رفض الإفراج عن وليد جلاد    تدعيم التعاون، أبرز محاور زيارة نائب وزير الخارجية الياباني الى تونس يومي 4 و5 ماي الحالي    الغاء اضراب أعوان الشركة الجهوية لنقل المسافرين ببنزرت    الرّابطة الثانية: الدُفعa الثانية من الجّولة العاشرة اياب: جندوبة والشبيبة يحافظان على الصدارة باقتدار    المندوبة الجهوية للتربية ببنزرت.. هدى الشقير في حوار حصري ل«الشروق».. وفرنا كل الظروف لإنجاح اختبارات البكالوريا التجريبية    قرمبالية .. «تراثنا النير مستقبلنا» تظاهرة لتثمين المنطقة الأثرية «عين طبرنق»    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    وفاة 57 طفلا والمأساة متواصلة ... غزّة تموت جوعا    اليوم البرلمان ينظر في اتفاقية قرض    وزارة الصحة: نحو نظام جديد لتحسين الخدمات الصحية في المستشفيات العمومية    في دراسة لمجلس الصحافة: انخفاض معدل الثقة في وسائل الإعلام بسبب "الكرونيكورات".. و"فايسبوك" في صدارة الميديا الجديدة    أفريل 2025.. تراجع نسبة التضخم إلى مستوى 5،6 بالمائة    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    عاجل/ إعلام إسرائيلي: تم تدمير ميناء الحديدة في اليمن بالكامل    قابس: مستثمرون من عدّة دول عربية يشاركون من 07 الى 09 ماي الجاري في الملتقى العربي للاستثمار السياحي والاقتصادي بقابس    الهيئة المديرة لمهرجان سيكا جاز : تاكيد النجاح و مواصلة الدرب    بطولة الرابطة الأولى: برنامج الجولة الأخيرة لموسم 2024-2025    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: ايقاف مباراة الملعب القابسي ومستقبل القصرين    زغوان: رفع 148 مخالفة اقتصادية وحجز أكثر من 22 طنّا من السكر المدعم    الجمعية التونسية للزراعة المستدامة: عرض الفيلم الوثائقي "الفسقيات: قصة صمود" الإثنين    ثلاث جوائز لتونس في اختتام الدورة 15 لمهرجان مالمو للسينما العربية    انخفاض أسعار البطاطا في نابل بفعل وفرة الإنتاج والتوريد    عاجل/ بلاغ هام من الجامعة التونسية لكرة القدم    قضية قتل المحامية منجية المناعي وحرقها: إدراج ابنها بالتفتيش    أريانة: سرقة من داخل سيارة تنتهي بإيقاف المتهم واسترجاع المسروق    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    عاجل - سيدي حسين: الإطاحة بمطلوبين خطيرين وحجز مخدرات    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق واصابة مرافقه    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    السجن لطفل شارك في جريمة قتل..وهذه التفاصيل..    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    احتلال وتهجير.. خطة الاحتلال الجديدة لتوسيع حرب غزة    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين:توافد عدد كبير من الزوار على معرض الكتاب...لكن    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    رفع اكثر من 36 الف مخالفة اقتصادية الى أواخر افريل 2025    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هشام جعيط: التخوّف من الحركات الاسلامية مبالغ فيه
نشر في حقائق أون لاين يوم 18 - 08 - 2014

اعتبر المفكر والمؤرخ التونسي هشام جعيط في حوار أجرته معه صحيفة القدس العربي أنّ التخوف الكبير من الحركات الاسلامية مبالغ فيها منتقدا ما أسماه ارتعاد الاعلام والساسة في تونس من الجهاديين والحال أنّهم في حالة ضعف وفق رأيه.
وشدّد في حواره على أنّه لا يمكن القضاء على الارهاب بشكل كلّي،مبرزا أنّ هذه الظاهرة تتطلّب حلاّ عسكريا بدرجة أولى من خلال تقوية الجيش.
