الرائد الرسمي.. صدور تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    الرئيس الايراني.. دماء أطفال غزة ستغير النظام العالمي الراهن    "حماس" ترد على تصريحات نتنياهو حول "الاستسلام وإلقاء السلاح"    ماذا في لقاء وزير السياحة بوفد من المستثمرين من الكويت؟    القيروان: حجز حوالي 08 طن من السميد المدعم    تصفيات كأس العالم 2026.. الكشف عن طاقم تحكيم مباراة تونس وغينيا الإستوائية    6 علامات تشير إلى الشخص الغبي    هام/ مجلس وزاري مضيّق حول مشروع قانون يتعلق بعطل الأمومة والأبوة    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    ذبح المواشي خارج المسالخ البلدية ممنوع منعًا باتًا بهذه الولاية    عاجل/ قتلى وجرحى من جنود الاحتلال في عمليتين نوعيتين نفّذتهما القسّام    اختفى منذ 1996: العثور على كهل داخل حفرة في منزل جاره!!    شوقي الطبيب يُعلّق اعتصامه بدار المحامي    وزير الفلاحة يفتتح واجهة ترويجية لزيت الزيتون    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    عاجل : مطار القاهرة يمنع هذه الفنانة من السفر الى دبي    دراسة : المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    هل الوزن الزائد لدى الأطفال مرتبط بالهاتف و التلفزيون ؟    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    العجز التجاري يتقلص بنسبة 23,5 بالمائة    تعرّف على أكبر حاجّة تونسية لهذا الموسم    عاجل/ السيطرة على حريق بمصنع طماطم في هذه الجهة    نبيل عمار يشارك في الاجتماع التحضيري للقمة العربية بالبحرين    الإعداد لتركيز نقاط بيع نموذجية للمواد الاستهلاكية المدعمة بكافة معتمديات ولاية تونس    منطقة سدّ نبهانة تلقت 17 ملميترا من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    أعوان أمن ملثمين و سيارة غير أمنية بدار المحامي : الداخلية توضح    تفاصيل القبض على تكفيري مفتش عنه في سليانة..    سوسة: تفكيك شبكة مختصّة في ترويج المخدّرات والاحتفاظ ب 03 أشخاص    الخميس القادم.. اضراب عام للمحامين ووقفة احتجاجية امام قصر العدالة    كل التفاصيل عن تذاكر الترجي و الاهلي المصري في مباراة السبت القادم    وادا تدعو إلى ''الإفراج الفوري'' عن مدير الوكالة التونسية لمكافحة المنشطات    كأس تونس: تحديد عدد تذاكر مواجهة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    فتح تحقيق ضد خلية تنشط في تهريب المخدرات على الحدود الغربية مالقصة ؟    مطار قرطاج: الإطاحة بوفاق إجرامي ينشط في تهريب المهاجرين الأفارقة    الرابطة الأولى: الكشف عن الموعد الجديد لدربي العاصمة    منحة استثنائية ب ''ثلاثة ملاين'' للنواب مجلس الشعب ...ما القصة ؟    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    باجة: خلال مشادة كلامية يطعنه بسكين ويرديه قتيلا    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    مدنين: انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق    تونس: 570 مليون دينار قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويّا    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    مبابي يحرز جائزة أفضل لاعب في البطولة الفرنسية    برشلونة يهزم ريال سوسيداد ويصعد للمركز الثاني في البطولة الإسبانية    أخبار المال والأعمال    مع الشروق ..صفعة جديدة لنتنياهو    الاحتفاظ بنفرين من أجل مساعدة في «الحرقة»    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عشرات القتلى والجرحى جراء سقوط لوحة إعلانية ضخمة    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فحوى خطاب الحبيب الصيد أمام مجلس النواب
نشر في حقائق أون لاين يوم 03 - 04 - 2015

يستمع مجلس نواب الشعب، خلال الجلسة المنعقدة اليوم الجمعة 3 أفريل 2015، إلى رئيس الحكومة وأعضائها.
