تتعدد التحديات الاقتصادية والاجتماعية أمام الحكومة الجديدة .وبعد أن وجّه إليها النقابيون خارطة طريق لمائة يوم تمس تسوية وضعيات رجال الأعمال مع الالتزام بالاتفاقات المبرمة سابقا وتهيئة مناخ الاستثمار، تتعالى أصوات رجال الأعمال والمهنيين في القطاعات الصناعية والفلاحية والسياحية لتوجيه رسائل عاجلة إلى رئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد. عايش رجل السياحة والنائب في مجلس نواب الشعب عن دائرة توزر عبد الرزاق شريّط مناخ الاستثمار والأعمال منذ عقود ورؤيته ثاقبة في خصوص الخروج بالمشهد الاقتصادي والسياحي خاصة من الضبابية .و في هذا الحوار يقدم مقترحات عملية للخروج من عنق الزجاجة والحال أن أكثر من 200 نزل على حافة الإفلاس وهي مغلقة و25 منها في الجنوب حيث موطن السياحة الصحراوية. كيف ترى المستقبل القريب؟ أنا بطبعي متفائل ولكن هذا التفاؤل يقتضي توضيح الرؤية. لكن الحكومة لا تملك عصا سحرية؟ كلنا نعي ذلك حتى الوزراء المكلفون رغم أننا لا نعلم طبيعة التركيبة والكل يعلم أيضا أن السنوات الأربع الأخيرة كانت كارثية على المستوى الاقتصادي وبالطبع على المستوى الاجتماعي لأن التهديدات والملاحقات التي طالت رجال الأعمال من أصحاب المؤسسات أثرت على العمال ومناخ العمل ولا داعي للعودة إلى التفاصيل. ما هي الإجراءات المطلوبة على مستوى مناخ الأعمال والاستثمار؟ الإجراءات المطلوبة لا ينبغي أن تتأخر بالنظر إلى حنكة السيد الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية. على مستوى مديونية أصحاب النزل ثمة أرقام مفزعة .كيف يعالج الأمر؟ أنا أنطلق من نزل نموذجي في نفطة حيث اقترض صاحبه مليون دينار فأثقلته البنوك بأربعة مليارات واضطرت هذه البنوك وبعد الفوائض المشطة وغير المدروسة إلى بيع النزل بأقل من قيمة الدين بحيث خسر الجميع في النهاية إلا البنك.. عمليا كيف يمكن تسوية الإشكال مع البنوك؟ الإجراء العملي والشجاع يتطلب "تنفيس" رجال الاستثمار وأصحاب النزل من خلال طرح الديون وهذا الإجراء الشجاع سيوفّر انطلاقة أخرى مثلما حدث آخر الثمانينات عندما جاءت السلطة وطرحت الديون وشجعت على السياحة. مع العلم أن رئيس الحكومة السيد الحبيب الصيد قد اشتغل على الملفات الفلاحية من قبل .المهم أن تتوفر الشجاعة والجرأة. ووضع كل المسائل على الطاولة ونبدأ من جديد في الإصلاح والإجراءات لا تتطلب استشارات موسعة. عمليا وفي القطاع السياحي مثلا، كيف نستعيد ملايين السيّاح؟ لا بد من إرساء مناخ من الثقة وللرفع من ميزانية الإشهار وتيسير عمل وكالات الأسفار وأصحاب النزل خاصة في السياحة الصحراوية والحال أن نسب تراجع الحجوزات مذهلة ومربكة كما أنه لا بد من إعادة النظر في المسائل الاجتماعية ومع الضمان الاجتماعي بطرح المتخلد بالذمة مثلا حتى ننطلق وننجح من جديد. ولكن ما هو المطلوب من رجال الأعمال والمستثمرين في القطاع السياحي للتواصل مع الإجراءات الشجاعة؟ عندما تتخذ الحكومة الجديدة هذه الإجراءات الشجاعة تعود الثقة إلى رجال الأعمال والمستثمرين فيقبلون على الاستثمار والتجديد وإعادة النشاط للنزل وعندها يتكاثف المجهود مع وكالات الأسفار وعندها تعود الحركية السياحية المعهودة هذا إلى جانب الاحتكام إلى برنامج تنشيطي وربط السياحة بالثقافة والمهرجانات. كيف ترى انعكاس وضع السياحة على المتدخلين فيه وخاصة العمال؟ هذا القطاع يشغل مئات الآلاف ونتساءل هنا عن وضعيات العائلات في النزل المغلقة وعددها يتجاوز 220 نزلا ولا بد من طرح الديون لأن في ذلك أملا لهذه العائلات في الخروج بأبنائها من البطالة. دافعتم عن الاستغلال الأمثل للأراضي الفلاحية "الاشتراكية" في توزر والجنوب، فما هو المطلوب من وزارة الفلاحة الآن؟ الأمر يتجاوز وزارة الفلاحة إلى وزارة أملاك الدولة وعلى الحكومة القادمة - ورئيسها يعلم جيدا تفاصيل المشاكل الفلاحية - أن تتخذ عدة إجراءات ثورية واستعجالية ومنها "تمليك" العائلات والشبان للأراضي حتى ينكبوا على زراعتها واستغلالها الاستغلال الأمثل لأنها إلى الآن أراض مهملة رغم خصوبتها. ولنعد إلى إجراءات اتُّخذت زمن خير الدين باشا ثم بورقيبة عندما تم فسخ ديون الفلاحين فأقبلوا على العمل والاستثمار في المجال الفلاحي. كيف ترى علاقة الأعراف بالعمال في الأيام القادمة؟ لا ننكر الدور الإيجابي لقيادة المنظمات الراعية للحوار في تيسير الخروج بالبلاد من بؤر التوتر ولكن الحوار لا بد أن يتواصل بين اتحاد الأعراف واتحاد الشغل والحكومة القادمة على قاعدة هدنة اجتماعية تيسّر السبل لبعث الثقة وطمأنة المستثمرين في الداخل والخارج لأن المستثمرين لا يقبلون على بعث المشاريع في بلد تهدده الإضرابات يوميا.