وحول موجة الربيع العربي،أقرّ بأنّها قد أخفقت اليوم، لكنّ ذلك لا يعني أنها لن تنجح في المستقبل فقد زرعت بذورا بعد أن أطاحت بالديكتاتوريات وهو طور ضروري وسيأتي طور ثان يخلق تطاحنات وأمورا من هذا القبيل حسب تعبير جعيط. وبخصوص الشأن التونسي، قال إنّ الثورة في تونس ليست استثناء لكن التونسيين بطبيعتهم لا يميلون الى العنف مشيرا إلى أنّ العالم الإسلامي يعيش حاليا على وقع مخاض تاريخي طبيعي ويعرف زلزالا داخليا قويا الأمر الذي يؤكد وجود أزمة في الأنفس والواقع الاجتماعي.
وفي ما يلي نصّ الحوار كاملا:
كيف تفسرون تصاعد نفوذ الحركات الإسلامية الجهادية في المنطقة؟
• في البداية لا بد من التطرق إلى تاريخ نشأة الحركات الإسلامية. فهذه الحركات الإسلاموية في العالم العربي والتي صارت اليوم متكاثرة وأخذت منهج عنف كبير، كانت موجودة منذ السبعينيات. ولو أردنا تصفح التاريخ سنجد أن جذور هذه الحركات تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. حركة الإخوان المسلمين مثلا تكونت سنة 1928 كحركة إصلاحية لتعبئة الناس، ثم تطورت، وأتت لاحقا الثورة الايرانية – ولو أن لها مسحة شيعية – وأثرت على الحركات الإسلامية في كل العالم الاسلامي. لا يجب أن ننسى أن بناء الجمهورية الإسلامية تم في بلد غير عربي وهو ايران.. وحركة طالبان نشأت في بلد غير عربي، وحتى الاسلاميون قبل طالبان الذين «جاهدوا» ضد الاتحاد السوفييتي هم إسلاميون أيضا و»جاهدوا» باسم الإسلام في بلد غير عربي هو افغانستان. ووجدت حركات إسلامية فيما بعد في اندونيسيا، لعلها ضعفت الآن. بحيث أن الحركات المسلحة والمسيسة باسم الإسلام وجدت في الرقعة الإسلامية وليس في البلاد العربية التي كانت الفكرة القومية الوحدوية هي المسيطرة فيها خصوصا لدى المثقفين. فالفكرة الإسلامية المسيسة قويت واقتحمت الرقعة العربية في الثمانينيات وقد لعبت العناصر من أصل عربي العائدة من أفغانستان دورا كبيرا في ترويج الفكر الإسلامي. وفي تونس، فكر الإسلام السياسي، موجود منذ أوائل السبعينيات ولكنه قوي بعد الثورة الإسلامية في إيران التي أخذت تلعب دورا بارزا في الثمانينيات. وكذلك في الجزائر حيث قامت «ثورة حقيقية» من قبل الإسلاميين ضد الدولة الجزائرية لترسيخ الدولة الإسلامية وكانت حصيلتها حربا أهلية دامت عشر سنوات. ورغم أن التيارات الإسلاموية الراديكالية هي المسيطرة لكن هناك تيارات إسلاموية معتدلة لكن ليست هي الأقوى.
وأين توجد هذه التيارات بالتحديد؟
• توجد في المغرب وفي الجزائر، وهي ضعيفة وتتعامل مع السلطة، وموجودة أيضا في تونس مع حركة النهضة، كما أن حركة الإخوان المسلمين في مصر يمكن تصنيفها حركة سياسية معترف بها زمن مبارك، إلى حد ما واليوم تغير الوضع.
هل برأيك لحركة النهضة في تونس علاقة ما بالتنظيمات التكفيرية مثلما يتم الترويج له؟
• لا. لكن بعض هذه الحركات مثل حركة «أبو عياض» السلفية (تنظيم أنصار الشريعة) كانت لها علاقة مع النهضة إنما ليست قوية. النهضة مسيسة أكثر وليست بحركة جهادية خصوصا بعد الثورة.
