السيّد راشد الغنوشي ومن ورائه كل قيادات الصف الأول من حركة النهضة يسابقون الزمن منذ أعلنت الولاياتالمتحدة كذبا وبهتانا ما أسمته بإعلان الحرب على الإرهاب ومنذ أن فشل مشروع الإخوان المسلمين في سوريا وتم اجتثاثه في مصر للتنصل من إرث الثلاث سنوات إن لم نقل الثلاثة عقود التي تورّطت خلالها حركة النهضة في ملف صناعة الإرهاب واستثماره من أجل تحقيق مكاسب سياسيّة لها ولتنظيمها العالمي. من لازمة "التدافع الاجتماعي" إلى ملزومة "الوحدة الوطنيّة" بعد لازمة "المصالحة الوطنيّة" و"الوحدة الوطنيّة" ومن قبلها مصطلحات "التوافق" و"التعايش" و"الوئام" التي عوضت مفاهيم "التدافع الاجتماعي" و"الصحوة الإسلامية" "والصراع الهووي" و"الصراع ضد العلمانيّة". هاهو رئيس النهضة وشيخ شبابها يرفع في درجة التراجع السياسي مناورة لا المراجعة الفكرية قناعة وهو يملأ المنابر بتصريحات عنترية حول الحرب على الإرهاب وكأنه بذلك يؤكد تلك القاعدة القائلة "يكاد المريب يقول خذوني"، معتمدا تكتيك المزايدة على جميع القوى السياسيّة في إعلان الحرب على الإرهاب كما سبق وزايد عليها في الحديث عن فضائل الحوار الوطني والتوافق بعد أن فشلت معركة الشرعيّة الانتخابية. ففي تصريح جديد له يستبق به "المسيرة الدوليّة ضد الإرهاب" التي لا شك أنه سيدفع خلالها بكل مريديه وخاصة الوجوه التي لطالما كانت في مقدمة المحرضين على العنف والتكفير والداعين للجهاد في سوريا الذي فرّخ كل الإرهاب الذي استوطن البلاد لتصدر صفوفها الأمامية والتقاط صور عدسات وسائل الإعلام الدوليّة لتبييض مواقفهم، حيث أكّد في تصريحه "أن من يمولون الإرهاب هم أعداء الحرية والديمقراطية و الخائفون من النموذج التونسي" و أنهم "سينطحون رؤوسهم في جبال شامخة"، و اعتبر "أن الأطراف التي توجه الاتهامات لشركائها في الدولة و الدستور عوض أن توجه الاتهام للإرهابيين هي أطراف تستثمر في الدماء". لن يجرؤ الغنوشي أسئلة نوجهها إليك السيّد راشد الغنوشي ومن ورائه قيادات النهضة صقورا وحمائم وكتاكيت صغار يتوقف عليها استعداد كلّ التونسيين لتصديق كل كلمة أعلنها في تصريحه وهي مشروطة بطلب بسيط "أن تسميّ طرفا واحدا من الأطراف الذين اعتبرتهم أعداء الحريّة والديمقراطيّة والخائفون من النموذج التونسي ممن يمولون الإرهاب ويجندون الإرهابيين ويقدّمون الفتاوى لهم ويسلحونهم ويدربونهم على كل أنواع القتال وحروب العصابات ضد الجيوش النظاميّة ويوفرون لهم المعلومات الاستخباراتية. فهل تجرؤ؟ هل تجرؤ على تسمية دولتي قطر والسعوديّة اللتين تمولان الإرهاب ؟ هل تجرؤ على تسمية أسماء شيوخ الإرهاب الذين يفتون للشباب بالقتال ويحرضونهم على الجهاد في سوريا مثل القرضاوي وغنيم واللوز وشورو والجوادي والخادمي والبشير بن حسين والعبيدي وغيرهم كثر من أصدقائك ؟ هل تجرؤ على تسمية الدولة التركيّة التي لطالما بشرت التونسيين بنموذجها الديمقراطي الحداثي الإسلامي التي تستقبل الإرهابيين التونسيين في مطاراتها وتدربهم وتسلحهم وترسلهم إلى سوريا ؟ هل تجرؤ على تسمية وكالات المخابرات الدوليّة التي توفر للارهابين المعلومات الاستخباراتيّة الدقيقة والخطط العسكرية بل وسهلت لهم عملية السيطرة على مدينة بحجم الموصل ومدن كاملة في سوريا ومكنتهم من استنزاف الجيش السوري بعمليات معقدة لثلاث سنوات؟ هل تجرؤ على تسمية الحاضنة الإيديولوجية والفكرية الاخوانيّة التي تبرر إرهابهم وتعتبره ردة فعل على الاستبداد ؟ هل تجرؤ على تسمية اكبر ماكينات التضليل الإعلامي للرأي العام العربي والدولي قناة الجزيرة القطرية وأخواتها من قنوات التكفير والتحريض والتي تخصصت في تبييض الإرهاب والإرهابيين وتبرير عملياتهم الإجرامية ؟ وبما أنّك لن تجرؤ ببساطة لأنك وحزبك جزء من هذه الشبكة الإرهابية المعقدة التي زرعت في المنطقة والتي يقودها حلف عميل أوكلت له مهمّة تلويث الحراك الثوري العربي الذي انطلق شعبيا اجتماعيا ديمقراطيا من تونس قبل أن يتم اختطافه وتغيير مساره الديمقراطي الاجتماعي المناضل من أجل الاستقلال الوطني نحو الفوضى الخلاقة، مقابل تسليم تنظيمك الاخواني السلطة عوض الحكومات المتهاوية ومنحه أوراق اعتماد بدرجة وكيل حصري لمصالح القوى الاستعمارية في المنطقة بمباركة الماما الأمريكية واللوبي الصهيوني، فرجاء كفّ عن تصريحات النفاق فلم يعد في رصيد عند هذا الشعب المسكين ما يسمح له بتصديقك إلا من عميت بصائرهم قبل أبصارهم أو ممن ارتضوا اقتسام غنيمة السلطة معك. تجار الدمّ هم تجار الدين أما اعتبارك أن الأطراف التي توجه الاتهامات لشركائها في الدولة و الدستور (والمقصود هنا التهم التي وجهتها الجبهة الشعبية والأحزاب الديمقراطية وقوى المجتمع المدني بما فيها جزء من قيادات شريكك في السلطة نداء تونس إلى حركة النهضة في الإرهاب وطنيا وإقليميا ) عوض أن توجه الاتهام للإرهابيين (وقد وجهته إلى الإرهابيين عندما كنت وحزبك وحكومتك الأولى والثانية تعتبر الإرهابيين أبناءك الذين يذكرونك بشبابك ويبشرون التونسيين بثقافة جديدة ) واتهامها بكونها أطراف تستثمر في الدماء وبأنها أصوات غير مقبولة" وهي تهمة مردودة عليك فالوفاء للقادة الشهداء وكل أبناء الشعب التونسي الذين سقطوا على أيدي أبنائك المبشرين بثقافة جديدة على المجتمع التونسي، ثقافة الموت والاغتيال والسحل في الشوارع والتصليب والتقطيع من خلاف وقطع الرؤوس والتأكيد على ضرورة كشف الحقيقة في اغتيالهم وإماطة اللثام عن كل من نفذ ومن تواطأ ومن حرض ليست متاجرة بالدم بل هي السبيل الوحيد لبناء مصالحة حقيقية في البلاد ومن ثمة إعلان وحدة وطنية حقيقية لا منافقة وانتهازية بين المجرم والضحيّة.. وبما انك تصر على الحديث عن "تجارة الدم" فلتعلم أن المتاجرين الحقيقيين بالدم هم "تجار الدين" وسماسرة السياسة باسم الإسلام والجهاد الذين قبضوا ثمن إرسال الآلاف من الشباب التونسي إلى المحرقة السورية بتواطؤ من حركتكم وحكومتكم وبتمويل قطري وسعودي وتركي تحت مسمى الجهاد والدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية التي لم تؤمنوا بها يوما، وهم نفسهم من يتبرؤون اليوم منهم ويزايدون على الجميع بالدعوة إلى اجتثاثهم.