وتحدث رئيس الحكومة الحبيب الصيد في كلمة ألقاها أمام المجلس عن التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه البلاد مبرزاً الإجراءات التي ستتخدها الحكومة ومشيراً إلى ضرورة تحسين الإنتاجية في تونس خصوصاً بعد التدهور الذي شهدته خلال السنوات الأخيرة.
وفي ما يلي النص الكامل لكلمة الحبيب الصيد:
"إنّ التحدّيات المطروحة كانت جلية لنا منذ تحمّلنا مسؤولياتنا.
وقد بادرنا بالقيام بتشخيص دقيق للأوضاع في مختلف الميادين والمجالات الأمنية والاقتصادية والمالية والاجتماعية.
وقد كنّا بيّنا منذ تكوين الحكومة أنّ بسط الأمن والاستقرار يأتيان في مقدّمة التحديات المطروحة، بالنظر إلى التهديدات الإرهابية القائمة، والأوضاع في محيطنا، وما يتّسم به من اضطرابات، ومظاهر عنف وفوضى، وباعتبار أنّ الإرهاب هو ظاهرة إقليمية وعالمية تتخطّى الحدود والقارّات.
كما أكّدنا أنّنا نخوض حربا شرسة ضدّ الإرهاب لصيانة النظام الجمهوري والمسار الديمقراطي وحماية مجتمعنا واستكمال الظروف الملائمة للاستثمار ودفع عجلة التنمية.
إنّ الحرب ضدّ الإرهاب حرب طويلة تتطلّب طول النفس والتضحية واليقظة المستمرّة والجاهزية الدائمة والوحدة الوطنية المقدّسة والوقوف صفّا واحدا وراء المؤسستين الامنية والعسكرية.
إنّ العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت متحف باردو تبيّن ما يواجهه وطننا من أخطار جمّة، بهدف زعزعة أمنه واستقراره، وبثّ الفوضى.
وقد كان هدف العملية الارهابية غير المسبوقة، قتل أكثر ما يمكن، وضرب معنوياتنا، واستهداف القطاع السياحي، والاقتصاد الوطني بصفة عامة.
وإن كانت حصيلة العملية الارهابية ثقيلة فإن سرعة وخبرة وشجاعة قواتنا الأمنية حالت دون وقوع حصيلة أثقل.
وقد تولّينا التعمّق في ملابسات العملية الارهابية والظروف المحيطة بها وتقييم ما حصل من أخطاء وتقصير، واتّخذنا الإجراءات اللازمة في الإبّان.
ولن تنال هذه العملية من عزمنا على القضاء على دابر الإرهاب، إلى جانب خوض معركة البناء والتنمية والتقدّم.
وقد كان ردّنا على هذه الجريمة الإرهابية الغادرة سريعا قاصما، من خلال العملية النوعية التي نفّذتها وحدات الحرس الوطني بمنطقة سيدي عيش بولاية قفصة. وقد تمكّنت خلالها من القضاء على عدد من أخطر العناصر الإرهابية القيادية، وفي مقدّمتهم الإرهابي خالد الشايب المكنّى بلقمان أبو صخر، الذي كان المدبّر والمخطط لعديد العمليات الإرهابية.
وينضاف هذا النجاح الى نجاحات أخرى، تمثّلت بالخصوص في عمليات استباقية مكّنت من تفكيك خلايا إرهابية نائمة، وإيقاف عشرات الإرهابيين، والقضاء على عناصر إرهابية خطيرة، واكتشاف مخابئ لأسلحة حربية.
ولا يفوتني أن أشيد بالتضحيات الجسيمة التي ما انفكّ يقدّمها أبطال المؤسستين الأمنية والعسكرية في مكافحة هذه الظاهرة، وفي حماية مؤسسات الجمهورية والذود عن حُرمة الوطن.