الآن بعد الحرب ضد أفغانستان وما حصل في العراق من إسقاط لنظام صدام حسين وبعض فترة الربيع العربي، يمكن القول بأن الحركات الجهادية قويت في كل مكان حتى في أوروبا وتغلغلت في صفوف الشباب وعديد الشرائح وصارت حركات مسلحة…الحركات الجهادية ازدادت قوة بعد ما سمي بالربيع العربي أي الثورات التي أسقطت النظم الديكتاتورية التي كانت نظما متشددة على الحركات الاسلامية حفاظا على ذاتها وعلى وجودها.
إضافة إلى موجة «الربيع العربي» التي ذكرتها، ماهي الأسباب الأخرى لتصاعد خطر هذه الحركات الجهادية؟
• ثمة أسباب عميقة قديمة ومن بينها أن قسما من المسلمين أو العرب صاروا يعتبرون أن اللجوء الى الإسلام المتشدد هو الوسيلة الوحيدة لإيقاظ العالم الإسلامي ولتوحيده من جديد، ومن هنا انطلقت فكرة الخلافة. فهذه الحركات تسعى إلى تكوين قوة عالمية تضاهي القوة الغربية وهي أيضا حركات مضادة للغرب لأسباب متعددة منها الاستعمار القديم، مشكلة فلسطين، هيمنة العالم الغربي على الانظمة العربية وعلى المجتمعات العربية الإسلامية، وتوغل الأفكار الغربية.. هناك نوع من الرجوع إلى الاصول لهذا سميت بالحركات الاصولية.
كما أنه وعلى الرغم من دخول البلدان الإسلامية في الحداثة بقيت جماهيرها متشددة أو بالأحرى متمسكة بالفهم المنغلق للدين. فبعد خروج الإستعمار القديم من البلدان العربية والإسلامية منذ منتصف القرن العشرين لم تتغلغل الأفكار التحديثية كثيرا في البلدان العربية والإسلامية، وبقي المستوى الثقافي متدنيا لأننا عانينا قرونا من الابتعاد عما كل ما يجري في العالم. لم تنهض الدول العربية بكفاية وهذا له أسباب تاريخية تعود إلى القرن السابع عشر حين كان العالم الإسلامي في حالة ضعف.
كما أن هناك بلدانا مثل السعودية، ورغم أن أنظمتها تقاوم التيارات الجهادية خوفا من أن تطيح بها، إلا أنها اعتمدت في البدء على الإسلام باعتباره القوة الأساسية القادرة على النهوض بهذا العالم. كما أن عالمنا يشهد اتساعا كبيرا لرقعة الفقر لدى عديد الشرائح وهذه البيئة المهمشة تسمح أكثر بإنضمام الشباب للتيارات الجهادية.
ماهي الأسباب التي تجعل القاعدة وداعش وأخواتها تستقطب العديد من الشباب؟ وهل في اعتقادكم أن هذه الحركات الجهادية يمكن أن تعزز نفوذها في المنطقة مستقبلا بسبب الوضع الأمني المتردي؟
• هناك تخوف كبير من الحركات الإسلامية مبالغ فيه نوعا ما. العالم الإسلامي في مخاض تاريخي طبيعي يعرف زلزالا داخليا قويا، هناك أزمة قوية في الأنفس والواقع الاجتماعي، والعالم الإسلامي منشطر وقسم منه متغرب، وهناك قلة تمتلك زمام السلطة العلمية والفكرية والاقتصادية. لو نظرنا إلى التطور التاريخي في العالم سنرى أن هناك فترات، بالخصوص في العصر الحديث -تطرقت إليها في كتبي- تقع فيها أزمات قوية جدا، على غرار ما حصل في فرنسا في أواخر القرن الثامن عشر من ثورات وحروب دامت في أوروبا لأكثر من عشرين سنة. فالثورة الفرنسية لم تتوقف وبقيت قائمة في هذا البلد إلى حدود أواخر القرن التاسع عشر، وجدت باستمرار ثورات أطاحت بالملوك طوال القرن التاسع عشر، وعند وقوع الحرب العالمية الأولى سنة 1914 لم تكن هناك جمهوريات في أوروبا المتقدمة صناعيا وعلميا باستثناء فرنسا. كانت الملوكيات قائمة الذات وحرب 1914 كانت مجزرة أطاحت بأوروبا كمركز للعالم، القارة العجوز تفجرت بعد حرب 1914 وتمت الإطاحة بالامبراطوريات. وما يحصل اليوم في العالم العربي و الإسلامي هو نوع من الاضطراب القوي لم تقم به الدول وإنما قامت به المجتمعات وعناصر باسم الإسلام وجدت في الدين شيئا يمكن الارتكاز عليه لذلك هي تستقطب الشباب.
