الى أحرار تونس بعد ما عانيناه في الفترة الاخيرة من اضطهاد وظلم وحرقة على ابنائنا ممن مات في مخافر الشرطة جراء التعذيب او ممن وقع اغتيالهم ، وبعد حوادث الاغتصاب والرش والاعتداء على الحريات العامة والفردية في حق كل فئات شعبنا الجريح ومع ما سجلناه من صراعات بين الزعامات ومن خيانات لمالب الفئات المعدمة وبعد ما انكشف من عورات النخب السياسية لا يسعني الا ان اكتب هذا. النداء لأحرار وحرائر بلدي بالدمع او حتى بالدم لا بد لنا الآن بالذات ، ان نكتب التفاؤل لنقهر عشاق الظلام اعداء الحياة. اللحظة صعبة وحرجة نعم لكننا قادرون على نحتها ،الفعل مضن ومكلف لكننا قادرون عليه ، قادرون على بث الفرح بين طيات الحزن ، على الحلم الجميل رغم الكوابيس ، على افتكاك الابتسامة نعيشها بعمق رغم الالم ،قادرون على الرقص احتفالا رغم العتمة ، قادرون على الحب رغم والاستياء على السخرية من القمع وتحديه مهما قسا ، قادرون على رفع اصوات الرفض يخترق صداها القحط ويدق قلوب الاحياء ..ان حرمونا اللقمة فذرة من تراب تونس تغذينا، وان جردونا ملابسنا فسماء تونس من البرد ومن الحر تحمينا، وان شردونا من منازلنا ففضاء تونس يحتوينا ، وان سممونا فعبير الخضراء ينعشنا ،وان عذبونا فتربة تونس تعالجنا ،وان قتلونا فتاريخ ها البلد يخلدنا .. وان أرادوا اخضاعنا فلا ولن يستطيعوا . نحن عشاق هذا الوطن قد نجوع ولكننا لن نخضع ولن نستكين . نعم بإمكانهم منعنا حتى من احتساء القهوة في المكان الذي قد نريد لكنهم لن يمنعونا من تلذذ رائحة البن ، بإمكانهم ان يمنعونا من السير حتى فرادى في الشوارع التي نحب لكنهم لن يجعلون نسير منحني الرؤوس. ان سجنونا فالسجن لن يزيدنا إلا تمسكا بالمبادئ ، وان قمعونا فالقمع لن يزيدنا إلا تمسكا بالحقوق ، الكبت لن يزيدنا إلا ايمانا الحرية ، الظلم لن يزيدنا إلا عشقا للعدالة، المحاكمات الجائرة لن تحول دوننا وأهدافنا ، الايقافات اليومية لن تردنا دون تحقيق مطالبنا في العدل والمساواة والحرية . حبنا للحياة للحرية للجمال للعدالة ..لهذا الوطن اقوى من جميع اسلحتهم غرف السجن الضيقة المكتظة بالمظلومين ارحب لنا من قصورهم ، رغيفنا الجاف وان خضبوه بالدم الذ من افخر الاكلات على موائدهم، وردة ترسمها اياد طفل على الرمل لهوا من اجمل من كل ازهار حدائقهم المصطنعة ، حضن الارض ادفء من اغطية الفرو في اسرتهم ، شمعة واحدة نشعلها احتفالا بيوم من ايام جانفي الشعبية المجيدة تضيء دربنا وتهدينا السبيل اكثر من اعراسهم الجماعية المقرفة ، شعار واحد نردده نداء بالحرية يؤثث تاريخنا اكثر من خطبهم الجوفاء ، كلمة صدق واحدة نعلنها ولو مرة في حياتنا تمحي شعارات زائفة رددوها سنينا .. تعالوا يا احرار هذا الوطن نسبر اغوار التاريخ لنرى ماذا بقي من ملامح العهود البائدة على خارطة هذا الوطن اكثر من صور الشهداء (من علي بن غذاهم.. الى محمد البوعزيزي )وماذا سيرتسم في اذهان ابنائنا عن هذا العهد غير اسماء عبد الرؤوف الخماسي ونزار السماتي ومحمد العبيدي وشكري بالعيد ومحمد البراهمي ومن سيلتحق بركبهم من شهداء ما بعد الثورة و صوت فتاة يخترق جدران مخافر الشرطة ينوه بالاغتصاب ولافتات رفعتها ايادي نساء وأطفال تنحت مطالب شعب مفقر ينادي بالكرامة الوطنية وشهادات حية على تعذيب اجساد مجوعة يبدأ الجلاد في ممارسته بالبسملة وذكريات الاعتصامات والاحتجاجات وإضرابات الجوع التي خاضتها اجساد منهكة فخرجت منها اكثر صمودا .. ان تاريخهم الاسود لا يمكن إلا ان يدفن بين طيات صفحات جرائدهم الصفراء اما شموع المهمشين فستضل تنير دروب الاجيال نحو الحرية والعزة والكرامة ، ان انجازاتهم التي يمدحونها اليوم لن تعمر طويلا اما طموحاتنا فستتحقق يوما على ارض الواقع وستتمتع بها الانسانية جمعاء . ماذا بقي من عنجهية الفراعنة سوى ملامح اساطير تزداد اضمحلالا كلما تجاوز الفكر البشري مرحلة اخرى من محاولاته لفهم الكون ، لقد ولى عهد الاساطير وتاليه الاشخاص والسلالات فهل يمكن لنا الان ان نذكر عهد العبودية دون التأكيد على اهمية ثورة العبيد في تبديد استبداد المستبدين والسير بالإنسانية نحو اكتساب هامش مهم من الحقوق والحريات في مرحلة جديدة من تاريخ البشرية هي فترة القنانة التي بددها حفل احراق عقود التبعية لكسب انسان الحداثة مزيدا من الحقوق مع اضمحلال صكوك الغفران وانتشار ثقافة المواطنة .. سلوا التاريخ هل استطاع طاغية مهما طغى وتجبر او مستبد مهما استبد ان يغير صيرورة التاريخ ليجعله يعود على اعقابه ام هو جهلهم بسنة التاريخ وبما تفترضه من تطور لا امكانية فيه للعودة الى الوراء هو ما يدفعهم لممارسة الظلم والطغيان ؟ فلنقل لهم اذا وبصوت واحد لقد انتهى عهد وراثة النبل والجاه والمكانة والسلطة فاتعضوا يا عشاق الظلام والاستبداد ان كانت لا زالت لكم بقيا الباب ودعوا الشعوب تأخذ نصيبها من الحياة والحب والحرية والعدالة قبل ان تجرفكم سيولنا نحن حاويات قمامة التاريخ كما فعلت بالذين طغوا من قبلكم .. وان غدا لناظره لقريب.