وأثمّن هبّة التونسيين والأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني، للتعبير عن وقوفهم ضدّ الإرهاب.
وأشير في هذا الخصوص الى المسيرات الشعبية التي انتظمت بمختلف أنحاء البلاد خلال الأيام التي تلت حادثة باردو، وكذلك مسيرة الأحد الحاشدة للتنديد بالإرهاب، المسيرة التي شارك فيها قادة دول وحكومات شقيقة وصديقة. ونحن نشكرهم على تضامنهم مع تونس.
إنّ هذه الحكومة، ماضية في جهودها لمكافحة الإرهاب بكافة أشكاله دون هوادة، وستسخّر كافّة الإمكانيات المتاحة لذلك.
وقد عملنا منذ تسلّمنا مهامنا، على دعم العمل الأمني، لا سيما من خلال تعزيز التنسيق والتكامل بين المؤسستين الأمنية والعسكرية على مختلف المستويات.
كما بادرنا باقتراح تطوير المنظومة القانونية المتّصلة بمحاربة ظاهرة الإرهاب، والتصدي لمختلف العوامل المساعدة على وجودها، وخاصة العامل المتعلّق بمصادر التمويل.
وتمّ في هذا الشأن إحالة مشروع القانون الأساسي المتعلّق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال على مجلسكم الموقّر.
وسنعمل خلال هذه الفترة على إتمام المرحلة الأولى من خطة تدعيم الترتيبة الدفاعية بين رأس جدير والذهيبة، بما يدعم القدرات العملياتية لوحدات جيشنا الوطني في مجال مقاومة الإرهاب وحماية حدودنا مع ليبيا الشقيقة.
وسنعرض في الأيام القادمة على مجلسكم الموقّر مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على قوّات الأمن الداخلي والقوّات المسلحة العسكرية.
وبالإضافة إلى ذلك بادرنا، بالخصوص، بإقرار دعم حماية المناطق السياحية في كامل تراب الجمهورية، وتوسيع النسيج الأمني ليشمل كافّة المؤسسات العمومية والمناطق الحساسة، وإحكام مراقبة نقاط دخول المدن والخروج منها.
كما تمّ إقرار تنظيم اجتماعات دورية على المستويين المركزي والجهوي بين المؤسستين الأمنية والعسكرية، وتشديد المراقبة على الشريط الحدودي مع ليبيا بحواجز مادية إلى جانب الاستعداد لمواجهة تطوّرات الوضع في ليبيا وتداعياته الانسانية.
وسنواصل العمل على تجفيف منابع الإرهاب واسترجاع كافة الجوامع والمساجد التي بقيت خارج سيطرة الدولة، والتي يعتلي منابرها أناس يبثّون خطابا تكفيريا يحرّض على الكراهية والبغضاء، علاوة على غلق المساجد التي بُنيت بطريقة فوضوية ودون ترخيص، في انتظار تسوية وضعياتها القانونية.
إلى جانب التحدّي الأمني، فإنّه لا يخفى عليكم أنّ بلادنا تعيش أوضاعا اقتصادية ومالية واجتماعية صعبة، وهو ما يبرز من خلال عديد المعطيات والمؤشرات التي سبق لي استعراضها في عدّة مناسبات.
من ذلك تراجع نوايا الإستثمار في الصّناعات المعمليّة ب 25.3./. وانخفاض الاستثمارات التي يفوق حجمها 5ملايين دينار ب 62.1./. وتراجع الإستثمارات المصرّح بها في مناطق التنمية الجهوية ب 46./. .
وتراجعت الاستثمارات ذات المساهمة الأجنبية في القطاع الصناعي ب 58.3./. .
كما بلغ عجز الميزان التجاري مستوى قياسيا ليناهز 13.7 مليار دينار وارتفعت المديونية لتصل الى 53./. من الناتج المحلّي الإجمالي.
