحلّ ذلك المشاكل العميقة التي بفعلها وجد خطاب النهضة قبولا وإقبالا؟ هل سيقضي حقّا على الإرهاب؟ أين مشروعكم الموجب الذي يختلف جذريّا (في الجوهري وليس في الشكلي) عن مشروع الإسلامويّين؟ ثمّ هل إنّ المتقدّمين إلى هذه الانتخابات في مواجهة النهضة ، وهم أساسا ممثّلو "السيستام" الأمني-السياسي-الاجتماعي الذي لم يتمّ أصلا تقويضه، وأتباعهم من حمقى الإيديولوجيا (الليبرالويّة كما اليسراويّة) السالبة، قادرون حقّا (بفعل تركيبتهم ونظام مصالحهم وارتباطاتهم الداخليّة والخارجيّة) على استعادة دفق الحراك الثوري الموجب الذي تمّ الانقلاب عليه ذات 14 جانفي 2011؟...وأخيرا ألا يبدو الأمر هنا وكأنّنا إزاء ضرورة الاختيار بين الطاعون والكوليرا كما يقول الفرنجة...بين البقلة والبوسخسوخ كما تقول حكمة الدارجة العميقة؟؟؟؟؟؟."