قلت أنه لا يجب الخوف من الحركات الإسلامية الجهادية فكيف ذلك؟
• في تونس مثلا أرى أن الإعلام والساسة يرتعدون أمام هذه الحركات رغم أنها ضعيفة..
لكن خطرها لم يكن قائما في عهد بن علي؟
• لأن بن علي كان يقمعها قمعا شديدا وقمع كل الناس معها. وفي الجزائر حصل أيضا قمع شديد لكن القوى الإسلامية كانت قوية.
هل تتوقعون أن ينجح ما يسمى «داعش» أو الدولة الإسلامية في التمدد في لبنان وسوريا ومناطق أخرى؟
• داعش معطى جديد..المئات في سوريا يريدون الجهاد..فالشباب في العالم العربي وحتى في إفريقيا يائس ومخترق من قبل صور خلابة من الغرب ويعتقد أن الغرب هو الجنة. هناك من يختار الهجرة إلى هذا الغرب، وقد مات الكثير من الشباب في المتوسط، وهناك من يختار الجهاد والحرب على الغرب. من ناحية أخرى، العالم العربي والإسلامي ضعيف ثقافيا، ولم تصل الحضارة إلى المجتمعات الإسلامية بالمعنى المادي والمعنوي إلا ابتداء من 1900، فالعقول فارغة والنخب لا تفكر إلا في العمل السياسي. أذكر وأنا في السادسة عشرة من عمري في عام 1950 كانت أحاديث العامة وحتى المثقفين تتركز على الطبقة الحاكمة وعائلة بورقيبة. هناك تراكم للفراغ الفكري وهؤلاء الإسلاميون الجهاديون ليست لديهم أي معرفة بالدين ولا بروحه.
حينما نتكلم عن الحركات الإسلامية الجهادية يجب أن نذكر أن العالم أصبح مرتبطا بقوة لم توجد أبدا في السابق، إذ تأتي الأسلحة من كل جانب.. هناك أوروبيون يجاهدون في سوريا، العولمة ليست مسألة مالية واقتصادية فقط، بل هي حالة عامة توحد العالم. وهذا ما يفسر انتشار السلاح والأفكار المتطرفة بقوة.
هل تقترحون استراتيجية فكرية وثقافية للقضاء على الإرهاب أو وقف تمدده؟
• لا..هذا الأمر غير ممكن لأنه يتطلب مشروعا ثقافيا لا بد له من أن يمتد على كامل التراب الإسلامي والعربي ويأخذ وقتا طويلا حوالي نصف قرن.. لا يمكن بين عشية وضحاها أن يغير المد الثقافي الواقع الموجود. وأخشى ما أخشاه أن تتمكن هذه القوى المتطرفة من السيطرة على الأمور لأنها تتمدد.
إذن ما السبيل للقضاء على الإرهاب؟
• لا يمكن القضاء عليه بشكل كلي، وفيما يخص تونس أعتقد ان الحل عسكري بالدرجة الأولى فلا بد من تقوية الجيش. الإرهابيون في تونس هم تونسيون وهناك بعض الجزائريين وخطرهم يكمن في الحدود فقط.
لكن هناك خشية من أن ينتقلوا الى الداخل؟
• بالامكانات المتوفرة في تونس ليس هناك خطر على البلد.