وتفاقم عجز الصناديق الاجتماعية من ناحيته ليصل الى 1100 مليون دينار. كما ارتفعت نسبة البطالة لدى حاملي الشهادات العليا لتناهز 32./. من جملة العاطلين عن العمل.
وعلى هذا الأساس لا بدّ أن ندرك جميعا أنّ هذه المرحلة هي مرحلة إنقاذ، فعلينا إيقاف تدهور الأوضاع الاجتماعية، والنزيف الذي يهدّد عديد القطاعات والأنشطة.
ومرحلة الإنقاذ هي مرحلة لا بدّ منها، للمرور إلى مرحلة انعاش الوضع الاقتصادي والمالية العمومية، واستعادة عافية وحيوية مختلف القطاعات.
وحتى نكون واضحين فإنّنا لا نملك عصا سحرية لمعالجة هذه الأوضاع المستعصية بين ليلة وضحاها.
ونحن لا ندّعي أنّنا سنفضّ كلّ الإشكاليات المطروحة بجرّة قلم. لكن في المقابل يحدونا العزم والاصرار حتى نكون في مستوى الأمانة، وحتى نعيد للتونسيين والتونسيات الأمل، والثقة في الحاضر والمستقبل.
من هذا المنطلق اعتمدنا منهجيّة تنقسم إلى إجراءات عاجلة وفوريّة، وإلى إعداد خطّة مستقبلية، ترتكز على إصلاحات عميقة وهيكلية تندرج في إطار رؤية وأهداف واضحة.
وسأكتفي في هذه الكلمة الموجزة باستعراض عيّنة من الإجراءات والإصلاحات كمقدّمة للحوار معكم في هذه الجلسة ، باعتبار أنه ستجمعنا لقاءات قادمة للتعمّق في مختلف جوانب التمشي المنتهج وحصيلته وآفاقه.
مع الإشارة أنّ السادة الوزراء يتولّون خلال هذه الأيام بالذّات تباعا تقديم وتحليل الإجراءات والبرامج الخاصة بكلّ وزارة، من خلال ندوات صحفية للغرض.
وحرصا على معالجة الاشكاليات التنموية الملحّة بالسّرعة والنجاعة المرجوّتين، فقد بادرت بمعيّة أعضاء الحكومة بالقيام بزيارات إلى مختلف مناطق البلاد ستتواصل على امتداد الأسابيع القادمة.
وتمثّل هذه الزيارات مناسبة للحوار مع المواطنين والفاعلين في الجهات، والاطّلاع على مشاغلهم وانتظاراتهم، ومعاينة الواقع التنموي بصعوباته وعقباته وتعقيداته.
كما انطلقت الحكومة في دراسة الإشكاليات التنموية في الجهات، في إطار سلسلة مجالس وزارية ستشمل كافّة الولايات، في نطاق مقاربة تهدف بالخصوص إلى تذليل الصعوبات التي عطّلت تنفيذ الكثير من المشاريع في عديد القطاعات، وإقرار آليات جديدة للتسريع في إنجازها، وتدعيم مقوّمات التنمية الجهوية والمحلّية.
وقد أولينا قطاع البنية الأساسية أهمية خاصّة باعتبار ذلك شرطا أساسيا لدفع الاستثمار وإنجاز المشاريع وتحسين مستوى العيش ونوعية الحياة.
وعلى سبيل المثال فقد وضعت الحكومة ضمن أولوياتها العاجلة:
- التسريع في نسق تقدّم الأشغال بالطرقات السيارة (الطّول الجملي 385 كلم بكلفة تقدّر بحوالي 1500 م .د).
- التسريع في نسق تقدّم اشغال 13 مشروعا متعثّرا للطرقات
- تهيئة 622 كلم من المسالك الريفية ب 9 ولايات
- استئناف الاشغال ببنايات مدنية هامة متوقفة منذ مدة على غرار:
§ المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيات بالقصرين
§ توسعة قطب الغزالة لتكنولوجيات الاتصال بمنطقة النحلي
§ مواصلة استكمال مكوّنات الأقطاب التكنولوجية (بنزرت وسوسة والمنستير) عبر الشروع في بناء مراكز الموارد التكنولوجية.
