عادت بعض المصادر الإعلامية في الأيام الأخيرة إلى تشغيل اسطوانة استقالة الجبالي أو انسحابه من الأمانة العامة لحركة النهضة،وتكريرها والنفخ فيها،وتسويقها في إطار تحليلات وتخمينات وتوقعات، تُخفي أمنية لدى البعض لم ولن تتحقق في حصول انشقاق في كبرى الحركات السياسية التونسية. ورغم عدم وجود معلومة صحيحة ورغم نفي الرجل سابقا ما تردد عن فكرة حزب جديد، ورغم تصريحه في أكثر من مناسبة بأنه حريص على وحدة النهضة وسلامة المسار الديمقراطي، ورغم تأكيد قيادات النهضة على أن الجبالي باق كأمين عام وكشخصية وطنية من طراز رفيع، تعيد الكثير من الأبواق الحديث المتزامن، وفي تنسيق عجيب، في أكثر من منبر إعلامي عن إمكانيات وعن تمنيات لا وجود ولا حقيقة لها عن توجه لإقصاء الرجل أو لوجود خلافات عميقة بين "المدرسة الغنوشية" و"المدرسة الجبالية" في سعي واضح لتحقيق ما تتمناه خيالات البعض المريضة من حدوث انشقاق كبير في النهضة يفتح أمامهم الأبواب الموصدة. من المؤكد أن فكرة حكومة الكفاءات كانت مرفوضة من النهضويين وإن كانت لها فوائد جمة في تلك اللحظة التاريخية، ولكنها فكرة ومرحلة طُويت، خرج منها الجبالي كرجل دولة وكشخصية وطنية جامعة، وخرجت منها النهضة أقوى رغم الحملات والمؤامرات المتتالية. ربما لم يتعود أصحاب التحليلات والتوقعات أن يتخلى رجل سياسة عن منصبه ليعود جنديا إلى حركته ولكنها سمة وميزة نهضوية، ربما تستحق أن تدرس في العلوم السياسية، وربما لم يتوقع بعضهم أن يرشح الجبالي نفسه علي العريض لمنصب رئيس الحكومة ويدعمه ويحرص على نجاحه، لأن المشروع واحد، ولأن النجاح هو نجاح لتونس وليس لأشخاص. ربما مازال البعض يتمنى ويعزف غير يائس من حصول انشقاق وانفجار في النهضة، فهذه الوحدة والصلابة كانت عصية على فهمهم وأكبر من إدراكهم. ربما وربما ..وربما ولكن الجبالي باق وسيكون أمينا عاما لحركة النهضة، فهل اكتفيتم؟ النهضة كحركة وكمشروع هي حركة شورية ديمقراطية فيها الكثير من الآراء والاجتهادات، حركة لا تقوم على الشخصنة ولا على الأجنحة كما يتصوّر البعض ولكنها حركة تحمل مشروعا وطنيا جامعا ومشروعا إسلاميا تحرريا وهذا ما لم يفهمه البعض. ________________________________________________________________ **محمد الفوراتي: رئيس تحرير جريدة الفجر الناطقة باسم حركة النهضة وعضو مجلس الشورى بنفس الحركة.