كشف وزير الخارجية طيب البكوش اليوم الاثنين أن "أطرافا تونسية" عطلت عملية الإفراج عن الدبلوماسيين التونسيين العشرة الذين كانوا مختطفين في ليبيا، معلنا أن الوزارة سوف تقدم للقضاء التونسي "قرائن" تورّط هذه "الأطراف" التي رفض ذكرها بالاسم. وقال طيب البكوش في ندوة صحفية بمقر الوزارة ان "أطرافا تونسية ساهمت في تعقيد الوضع" بعد ان اتصلت بالمسلحين الليبيين الذين اختطفوا موظفي القنصلية التونسية بالعاصمة طرابلس، وحثتهم على عدم اطلاق سراحهم ما لم يتم الافراج عن الليبي وليد القليب الذي كان موقوفا في تونس على ذمة القضاء. وردا عن أسئلة ملحة من الصحافيين حول هوية هذه "الأطراف"، أجاب وزير الخارجية "ليسوا سياسيين بل مواطنين" قبل أن يستدرك قائلا "صعب كثيرا ان تفرق بين السياسي وغير السياسي" اليوم في تونس. وأضاف "سوف نقوم ببحث لتحديد المسؤوليات (..)، لنا قرائن سوف نمد بها العدالة". وفي 12 جوان اقتحم مسلحون مرتبطون بميليشيات فجر ليبيا التي تسيطر على العاصمة طرابلس، مقر قنصلية تونس واختطفوا 10 من موظفيها. وبحسب وزير الخارجية التونسي، ينحدر الخاطفون من منطقة مصراتة التي تقع على بعد 200 كلم شرق العاصمة طرابلس، وهم تابعون لكتيبة يقودها ابن أخ وزير العدل الليبي في حكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا. وقد نقل الخاطفون موظفي القنصلية الى معقلهم في مصراتة، وفق الطيب البكوش.
ولم يفرج الخاطفون عن الدبلوماسيين إلا بعد إصدار محكمة الاستئناف بتونس العاصمة قرارا مساء 17 جوان بتسليم وليد القليب إلى القضاء الليبي بناء على طلب في هذا الشأن من حكومة طرابلس. وتم الافراج عن 3 موظفين يوم 17 جوان وعن السبعة المتبقين يوم 19 من الشهر نفسه. وكانت تونس أوقفت وليد قليب فور دخوله اراضيها في 17 ماي الماضي من أجل جريمتيْ "الانضمام الى تنظيم ارهابي" و''اختطاف شخص باستعمال السلاح" وفق بيان "المرصد التونسي لاستقلالية القضاء" (غير حكومي) الذي لم يوضح ان كانت هذه الجرائم مرتكبة في تونس ام خارجها. وافاد الطيب البكوش انه منذ ايقاف القليب في تونس، اختطف مسلحون "أكثر من 300 تونسي" في ليبيا و"أرادوا مقايضتهم بوليد القليب لكننا رفضنا، وتوصلنا الى إطلاق سراح جميع المختطفين". وقال ان الخاطفين "أهانوا" الموظفين "وهددوا بعضهم بالقتل" بعد أن رفض القضاء التونسي طلب محامي القليب بالإفراج عنه. ووصف الخاطفين بأنهم "شبان ليس لهم تكوين ديني ولا أخلاقي ولا سياسي، وبعضهم كان من قطاع الطرق ثم انضم الى فجر ليبيا" قائلا "كثير من قطاع الطرق يصبح سلفيا وداعشيا وقاعديا". واضاف ان وزراء الخارجية والداخلية والاعلام في حكومة طرابلس حلوا بتونس بعد عملية اختطاف موظفي القنصلية، وقدموا اعتذارات وطالبوا بتسليم وليد القليب بموجب "اتفاقية الاعلانات والانابات القضائية وتنفيذ الاحكام وتسليم المجرمين" التي وقعتتها تونس وليبيا سنة 1961. وابلغ الوزراء الليبيون المسؤولين التونسيين بأن عناصر الأمن المكلفين بحراسة القنصلية التونسية في طرابلس "لم يكونوا موجودين ساعة حصول الاختطاف، لأنهم كانوا في صلاة الجمعة" حسب ما اعلن طيب البكوش.
وكانت حكومة مهدي جمعة اغلقت السفارة والتمثيليات القنصلية التونسية في ليبيا إثر تدهور الاوضاع في هذا البلد الذي تتنازع على السلطة فيه حكومتان وبرلمانان. وبعد تسلم حكومة الحبيب الصيد مقاليد الحكم في 6 فيفري 2015 فتحت تونس قنصلية في طرابلس بعد تعهدات بحمايتها من حكومة الغرب الليبي. وقد رفضت حكومة الشرق الليبي المعترف بها دوليا طلبا تونسيا بفتح قنصلية في منطقة "البيضاء" (شرق) وأبلغت وزارة الخارجية التونسية انها غير قادرة على ضمان أمن القنصلية وطاقمها، وفق الطيب البكوش. ويقيم في ليبيا اليوم "حوالي 150 الف تونسي يتمركز 80 بالمائة منهم غرب البلاد" بحسب وزير الخارجية طيب البكوش الذي قال ان وزارته تنوي فتح مكتب قنصلي في معبر ''راس الجدير" الحدودي المشترك بين تونس وليبيا . ولفت الى ان التونسيين المقيمين بليبيا بإمكانهم "التنقل" الى هذا المعبر. واضاف "ممكن أن نتعاون مع دول أخرى صديقة لها تمثيليات دبلوماسية في ليبيا لرعاية مصالح جاليتنا هناك". واشار الى ان قرار غلق القنصلية التونسية في طرابس "كان باقتراح من وزارة الخارجية وبموافقة رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة"..