أمّا في ما يتّصل بقطاع الصناعة فقد أقرّت الحكومة عديد الإجراءات العاجلة على غرار:
-استحثاث نسق الاستثمار والإحاطة بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة من خلال :
* الانطلاق في تنفيذ برنامج لإعادة الهيكلة المالية للمؤسسات التي تعاني من صعوبات مالية ظرفية من خلال تفعيل تدخلات صندوق دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة (50 مؤسسة مستهدفة خلال المائة يوم)
* تنفيذ برنامج جديد يستهدف متابعة وتسريع إنجاز حوالي 600 مشروع مصرّح به لدى وكالة النهوض بالصناعة والتجديد ب 10ولايات داخلية (programme d'Accélération de la Création PAC PME)
* إحداث خلية وطنية على مستوى وزارة الصناعة والطاقة والمناجم للإحاطة بحوالي 300 مؤسسة صغرى ومتوسطة (Programme SOS PME)
وبالتوازي تمّ إقرار عديد الإجراءات ذات البعد الاجتماعي، تشمل مجالات السّكن الاجتماعي، والإحاطة بالعائلات المعوزة والفئات ذات الاحتياجات الخصوصية، والصحة.
كما وضعت الحكومة في سلّم أولوياتها الحفاظ على القدرة الشرائية.
وتمّ تفعيل اللجنة الوطنية واللجان الجهوية للتحكّم في الأسعار، وذلك إلى جانب تكثيف المراقبة الاقتصادية، ومقاومة التهريب والتجارة الموازية. وهو جهد يتطلّب المثابرة، وتدعيم الآليات الملائمة، وتطوير التشريعات.
وفي نطاق العناية بالإطار الحياتي للمواطن تتركّز الجهود على مجابهة الاشكاليات البيئية المطروحة.
وتمّ في هذا المجال الانطلاق في تنفيذ برنامج للقضاء على المصبّات العشوائية، وحلّ معضلة النفايات بجزيرة جربة. وستشهد الأشهر المقبلة تركيز وحدة لضغط النفايات ولفّها بكلفة تناهز 2.6مليون دينار.
ويبقى توفير مناخ اجتماعي سليم أولوية ملحّة، باعتبار ذلك شرطا أساسيا للتفرّغ للعمل والإنتاج، وحفز الاستثمار وإحداث المشاريع.
وعلى هذا الأساس أكّدت الحكومة التزامها بتفعيل الاتفاقيات الممضاة مع الاتحاد العام التونسي للشغل التي تبلغ انعكاساتها المالية 210مليون دينار، وذلك في إطار استمرارية الدولة والإيفاء بتعهّداتها.
كما تتواصل في هذا الشأن المفاوضات مع المنظمة الشغيلة بخصوص الزيادات في أجور أعوان الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية بالنسبة إلى سنة 2014.
ونستعدّ للشروع في مفاوضات ستشمل سنتي 2015و2016.
ونؤكّد في هذا السياق حرصنا الدؤوب على ترسيخ تقاليد الحوار والتشاور والتوافق، مع كافة الأطراف الاجتماعية، وفي طليعتها الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
بقدر الحاجة إلى إجراءات فورية وبرامج عاجلة لمجابهة الاشكاليات القائمة في المجالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها، فإنّه لا مناص من إرساء رؤية واضحة للمرحلة المقبلة، وإقرار إصلاحات متوسطة وطويلة المدى، تكون نتاج حوار معمّق، وتوافق بين مختلف القوى والأطراف الوطنية.
وتتأكّد في هذا المضمار أهمية بلورة منوال تنموي للسنوات القادمة.
والمنوال المنشود هو ضرورة حيويّة، يحتّمها تقييم الواقع التنموي الرّاهن، وانتظارات وتطلّعات التونسيات والتونسيين.