لكن هناك خشية لدى البعض من أن تتحول ليبيا إلى وكر للإرهاب يمكن أن يمتد إلى دول الجوار؟
• في ليبيا هناك مليشيات تقاتل بعضها البعض وليس لها مصالح في تونس. لذلك لا خوف من نقل العنف إلى بلادنا.
البعض يعتبر أن هناك جهات أجنبية تقف وراء صعود هذه التنظيمات لإحداث فوضى خلاقة تؤدي إلى مزيد من التقسيم، ما رأيكم في هذا «الطرح»؟
• لا اعتقد ذلك.. فهناك مركب اضطهاد لدى البعض مفاده أن أمريكا تسير الأمور وهذا يعود إلى نقص في فهم السياسة الخارجية الامريكية.
صحيح أن العالم الغربي منصرف تماما إلى مساندة اسرائيل أكثر فأكثر ولكن فيما يخص الولايات المتحدة فقد تبين أن جهازها التنفيذي له دبلوماسية ضعيفة ومتململة ولم يكن قادرا على أي شيء في خصوص إسرائيل. ما لم يفهمه العرب والمسلمون أن العالم الغربي متجه إلى الإنحطاط.
كيف ذلك؟
• أوروبا اليوم غير قادرة على بلورة سياسة خارجية، غير قادرة على التأثير في تسيير أمورها. غير قادرة على التحرر من البنوك الأمريكية. الأزمة الاقتصادية سنة 2008 كشفت إلى أي حد باتت معه البنوك الاوروبية تابعة تماما لأمريكا، ولم يحصل هذا مع الصين وروسيا. عندما ذهب الفرنسيون بقيادة ساركوزي ومعهم بعض الإيطاليين والبريطانيين إلى ليبيا وقاموا بما قاموا به لم يكونوا قادرين على التغلب على القذافي لولا الأمريكان. بالطبع الإنحطاط لا يحدث بين عشية وضحاها إنما هو طويل الأمد، لكن من الواضح أن أوروبا الآن في حالة ضعف شديد ليس فقط من الناحية الدبلوماسية لكن أيضا من الناحية الاقتصادية.
إن ما حصل في اوكرانيا يقيم الدليل على وهن أوروبا، كما أظهرت واشنطن ضعفا أمام الارادة الروسية في تلك البقعة. كما أن روسيا انتصرت على أمريكا فيما يتعلق بالملف السوري.
كثيرون يعتبرون أن دعم روسيا لنظام الأسد يتعلق بمصالحها في المنطقة لكن المسألة أبعد من ذلك بكثير. روسيا اليوم في حالة نهوض من جديد، وعندما سقط الاتحاد السوفييتي عوض أن يشجعه الغربيون والأمريكان على النهوض أرادوا تدمير روسيا وتحويلها الى بلد متخلف. لكن هذا الأمر لم يكن ليقبل به أبناء هذا البلد قادة وشعوبا لأن روسيا تمتلك حضارة عظيمة، وعادت مع بوتين إلى سالف عهدها.
لقد تعرض بوتين للغدر من الغربيين في خصوص ليبيا، لذلك فان روسيا التي تريد أن تسترجع نفسها كقوة عالمية، أرادت أن تعوض ما خسرته في ليبيا وفي سوريا، وعدم استشارتها في الملف الاوكراني سيزيد من شراستها في الملف السوري. يجب ان يعي الغربيون ان روسيا في حالة صعود ولديها امكانيات كبيرة.
في رأيكم لماذا أخفقت الثورات في سوريا واليمن وليبيا؟
• أخفقت اليوم، لكن ذلك لا يعني أنها لن تنجح في المستقبل. لقد زرعت بذورا للمستقبل.
رغم الحروب الأهلية وكل هذا الدمار هل هناك أمل في نجاح «الربيع العربي»؟
• من الصعب ان نتوقع ما سيحصل في المستقبل في سوريا والعراق. لكن رغم ذلك لا أعتقد أن داعش ستنجح في العراق، ولن تصل إلى تشكيل دولة تضم البلدين.