وقد بيّنت مختلف الدراسات محدودية المنوال التنموي المنتهج، وعدم قدرته على تلبية الحاجيات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة.
ومن مرتكزات المنوال التنموي المنشود، المراهنة على الأنشطة ذات القيمة المضافة في قطاعات الفلاحة والصناعة والسياحة والخدمات وغيرها، وفي المجالات ذات المحتوى المعرفي والتكنولوجي، على غرار تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي.
وإنّ الواجب والمسؤولية يمليان علينا مثلما أشرت في مناسبات سابقة تحقيق انتقال اقتصادي، يرتكز على الاستثمار في القيم الثابتة، ومنها بالخصوص الموارد البشرية والبُنى التحتية والبحث العلمي، إلى جانب دفع نسق المشاريع العمومية المهيكلة، وتعميق الإصلاحات الأفقية والقطاعية، لإكساب الاقتصاد الوطني المناعة اللازمة، وتأهيله لمزاحمة الاقتصاديات المنافسة، واستقطاب المزيد من رؤوس الاموال وفرص الاستثمار.
وستكون لنا مواعيد للتعمّق في مختلف منطلقات ومحاور وأهداف المنوال التنموي والمخطط الخماسي القادم.
لا بد من التأكيد أن الإجراءات والإصلاحات مهما كانت قيمتها وأهميتها تبقى منقوصة إذا لم تقترن بالزيادة في الإنتاج، وتحسين الإنتاجية.
ولا مناص من أن نصارح بعضنا بأنّ مستوى الإنتاج والإنتاجية قد شهد في السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا، وبأنّ القدرة التنافسية لنسيجنا الاقتصادي بدأت تتقلّص وتتآكل، وبأنّ عديد الميزات التفاضلية بالمقارنة مع بلدان مشابهة شهدت انحسارا لا مناص من تداركه قبل فوات الأوان.
كما أنّ تعطيل آلة الإنتاج في عدد من القطاعات قد وصل حدّا لم يعد بالإمكان غضّ الطّرف عنه، وترك الحبل على الغارب، لأنه يُمثّل تهديدا خطيرا لقدرات الاقتصاد الوطني وللاستثمار وللتشغيل.
ويكفي في هذا السياق الإشارة، إلى أنّ تعطّل إنتاج الفسفاط يسبّب خسارة سنويّة للاقتصاد الوطني لا تقلّ عن 1500 مليون دينار.
وعلى جميع الأطراف المعنية أن تتحمّل مسؤولياتها كاملة، وأن تضع المصلحة الوطنية فوق الاعتبارات والحسابات الحزبية والفئويّة.
كما أنّ من مسؤولية الدولة، تأمين السير العادي لوحدات الانتاج، والتصدّي لكلّ التجاوزات ومظاهر التسيّب والفوضى، مع ضمان الحقّ في التظاهر القانوني والاحتجاج السلمي.
إننا في حاجة ماسّة إلى هبّة وطنية، تنطلق من وعي عميق بصعوبة المرحلة وتحدّياتها ومتطلّباتها، وتُراعي المصلحة العليا للوطن، وتُدرك المخاطر المحدقة به، وتعيد الاعتبار لقيم العمل والكدّ، وتنبذ التقاعس والتهاون.
وإنّنا من ناحيتنا لحريصون على تهيئة الظروف الملائمة للتفرّغ لهذه المهام الجسيمة، وذلك بالخصوص من خلال ترسيخ تقاليد الحوار والتشاور مع كافّة الأطراف الوطنية، وتوفير الإطار التشريعي والترتيبي الملائم، وتعزيز مناخ الأمن والطمأنينة، وتكريس مبادئ دولة القانون، والحفاظ على الحريات العامة والفردية، وإعلاء قيم الكفاءة والجدارة، ومقاومة المحسوبية والفساد، وتأمين مقوّمات الحوكمة الرشيدة."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.