في رأيكم هل الثورة التونسية تشكل استثناء؟ وهل هناك «ربيع عربي» حقيقي؟
• نعم هناك ربيع عربي، أسميها ثورات أطاحت بالديكتاتوريات وهو طور ضروري وسيأتي طور ثان يخلق تطاحنات وأمورا من هذا القبيل. الثورة في تونس ليست استثناء لكن التونسيين بطبيعتهم لا يميلون الى العنف. لقد شهدت تونس «حربا أهلية كلامية» بين اليسار والنهضة، بين الحداثيين والنهضة خوفا على نمط الحياة، ورغم الصراع الذي جرى في تونس تمكن ساسة هذا البلد من إصدار دستور توافقي ممتاز. ويبدو أن الترويكا، أو الثالوث «المكروه» قد تدربت على الحكم.
كيف ترون المشهد الثقافي والفكري اليوم وما هو دور المثقف في إحداث نهضة فكرية في خضم الأحداث التي تشهدها المنطقة؟
• ليس لدينا مثقف بمعنى المفكر الحقيقي. وفي تونس صحيح أن لدينا ثقافة عامة لكن حتى الاكاديميون لديهم عقلية الموظف. لكن انفتاح التونسيين على الخارج وامتلاك هؤلاء الأكاديميين لقدر معين من العلم جعلهم لا يستسيغون سياسة بن علي الغبية، كما وقع ارتفاع في مستوى الوعي من قبل جمهور واسع من التونسيين وهذا طور ضروري لتطور البلاد.
الذين قاموا بالثورة في تونس هم أناس غضبوا من سبل العيش في ظل ديكتاتورية غبية، أما الساسة الذين حكموا فيما بعد، على غرار المرزوقي وحركة النهضة، فإنهم لم يشاركوا في الثورة، ومن الواضح أن كل طرف من هؤلاء حاول المجيء بإيديولوجيته، على غرار حركة النهضة التي أرادت فرضها لكنها فشلت وأدركت أنه يستحيل عليها القيام بذلك.
إلى أين تسير الأمور في مصر؟
• السيسي يسير على نموذج بينوشيه، فهو يريد السلطة لا أكثر ولا أقل، وانتخاب المصريين للإخوان المسلمين في البداية يعد أيضا خطأ وقلة إدراك.
هل تعتقد أن الإخوان في مصر يحصدون اليوم نتيجة فشلهم في الحكم؟
• هم حكموا مدة قصيرة جدا، لكن لم يقع تغيير مثلما يريد الشعب. هم أصلا لم يشاركوا في الثورة المصرية.
في اعتقادكم هل ما تزال الشعوب العربية ملتزمة بقضيتها الأم..فلسطين؟
• على الاطلاق..لم تعد الشعوب العربية مهتمة بالقضية الأم. وعلى الفلسطينيين أن يحلوا أمورهم بمفردهم. في غزة هم شبه أموات واليوم هناك كارثة إنسانية، وأعتقد، شخصيا أن ما قامت به حماس في عملها المقاوم هو أمر جيد.
هل هناك معادلة جديدة في الأفق؟
• لا لم يتغير شيء والمعادلة ستبقى على حالها إلا إذا قام الفلسطينيون كلهم وليس فقط غزة، بحرب حقيقية. حتى الآن لم تقم حرب حقيقية، ربما بسبب نقص السلاح لأن الشعوب العربية لم تساعدهم. على الشعب الفلسطيني أن يخوض حربا حقيقية ويصيب عدوه بالخوف ويقتل الكثير من عناصره لكي تتغير المعادلة.
لو تحدثنا عن آخر انجازاتكم الفكرية وهل أثر تفرغكم لإدارة بيت الحكمة على إنتاجكم؟
• أنا أحلم برفع المستوى الفكري والثقافي والعلمي على المدى الطويل من خلال بيت الحكمة. لكن عملي في هذا الصرح العلمي أثّر على مستوى إنتاجي الفكري، لقد كنت أشتهي كتابة منتوج فلسفي فكري لكن لم يسمح لي الوقت بذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.